الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الصليب الاجتماعي

يوسف شوقي مجدي

2016 / 10 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فلسفة الصليب ربما ليست لها علاقة واضحة باي عقيدة او طائفة تشمل قصة الصليب بين طياتها ، لكنها تمس حياة الانسان في نقاط كثيرة لانها تعني كثيرا بالمعاناة البشرية ، و كيفية التعامل معها، و المعاناة في ذاتها غير عقلانية و ليست لها معني واضح ، ربما عندما تتصل ببعض الموضوعات تظهر لنا عقلانية و سببية ، لكنها سرعان ما تفقد هذة الصلة الموضوعية فترجع الي ذاتيتها مرة اخري فمثلا :عند مرورنا بمعاناة ما باختلاف مستوياتها (و اشدد هنا علي هذا التعبير ، فلا يصلح ان نقول "عندما تمر معاناة علينا "و سأقول لماذا في النهاية) مثل :فقدان شخص عزيز و وجوب الطاعة و الامتثال لاحكام اجتماعية ليست لها معني او سبب ، في البداية ، نُصدم عندما نعرف الامر او نتيقن من حقيقته وربما لا نصدقه (معاناة غير عقلانية ) ثم نعمد في عقد الروابط السببية و الموضوعية بين المعاناة و موضوعاتها ، و اخيرا نسلك المسلك التجريدي ، فيتحول سؤالنا من الخصوصية الي العمومية ، فلا نعد نتسائل عن معاناتنا نحن ، و لكن عن المعاناة بشكل عام ، و هنا سنرتد الي لاعقلانية الالم و المعاناة ، و ربما لن نجد سببا لكل ما نمر به نحن و الاخرون الا اننا وُلِدنا من الاساس!.
يمكن ان نصنف الفلسفة التي نحن بصدد التكلم عنها ، انها فلسفة لاعقلانية ، لانها تقدم اطروحتها بدون اي دليل عقلي علي صحة مبادئها ، فهي فلسفة تعتمد علي التجربة البشرية ، و الكثير منا قد سأم العقل لانه لم يعد يقدم نتائج فعالة في حياة الفرد و لا اقول حياة الجماعة ، و عندما يتثني لنا ان نتعامل مع قضية غير عقلانية جربناها و شعرنا بنتائجها مثل المعاناة ، يجب ان نعالجها باسلوب من نفس نوعها اي اسلوب لاعقلاني تجريبي ، هكذا تتحدث تجربتي.
عندما تمر بمعاناة لا يوجد حلول قاطعة لتجنبها ،فلا تهرب من حمل هذا الصليب لان الهروب بالتأكيد يعني حمل صليب اخر ، و لعلك ستطلب من الاقدار ان تعبر عنك هذا الكأس ، لكنك يجب ان تشربه حتي النهاية ، فلا خلاصا من المعاناة الا بالخوض فيها و المرور علي كل جوانبها المؤلمة فتجعلها تُشكل فيك و ليس بترك المعاناة تمر هي عليك و انت كاره لها و لا تريد ان تنتفع منها ، و تحاول ان تهرب من الامها ، فبهذا لن تشكلك المعاناة لكنها ستشوهك ، فسر في طريق حتفك و مت! و الموت هنا ليس جسديا ، لكنه يوحي بالتحول و التغير ، فالانسان القديم الذي عاصر المعاناة قد مات و سيقوم انسانا جديدا و قد عملت المعاناة عملها و نجحت.
اسفل عنوان كتاب "هكذا تكلم زاردشت" توجد عبارة غريبة "كتاب للجميع و ليس لاحد" ، كتاب للجميع ، لان من يقرأه سيلاحظ الاسلوب الادبي الرائع و الجذاب لنيتشة حتي لو كان ذلك بدرجات متفاوتة ، و "وليس لاحد" لانه يستحيل علي تجربة انسان حياتية او فكرية اي تجارب نيتشة ان تطابق مع تجربة انسان اخر ، و انا بدوري سأحدد ايضا ، فلسفة الصليب تلك ليست لاحد اما ما اود ان اقوله للجميع :انه لا يوجد حل للمعاناة الا الحل اللاعقلاني النابع من الفرد المعاني نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟