الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كبر الولد

عطا مناع

2016 / 9 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عطا مناع

ما الفرق بين سوريا وفلسطين وكل التراب العربي؟؟؟ لا شيء سوى الثابت المتغير، والثابت هي المجزره، أما المتغير فهو المكان والزمان والزاوية التي نستعرض بها الوجع الموحد.

أن ترحل بوجعك لسوريا لا يعني انك تشيح النظر عن اليمن أو العراق، وان تجاهر بالوجع وديمومة الموت والقهر الفلسطيني لا يعني انك نسيت المجزرة المستمرة في سوريا واليمن وسائر وطننا العربي الحبيب.

أحيانا نستحضر العام لتصل إلى الخاص، وأحيانا أخرى يفرض الخاص نفسه على المشهد، والخاص هنا ليس أنت أو أنا وإنما عذابات الإفراد التي تكثف المشهد بكل صفاقه.

المنطق السائد يتطلب أن نتوسع في الرؤيا، كأن نعلن أن ألامبرياليه والصهيونيه والرجعية العربية دفعت سوريا للوراء اقتصادياً وتنموياً عقدين من الزمن، والمنطق يقول لنا ركزوا على الوضع المستعصي في فلسطين حيث الأزمة المالية التي تجاوزت العشرة مليارات دولار كعجز في الميزانية، وقد يفكر إخوتنا في العراق واليمن بتعمق في المجازر التي يرتكبها النظام السعودي بحق شعب اليمن وأطفاله.

ملخص الكلام أن الشعوب العربية مستهدفه من الداخل والخارج، وبالطبع أشكال الاستهداف تتغير لكنها تقود لنتيجة واحده وهي الاقتلاع والطمس والتطهير والتجهيل والتجويع وما شئتم من إشكال موت سريع وبطيء خطط لها الأجنبي وإذنابه.

هنا فلسطين، هنا بلاد الشام، وبتحديد أكثر هنا المخيم والولد الذي يكثف المشهد في الوطن العربي، المشهد واضح لا لبس فيه، ففي المخيم يعيش الولد الاشتباك، والاشتباك تحدث عنه المعلم البوصله غسان كنفاني، حيث يأتي إلى الدنيا ويعلن الاشتباك مع كل شيء، مجرد أن يفكر الولد في الاشتباك لا يروق للاحتلال، هذا يتطلب القضاء على الروح الحرة المتمردة التي تسكن الولد، والقضاء على الروح يعني إما التصفية الجسدية أو التنكيل والسجن أو احداث الإعاقة أو كل ما سبق، هذا ما يحدث في فلسطين.

هنا فلسطين هنا مخيم الدهيشه إذا شئتم، والحكاية في المخيم بسيطة، عقود من اللجوء تخللها كر وفر للسيطرة على روح الولد، وهذه المرة الولد اسمه رمزي أبو عجمية، حال رمزي كحال الأولاد والفتيان في فلسطين وسوريا واليمن والعراق أبو الحضارات، رمزي كغيره من الأولاد ينحدر من عائله فقيره لكنها خاضت الاشتباك مع كل ما تفكرون به، عائلة رمزي خاضت الاشتباك مع شح المياه، وكغيرها من عائلات اللجوء كان اشتباكها الأكبر مع لقمة العيش والمساعدات التي كانت وكالة الغوث تقدمها للاجئين بعيد النكبة الكبرى عام 1948 .

مع هبة القدس الاخيره التي ابتلعت المئات من الفلسطينيين الصغار كبر رمزي، رمزي أصبح هدفاً لأنه يتقن الاشتباك كولد وكأنه ورث الاشتباك بالجينات، رمزي ولد ولا يمكن أن نسميه بالبطل كما تعودنا نحن الفلسطينيين في إظهار أطفالنا كأبطال وليس ضحايا للاحتلال كأن نستعين بوسائل التكنولوجيا بوضع الكلاشنكوف على كتف الولد الشهيد ، ليس هذا موضوعي لكن مضمون الاشتباك يختلف من شريحة لأخرى.

أعود بكم لرمزي، قبل أشهر داهم جنود الاحتلال بيت عائلة رمزي، عمر رمزي14 سنه، لم يكن رمزي في البيت وبذلك أصبح مطارداً للاحتلال، في اليوم التالي وضعت لافته على مدخل المخيم تعلن الولد كأصغر مطلوب للاحتلال، شكل آخر من أشكال الاشتباك لقد كبر الولد قبل الأوان.

لا تنتهي حكاية الولد هنا، فقبل أكثر من شهر أو اقل، داهم جنود الاحتلال المخيم فما كان من الولد إلا الاشتباك، وكما تعلمون كان الاشتباك غير منصف للولد الذي امتشق وسام البطل وكلمات كان يرددها جده الذي عرفه المخيم وبالتحديد الجيل الذي انتمي إليه، فجدة كان يشتبك بالكلمة ولا زال، لسان حال الولد الذي امتشق وسام البطولة الذي انتزع منه طفولته يردد كلمات جده التي تقول: طفله تحت العريشه ما بترضى العار حيوا مخيم لدهيشه كتيوشا حجار.

لم تنتهي حكاية الولد وكأننا في حضرة الاسطوره التي يتشبث بها الفقراء ليستعينوا على ضعفهم، في تلك الليلة والاشتباك استهدف جندي إسرائيلي الولد برصاصة في رجله، كان ذلك قبل أكثر من شهر، ثم عالجه جندي آخر برصاصه في رجله الثانيه، ويقول الأولاد أن ولداً آخر حاول مساعدته فعالجوه برصاصتين في رجليه.

خضع الولد للعلاج كما غيره من العشرات الذين استهدفت أرجلهم، بعد وقت قصير عاد لمنزل العائله ليفتح المجال لآخرين عاشوا الاشتباك، الولد عاجز عن الحركه بسبب الاصابه، عندها جاء الاحتلال الليلة الماضيه لاعتقال الولد العاجز عن الاشتباك بسبب إصابته، اعتقلوه وشيعه أترابه بالاشتباك الذي يليق به.

هي حكاية الولد والمخيم، هو حال أطفالنا في فلسطين وسائر عالمنا العربي، لكنني نسيت أن أقول أن الولد الذي يعيش الاشتباك في الوقت الراهن يشكل امتداد طبيعي لأولاد أتقنوا فن الاشتباك فمنهم من احتضنته الأرض ومنهم من كبر وشاخ وأصبح كحالنا نشتبك مع الأولاد في داخلنا معولين على أم فلسطينيه تنجب لنا ولداً ينصف الولد الذي يعيش في داخلنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا


.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية




.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت