الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أي دور للدين في سياق التطور التنموي والديموقراطي الشامل؟
سامر أبوالقاسم
2005 / 12 / 26العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
![](https://www.ahewar.org//debat/images/fpage/art/6.jpg)
لا أحد يختلف حول وهن وتبعية مجتمعنا . والكل متفق على أننا ضعفاء ، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا ، وأننا مغلولو الإرادة ، مقيدون بإملاءات الغير ومصالحه . لكن لا أحد يمكنه إنكار الحركية الدائبة والمستمرة ، التي يعرفها مغربنا ، في إطار مطالبة القوى الديموقراطية ومحاولتها الخروج بالبلاد من الأزمة ، التي تمكنت من أغلب الفئات والشرائح الاجتماعية الدنيا والمتوسطة . من خلال البحث عن سبل تجاوز المعيقات ، والإجابة على الإشكالات الحقيقية في مختلف مناحي العيش .
وقد بدأت ، في الآونة الأخيرة ، تتبلور شروط فرض نسبي لخيار المشروع المجتمعي ، ذي الأبعاد الثلاث : التنموي الشامل ، والديموقراطي الشفاف ، والحداثي المعقلن . وذلك بالرغم مما يمكن أن يقال في شأن التفاوتات الحاصلة على مستوى الإرادات ، أو على مستوى درجات المفارقة القائمة بين الممارسة والخطاب .
لكن البعض منا ، هنا بالمغرب ، بدل أن يعمل على التفكير والاجتهاد بهدف توفير شروط الحل السياسي العملي والبديل التنموي الممكن ، تبنى شعار "حتمية الحل الإسلامي" ، وتحدث ، وأسال المداد في إطار تمجيد هذا الشعار، واعتبره المفتاح السحري ، الذي سيحل كل المشاكل ، ويسد كل ثغرات السياسات المنتهجة سابقا ، ويطعم كل الجائعين ، ويشغل كل العاطلين ، ويأوي كل المشردين ، ويكفل كل المحتاجين ! وقد استمد فهمه هذا ـ حسب نظره ـ من الصحيح المستمد من القرآن الكريم والسنة ، وحدد أدواره ، ثم أخذ يسعى للقيام بها ، من خلال أوسع مساحة ممكنة يتيحها الهامش الديمقراطي.
وقد جعل من "إحياء الدين" في صفوف الجماهير، و"مد اليد" و "التقرب" من أجهزة الدولة ، ومواجهة " أعداء الدين " المفترضين داخل الوطن ، أهدافا له سعى إلى تحقيقها من خلال مد جسور التواصل مع سائر المسلمين في البلدان الإسلامية ( البحث عن مصادر التمويل ) ، وبناء المساجد ( المقرات ) وتعميرها ، والقيام بالوعظ ( الشحن ) وتقديم النصيحة ، وممارسة الخطاب الإعلامي ( التحريض ) والعمل على التوعية ، والانتشار في الأرض ( التوسع ) وتنظيم الخرجات الدعوية . فازداد بذلك عددًا وعدة ومؤسسات .
وها هو ذا واقع البلدان الإسلامية ، ( سواء في الماضي أو الحاضر ، والله أعلم بما نستقبله من الأيام ) ، شاهد من منطلق الممارسة التجريبية والعملية ومؤكد ، أن هذا الشعار وهذه الأهداف لم تتجاوز سقف الخطابة السياسوية الضيقة . إذ يتبين للناس ، يوما بعد يوم ، أن الشعار وحده لا يطعم ، ولا يسكن ، ولا يشفي ، ولا يدرس ، ولا يغني... وقد اتضح أن حجم المتطلبات من جهة ، والإكراهات الداخلية والخارجية من جهة أخرى ، هو أكبر بكثير من تبني أو حمل شعار ، والدخول به في حقل المزايدة السياسية .
فهذا الشعار ، لم يكن له سوى أن أتاح لأصحابه الفرصة للصراع على مراكز القرار داخل مؤسسات المجتمع والدولة من جهة ، وللدعوة إلى تنميط المجتمع والإنسان المغربيين ، على الشاكلة التي كان يحيى بها العرب قديما في شبه الجزيرة العربية ، ونسخ تلك العادات بشكل مطابق للأصل ، سواء على مستوى المأكل أو الملبس أو المسكن ... من جهة ثانية ، بالإضافة إلى أنه مكنهم من استيراد بعض تجارب الشرق الفاشلة ، التي لم يكن بإمكانها أن تجني على المغرب والمغاربة سوى ما حصل من أفعال إجرامية ، يوم 16 ماي 2003 بالدار البيضاء.
كل هذا يتم بالاعتماد على " أصول عريقة " ، مستندة إلى " المصدرين الأصليين الشريفين" : الكتاب والسنة ، وما " استمد " منهما عن طريق منهج " السلف الصالح " . بغض النظر عما تبلور لدينا في فكرنا الإسلامي المتنور ، من مقاصد عامة وكبرى ، متمثلة في قيم الحرية والمساواة والعدل ، أو ما يمكن تسميتها اليوم بالقيم الإنسانية الكونية ، على اعتبار أنها أصبحت قاسما مشتركا بين الإنسانية جمعاء . وبصرف الاهتمام عن غايات حفظ الثروة وتوزيعها العادل ، وحفظ وترسيخ الأمن والاستقرار ، والحرص على التنظيم المؤسساتي للمجتمع والدولة ، وبناء مفهوم المواطنة الكاملة ، وإشاعة روح التعاون والتضامن والتكافل . وفي غفلة من مقاصد التعارف والتبادل والتكامل والتلاقح على المستوى العالمي ، وتحقيق السلام الدولي والحماية اللازمة لحقوق الإنسان .
فهل بهذا الفهم والعمل ، يمكن اعتبار " الحل الإسلامي " " فريضة " و" ضرورة " ؟ أيجوز اعتبار ارتداء الزي الأفغاني أو السوداني أو الإيراني ..." فريضة " يوجبها الدين الإسلامي ؟ وهل يمكن اعتبار التقتيل والتذبيح ـ بما يزهق الأرواح ويفقد الإحساس بالأمن والاستقرار ـ " ضرورة " يحتمها الواقع المغربي ؟ وهل بمثل هذه السلوكات يتم إبراز بينات " الحل الإسلامي " والرد على المختلفين في التقدير والرأي من " علمانيين " و " متغربين " ...؟ أبمثل هذه الأساليب يمكن حل مشاكل المغرب والمغاربة ، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟
إن مثل هاته الممارسة لا تفهم سوى في نطاق تحويل العقيدة والشريعة إلى إيديولوجية ، تتخذ من التعبد وتعليل أحكام ومواقف " السلف " ذريعة ، وإلى تكتيك سياسي مصلحي ، يعتمد حسب الظروف والأحوال . وفي إطار تغييب ما يحدث من مستجدات في الواقع والعالم . وفي سياق حالة من التمذهب ، التي لا تفسر إلا بكونها تغليف لدواع وأهداف فئوية محددة وقاصرة . وهو ما يفسر التقلب في الموقف الذي وقع بخصوص قضية المرأة .
أفلا يمكن لهذا البعض منا أن يساعد في عملية الخروج من دائرة العجز عن الانخراط في عجلة التطور والتقدم ، ويقر بالإمكانيات الهائلة المتاحة من خلال مواقف الإسلام المتنور ، ويساهم في التغلب على عقدة الخوف ـ النفسية ـ التي تحول دون الانصهار في الثورة العلمية والحضارية الجارية في عالم اليوم ، ويعمل على المساهمة في التحرر من عقدة التفوق الماضوي واستيعاب ما يقع حولنا من تجدد على مستوى الواقع ومتطلباته وكذا إكراهاته ، الحالية والمستقبلية ؟
ألم يحن الوقت بعد لإدراك واستيعاب أن الإصلاح أو التغيير لن يتم إلا في إطاره الشمولي ، عبر الانخرط في سياق الحفاظ على أمن المجتمع من جهة ، والتضامن والتعاون مع الآخرين لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، التي تفرضها الإرادة القوية لإنجاز تنمية شاملة من جهة ثانية ، والتحول إلى قوة اقتراحية بمنظور ديموقراطي حداثي من جهة ثالثة .
أما زال الاعتقاد قائما ، بأن البعض أحرص من الآخر على الهوية ومقوماتها حين تطرح ضرورة الذهاب إلى التنمية ؟ وأنه أحرص على التحكم في الاجتهاد بنية التحكم في عملية التنمية ؟ وهل لا زال الاعتقاد سائدا بأن الديموقراطية وحقوق الإنسان هما فكرتين شيطانيتين تمارسان فعل الغواية على الناس ؟ وهل الاعتقاد لا زال ضاربا في الأرض ، لحد الآن ، بأن الصراع في العالم هو صراع ديني ، لا علاقة له بتوزيع الثروات وأسواق الاستهلاك ؟ وهل لا زلنا غير مستعدين لتجاوز سقف التخوف من تفسيخ أخلاقنا وعلاقاتنا وحضارتنا ؟
إن ما يفسر وهننا وضعفنا هو تخلفنا وأميتنا وجهلنا وتقوقعنا على ذواتنا . وتتمثل مداخل تجاوز الوضع المأزوم في تقوية جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، وذلك بتظافر الجهود ، والاجتهاد حسب الوسع ، وتحرير الطاقات الإنسانية الخلاقة والمبدعة ، وتحرير المجالات الواعدة ، واحترام الحق في الاختلاف وتدبيره.
فعلى الجميع أن يستوعب الدرس ، ويركز على الإشكال المركزي ، الذي ينبغي أن يتصدر أولويات تفكيرنا واجتهاداتنا ، الكامن في التحدي التنموي الشامل ، وتقليص الفروقات الاجتماعية الشاسعة ، ومحاولة الالتحاق بركب التقدم الحضاري المنجز، والتفكير بجد في الخيار السلمي لتحقيق التغيير المطلوب والمنشود بدل الاصطدام .
بلغة أخرى يمكن القول ، على البعض منا أن يفكر ويبدع في أشكال وطرق وكيفيات ربط القواعد الدينية بمتطلبات التنمية ، وتوضيح حدود العلاقة التي يمكن أن تقوم بين الدين والسياسة إن استطاع إلى ذلك سبيلا ، بدل الانغماس في بريق الشعار . إذ السؤال المطروح الآن : أي دور للدين في التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي ؟ وأي تشريع إسلامي للتنمية والديموقراطية والحداثة ، بمغرب اليوم ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 134-An-Nisa
![](https://i4.ytimg.com/vi/gsbqBA2bS8o/default.jpg)
.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم
![](https://i4.ytimg.com/vi/5NBOSTrzICk/default.jpg)
.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس
![](https://i4.ytimg.com/vi/N6W-sE39nkA/default.jpg)
.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي
![](https://i4.ytimg.com/vi/693TXahYq8I/default.jpg)
.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س
![](https://i4.ytimg.com/vi/CnWv7wjoi14/default.jpg)