الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل عام الى مفهوم القراءة الأدبية

لمجيد تومرت

2005 / 12 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما مفهوم القراءة ؟ سؤال إشكالي، تماما كالأسئلة الإشكالية الأخرى (ما الأدب ؟ ما الفلسفة ؟ ما السياسة؟...الخ.
المؤكد، في تحديد المفاهيم الكبرى، هو اختلاف الدارسين في التعريف تبعا لاختلاف المرجعيات الثقافية والمنهجية والنظريات التي يستند عليها كل باحث ودارس بما في ذلك اختلاف الإيديولوجيات والمرجعيات السياسية ...
في هذا المدخل العام، سأحاول أن أسهم بتحديد نظري لمفهوم القراءة ،وهو عادة ما نقددمه لتلاميذ شعبة الباكالوريا آداب عصرية كمدخل لدراسة إحدى أهم وحدات المقرر الدراسي لمادة النصوص الأدبية "قراءة النص الأدبي، و ذلك على الشكل الآتي :
- القراءة لغة هي تتبع المكتوب أو المخطوط وتحويله إلى مقول ملفوظ مسموع من اجل الإمساك بمعناه ومحتواه.
- القراءة كمفهوم واصطلاح نقدي، وكما يتداوله النقاد والباحثون تعنى تعدد الرؤى وزوايا النظر في التعاطي والتعامل مع النص أو الأثر الأدبي وتحليله على اعتبار أن النص كائن حي له شكل وهيكل وعناصر مكونة له تتفاعل وتتعالق فيما بينها لتشكل بنية متكاملة ديناميكية . و القراءة بهذا المفهوم ليست عملية آلية خطية أو فعلا بسيطا يستلزم متابعة بصرية لسطور النص ودواله ، وهي ليست تلك القراءة التقبلية التي تقف عند حدود النص/ الخطاب لا تتجاوز عتبة الشكل والقراءة الأحادية الدلالة ، بل إنها فعل خلاق ،هي سفر في دروب ملتوية متشابكة من الدلالات التي نصادفها حينا ونتوهها أو نتخيلها حينا آخر بل ونبدع في بنائها وتركيبها من خلال عملية التفكيك والتجميع والهدم والبناء وعملية التأويل داخل النص أو الخطاب من اجل عملية تركيب جديدة . القراءة بهذا المفهوم إذن عملية إبداع ثان على إبداع المِؤلف . والقارئ بهذا المفهوم مساهم بالقوة وبالفعل في إنتاج المعنى ،شرط أن يكون هذا القارئ متمكنا من أدوات القراءة الضرورية، وهو ما يسميه الناقد د.محمد مندور بثقافة الناقد ، سواء تعلق الأمر بعلوم الآلة كما يسميها اللغويون( من نحو وصرف وبلاغة وعروض )وبالمناهج النقدية العلمية التي يستند عليها كمرجعيات كالعلوم الإنسانية من فلسفة ومنطق وأساليب الاستدلال من استقراء أو استنباط وعلم نفس وعلم اجتماع وعلم التاريخ وحفريات ولسانيات (بمختلف فروعها ) .. مع الأخذ بعين الاعتبار ،اختلاف المدارس والمناهج في كل تلك العلوم بحسب اختلاف منطلقاتها النظرية وحتى الأيدلوجية ..كما لا يجب أن تستثنى الثقافة الفنية والجمالية للقارئ (في مجال الموسيقى والتشكيل والمعمار والسينما..) في مقاربة أي خطاب نظرا لما بين النصوص الأدبية ومختلف الفنون من علاقات تداخل وتناص ..و لا شك أن لعامل البيئة والانتماء الطبقي والاجتماعي أثره البالغ في أي إبداع أو أي قراءة ...ولعل اختلاف القراءات بن النقاد والدارسين بل وحتى القراء العاديين ترجع إلى اختلافهم في ما ذكرت من مرجعيات ..ولا شك أن النص الأدبي الجيد هو ما تنوعت قراءاته ومقارباته مهما اختلف القراءة مع مقصدية صاحبه ،لسبب بسط هو أن النص حين ينتجه المؤلف يصبح ملكا للقراء وهذا ما يسميه" رولان بارط" بموت المؤلف .
هناك ثلاث مستويات لقراءة ومقاربة النص الأدبي يمكن تحديدها فيما يلي وبإيجاز شديد:
- 1 – قراءة النص الأدبي في إطار شروط إنتاجه (نفسية أو اجتماعية أو تاريخية )
وقد تنوعت المقاربات في هذا المستوى بحسب النظريات الكبرى المعروفة في علم النفس كما تأثر بها النقاد، بين المدرسة التكوينية والسلوكية والجشتالتية ومدرسة التحليل النفسي الفرويدية ..وفي النقد النفسي والاجتماعي والتاريخي تنوعت القراءة بين الوضعية (اوكيست كونت) والمادية التاريخية /الماركسية والبنيوية التكوينية (لوسيان كولدمان وغر امشي ..)
- 2 - قراءة النص الأدبي باعتباره بنية أو نسقا ونظاما له قواعده الخاصة ،وذلك بالاستناد على اللسانيات الحديثة ..وتقوم هذه القراءة على اعتبار النص نظاما ونسقا لغويا يتشكل من مجموعة من العناصر المتعالقة فيما بينها لتشكل بناء النص ، وهي الأصوات والمعجم والتركيب الذي يشكل الجملة ( نحو وصرف وبلاغة) . وتركز هذه الدراسة على عنصر التواصل باعتبار اللغة أداة له مع الوقوف على الدلالة السطحية دون العميقة .وقد ظهر هذا الاتجاه في النقد عند الغرب متأثرا بالدرس اللغوي اللساني عند "فيردنوند سوسير"
- 3 – قراءة النص باعتباره رسالة أو خطاب من مبدع إلى متلقي(في إطار نظرية التلقي في النقد المعاصر).و قد تولد هذا النوع من القراءة عن طريق الحوار التواصل والتراكم الذي حصل بين مختلف المناهج والعلوم الإنسانية والتفاعل داخل المعرفة البشرية بعد
الحرب الكونية الثانية ،وكذلك نتيجة للتقارب الذي وقع بين الماركسية والبنائية ...ويدخل هذا التيار ضمن ما يعرف بالسيميوطيقا ..و ينعت بالنقد السيميائي (من السيميولوجيا) التي تهتم بدراسة العلامات وكذا نظرية التواصل في اللسانيات الحديثة ،مع مراعاة ما يتحكم في كل ذلك من خلفيات عامة كانت ولا تزال تساهم في كل هذه المقاربات وهي إما ابستمولوجية /معرفية أو ثقافية أو أيديولوجية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟