الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلاف والاختلاف وأشياء أخرى

قحطان محمد صالح الهيتي

2016 / 9 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قال أمير الشعراء أحمد شوقي في مسرحية" مجنون ليلى”:
-
ما الذي أضحك منّي الظبياتُ العامرية
ألأني أنــا شــــيعيٌ وليلى أموية ؟!
اختلافُ الرأي لا يُفسد ُللود قضية!
-
هل كان العاشق صادقا الى الحد الذي قال فيه قوله هذا متحديا اختلاف المذهب ؟ وهل حقا أن اختلاف الآراء أمر طبيعي عند أبناء آدم وحواء ؟ وهل صدقوا فيما قالوا: "الناس فيما يعشقون مذاهبُ"؟
-
في الحقيقة إن اختلاف الآراء أمر طبيعي بين البشر، ويحدث حتى داخل البيت الواحد، بشرط الا يتحول الى خلاف؛ فالخلاف نِزَاعٌ، وخُصُومَةٌ، وفيه قطيعة وتسفيه وتجريم وطعن. وقد يصل الى التكفير والرجم والقتل، عندها نخدع أنفسنا حين نقول:" اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية".
-
ومع إن الاختلاف ضد الاتفاق، ولكن في ظله تتقدم العلوم وتنشأ الحضارات، وتزدهر المدارس الفكرية وتنشط فيه المذاهب الفلسفية وغيرها. والمجتمع الذي لا تنمو فيه ثقافة الاختلاف مجتمع جامد سقيم؛ فالاختلاف رحمة كما ورد في الحديث الشريف: "اختلاف أمتي رحمة."
-
والاختلاف في الرأي غير خاضع لمشيئة وإرادة الإنسان كما في قوله تعالى:{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}. لقد خلق الله الناس مختلفين في عقائدهم وقربهم وبعدهم منه فقال تعالى:{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}عليه فليس غريباً اختلاف البشر في الأفكار والتصورات والمعتقدات والعادات والتقاليد ولكن الغريب حقاً محاولة البعض جعل الناس كلهم يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة ومعتقدات واحدة وقيادة واحدة.
-
إن على كل منّا أن يفهم، بأن ليس كل ما يُعجبه سيُعجب الآخرين، وليس كل ما يؤمن به من أفكار ومعتقدات يكون له لدى الآخرين نفس الاعتقاد، وليس كل ما يراه صحيحا هو في نظر ورؤية الآخرين كذلك. وليس كل ما يراه في مفهومه خطأ يكون خطأً في مفهوم الآخرين.
-
وعلينا ألا نختلف في أن من حقّ أي إنسان أن يحبّ ما يشاء، وأن يكره ما يشاء، ولكن ليس من حقه أن يفرض ما يحب وما يكره على الآخرين ليكونوا صورة مكررة منه، كما أنه ليس من حقه أن يقف موقف العداء مع الآخرين في حالة الاختلاف معه، أو أن يُسفّه آراءهم ومعتقداتهم وأذواقهم.
-
وفي الختام أتمنى ألا يكون اختلاف الرأي سبباً للتعادي والتخاصم، بل ينبغي أن يستثمر للتسامح من خلال حسن التعامل مع الآخرين وأن يتقبل الواحد منّا رأي الآخر برحابة صدر، عوضا عن العداوة والتشدد. وأن نسترشد بقول الإمام الشافعي: " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، والعمل على وفق ما يسمى بالقاعدة الذهبية عند فقهاء المسلمين وقولهم: "نجتمع فيما اتفقنا فيه، ويرحم بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطاب يجب ان يوجه الى من هو مصاب بمرض الطائفية
علي عدنان ( 2016 / 9 / 27 - 09:44 )
نحن لانفرق صديقي العزيز !!!! سواد شعبنا لايضيره ان يكون جليسه او جاره او صديقه او نسيبه او شريكه من غير طائفته !!!! ولكن هناك مرضى يسمونهم سياسيي الصدفة وهم من المتاسلمين لايمكن ان يتصدروا المشهد او ان يتم انتخابهم او حتى ان يستطيعوا العيش خارج قوقعة حقدهم الطائفي الاهوج
وجه خطابك الى هؤلاء المرضى الحاقدين والمهوسين بالعداء للاخر وليس الى شعبنا المتلى

اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك