الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة والنشأة

الشدادي عزالدين

2016 / 9 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفلسفة والنشأة

كلما قمنا بتفحص تاريخ الفلسفة مهتمين ، متخصصين أو دارسين وجدنا وبدون أدنى شك شبه إجماع على أن ظهور الفلسفة ونشأتها ارتبطت بالحضارة اليونانية لاعتبارات عديدة وأسباب شتى ، وربط البداية هنا (بداية الفلسفة ) باليونان ليس انتصارا لتوجه ما أو إقصاء لحضارة ما خصوصا حضارات الشرق القديم ( بلاد الرافدين – حضارة وادي النيل – الحضارة البابلية والآشورية ) ، بل عكس ذلك هو إعلان وبشكل صريح عن ظهور نمط خاص من التفكير حاول جمع خصائص كل هذه الحضارات وإخراجها في قالب وحيد أساسه العقل والحجاج والاستدلال .
فكيف ظهرت الفلسفة في اليونان ؟
ما هي العوامل التي ساهمت في ظهورها ؟
ما مدى استفادتها من حضارات الشرق القديم ؟
ما هي مميزات هذه الفلسفة كنمط تفكير عقلاني ومنطقي ؟

إن الحديث عن النشأة يقودنا بشكل مباشر إلى الوقوف عند دلالة لفظة فلسفة التي هي يونانية من حيث الأصل ذات اشتقاق لغوي من كلمة فيلوصوفيا philosophia التي تعني " محبة الحكمة " أي النظر في المسائل الكبرى للكون بغية معرفة العلل والمبادئ الأولى ، وقد دأب العديد من المؤرخين على الاقرار بأن بداية الفلسفة ارتبطت بالعقلانية اليونانية ، مع عدم إنكارنا طبعا لحضارات الشرق القديم التي لعبت دورا فعالا في استمرار هذه النشأة وامتدادها إلى حدود اليوم ، وهذا لا يعني الاقرار بوجود فلسفة قبل يونانية بل فقط وضع تصورات وافتراضات تربط الفلسفة اليونانية بهذه الحضارات .
إن ميلاد الفلسفة إذن كان يونانيا مشروطا بعوامل سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، ثقافية ، وتاريخية نلخصها في :
 الانتقال من فكر أسطوري إلى فكر عقلاني
 الانتقال من نمط رعوي إلى نمط تجاري- صناعي
 الانتقال من حكم استبدادي إلى حكم ديمقراطي
 انتشار واسع للعلوم ( الفلك ، الرياضيات ..)
كلها عوامل ساهمت وبشكل مباشر غير قابل للشك في بلورة فكر جديد ، مستقل ذو طابع عقلاني واستدلالي ، نقدي وإشكالي جعل من أثينا مهدا للفكر والحرية ، ومذ القدم ( القرنين 5-6 ق.م ) بزغت بوادر هذا التفكير(الفلسفة ) الذي كان تعبيرا صارخا عن الحكمة والحرية في الفكر والإقبال على كل ما هو غريب وغير مألوف وغير قابل للنقاش ، مع طرح لأسئلة ذات طابع ميتافيزيقي تعنى بالكون والوجود وبداية الخلق والعالم .
وعلى أساس هذه النشأة أصبحنا اليوم أمام فلسفات تعود من حيث الأصل والمنهج إلى الحضارات الشرقية التي ذكرناها سابقا .
فما هي إذن ملامح استفادة اليونان من حضارات الشرق القديم ؟
يعد الشرق القديم منبعا للعديد من الحضارات التي تأثرت بمعتقداته روحا ومعتقدا ، فقد زار أفلاطون وطاليس مصر للمعرفة والدراسة وبعدهما العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والعلوم ، وقد تميزت حضارات الشرق القديم بعمقها التاريخي والروحي والحضاري ، وكذا شموليتها للعديد من المسائل الحياتية ( الدينية ، السياسية ، الاجتماعية ، الأخلاقية ، الاقتصادية ،،) ، ومن بين هذه الحضارات نذكر :
 حضارة ما بين النهرين
 حضارة وادي النيل
 الحضارة السومرية
 الحضارة البابلية والآشورية
والحقيقة أننا مدينون للحضارات القديمة بما نحن عليه اليوم من تقدم في شتى المجالات العلمية والاقتصادية ، فمنها أخذنا الزراعة والكتابة والقانون والطب ،،،
إذن كخلاصة لما ذكرنا ، أن سؤال النشأة ارتبط بعوامل عديدة وشروط كثيرة ، فهو لم يكن اعتباطيا أو ميكانيكيا ، بل كان امتدادا لحضارات جعلت من اليونان مهدا للفكر والفلسفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه