الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطية العبيد

يوسف الأخضر

2016 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن أي إيديولوجيا كيفما كان توجهها تشرع مع الوقت في تنزيل "منطق"ها الخاص و تلغي أي "منطق" آخر، وهذا يعني أن بعض الأقليات ستعاني في صمت في ظل تصاعد صوت الآخر المغتر بذاته و بشعاراته التي تجد مجالا خصبا لانتشارها، فتأخذ هذه الشعارات دلالات و معاني تستمد عمقها من قلب الواقع المعاش لتحرفه مع الوقت لواقع ترغب فيه الأغلبية كي يساير شعاراتها و نسق تفكيرها.
إن القرارات السياسية التي تستمد شرعيتها من خلال إيديولوجيا معينة لا يمكن لها مراعاة و مواساة ما يرغب فيه كل فرد في المجتمع، فتضحي بالبعض من أجل البعض الآخر، و تعلي شأن البعض على البعض الآخر، مما يؤدي إلى انقسامات فكرية داخل نفس المجتمع و يخلق هوة بين أفراده بطريقة مباشرة تؤدي في الأخير إلى رفض الآخر و احتقاره معنويا.
إن الإيديولوجيا تعمل على آلية خطيرة بحيث يُستنزف من خلالها الاختلاف الحتمي و الضروري داخل المجتمع، فتحوله قسرا لمنظومة قومية تسارع الزمن لفرض سلوكاتها و سن قوانين زجرية ضد كل محاولات الاختلاف و التميز خارج نطاقها المسموح به، هكذا تعمل الأحزاب الإسلامية في دولنا المثقلة بأعبائها الاقتصادية و تراكمات ديونها الخارجية على الاستمرار في شعاراتها الداعية إلى وحدة مجتمعية تحت لواء واحد لا يقبل التعدد و الاختلاف، فيستخدمون بذلك الدين لتحريك مشاعر الأفراد و خلق نوع من التعاطف مع ما ينادون به من أجل تأسيس دولة الحق و القانون، فأي حق هذا الذي يدعو إلى إنكار الآخر أو على الأقل إلى كبت رغباته و تقويمها كي تلائم قانون ما يخص البعض ولا يلزم بالضرورة البعض الآخر.
إن الدين هو موروث لكل الإنسانية و كنز إنساني يفتخر به المتدين كما الغير المتدين، فهو عمق الإنسان الضارب في التاريخ، و هو لبنة من لبنات تطور الإنسان الذي كان ضروريا من أجل خطوة نحو المستقبل، مما يجعل الحديث عن أحزاب أو فصائل مجتمعية أو حتى جمعيات المجتمع المدني، التي تستخدمه من أجل أغراض كيفما كانت، يعد هراءً وغاية في الغباء، لأن الدين يُعرف من ذاته لا من خلال الأفراد، فهو تلك الشمعة البعيدة التي أنارت طريق الإنسان قديما فحمل من نورها قليلا ثم أتى بالمصباح وهجا آخر لدربه الطويل، فرأفة بالمصباح يا أحزاب الشموع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي