الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسيحية في القرون الاولى (2_2(

محمد علي خليل

2016 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كما اتّضح آنفاً فإنّ الكنيسة وحتّى نهاية القرن الرابع الميلادي استطاعت من تثبيت التعاليم والعقائد الخاصة في حقيقة يسوع المسيح، أي كونه إلهاً وإنساناً في آن واحد، ولكن مع نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادي ظهرت مشاكل عقائدية كرستولوجية جديدة في تأريخ الفكر المسيحي، مثل مشكلة الاتحاد، فما أن قُبلت المساواة بين الأب والابن والروح القدس حتّى بدأ التساؤل: كيف يمكن فهم الاتحاد بين لاهوت الكلمة وناسوت يسوع؟ فكلمة الله أبدية، في حين أنّ يسوع وُلد وتألم ومات؟.
فإنّ الأساقفة وآباء الكنيسة لم يتنازعوا على مشكلة وجود اللاهوت في الناسوت في هذه الفترة، بل أنّ النزاع العقائدي الكرستولوجي بدأ يدور حول كيفية فهم عملية اتحاد الطبيعتين في يسوع المسيح، فكيف يمكن أن يكون ابن الله وابن الإنسان في آن واحد؟ وكيف تمت عملية الاتحاد؟ والسؤال الأهم: هل توجد طبيعتان أم طبيعة واحدة في شخص المسيح؟
ولعل السبب في هذه المشكلة يعود إلى أنّ الكنيسة والمجامع الكنسية لم تعين بعبارات محددة وواضحة وجه العلاقة بين الطبيعتين الإلهية والبشرية، وكذلك وجه الاتحاد بين اللاهوت والناسوت.
وللإجابة على هذه التساؤلات الصعبة في حقيقة شخصية المسيح وقعت مشاجرات كثيرة،وظهرت مذاهب وآراء مختلفة مما أدى إلى انقسام الكنيسة بسبب ذلك
أولا: عقيدة الطبيعة الواحدة:
لقد اتّبعت كنيسة الاسكندرية تعليم الطبيعة الواحدة (christologie unitaire)، وبحسب مفهوم المدرسة الاسكندرية فإنّه ليس في المسيح إلاّ طبيعة واحدة وأقنوم واحد، طبيعة الابن المتجسد(2).
ولكي نقف على حقيقة ما تقوله كنيسة الاسكندرية حول الطبيعة الواحدة للمسيح، نذكر ما كتبه البابا شنودة الثالث باب الاسكندرية في وقتنا الحاضر حول هذه المسألة المهمة جداً في كتابه "طبيعة المسيح" إذ يقول البابا:
"السيد المسيح هو الإله الكلمة المتجسد، له لاهوت كامل، وناسوت كامل، ولاهوته متحد بناسوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير اتحاداً كاملا اقنومياً جوهرياً تعجز اللغة أن تعبر عنه.
وهذا الاتحاد دائم لا ينفصل مطلقاً ولا يفترق، نقول عنه في القداس الإلهي "إنّ لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين"
ويضيف البابا عن كيفية هذا الاتحاد بقوله: الطبيعة اللاهوتية (الله الكلمة) اتحدت بالطبيعة الناسوتية التي أخذها الكلمة (اللوغوس) من العذراء مريم بعمل الروح القدس، فالروح القدس طهر وقدّس مستودع العذراء طهارة كاملة حتّى لا يرث المولود منها شيئاً من الخطيئة الأصلية، وكون من دمائها جسداً اتحد به ابن الله الوحيد، وقد تم هذا الاتحاد منذ اللحظة الأولى للحبل المقدّس في رحم السيدة العذراء.
وباتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية داخل رحم السيدة العذراء تكونت منهما طبيعة واحدة هي طبيعة الله الكلمة المتجسد
وأما عن تعبير أصحاب الطبيعة الواحدة (monophysites) فيقول:أولا: عقيدة الطبيعة الواحدة:
لقد اتّبعت كنيسة الاسكندرية تعليم الطبيعة الواحدة (christologie unitaire)، وبحسب مفهوم المدرسة الاسكندرية فإنّه ليس في المسيح إلاّ طبيعة واحدة وأقنوم واحد، طبيعة الابن المتجسد(2).
ولكي نقف على حقيقة ما تقوله كنيسة الاسكندرية حول الطبيعة الواحدة للمسيح، نذكر ما كتبه البابا شنودة الثالث باب الاسكندرية في وقتنا الحاضر حول هذه المسألة المهمة جداً في كتابه "طبيعة المسيح" إذ يقول البابا:
"السيد المسيح هو الإله الكلمة المتجسد، له لاهوت كامل، وناسوت كامل، ولاهوته متحد بناسوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير اتحاداً كاملا اقنومياً جوهرياً تعجز اللغة أن تعبر عنه.
وهذا الاتحاد دائم لا ينفصل مطلقاً ولا يفترق، نقول عنه في القداس الإلهي "إنّ لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين"
____________
ويضيف البابا عن كيفية هذا الاتحاد بقوله: الطبيعة اللاهوتية (الله الكلمة) اتحدت بالطبيعة الناسوتية التي أخذها الكلمة (اللوغوس) من العذراء مريم بعمل الروح القدس، فالروح القدس طهر وقدّس مستودع العذراء طهارة كاملة حتّى لا يرث المولود منها شيئاً من الخطيئة الأصلية، وكون من دمائها جسداً اتحد به ابن الله الوحيد، وقد تم هذا الاتحاد منذ اللحظة الأولى للحبل المقدّس في رحم السيدة العذراء.
وباتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية داخل رحم السيدة العذراء تكونت منهما طبيعة واحدة هي طبيعة الله الكلمة المتجسد
وأما عن تعبير أصحاب الطبيعة الواحدة (monophysites) فيقول:

بعد الشقاق الذي حدث سنة 451 م حيث رفضنا مجمع خلقيدونية وتحديداته اللاهوتية، عُرفنا بأصحاب الطبيعة الواحدة (monophysites) الذي أسي فهمه عن قصد أو غير قصد خلال فترات التأريخ، فاضطهدت هذه الكنيسة اضطهادات مروعة بسبب اعتقادها.
وعبارة "الطبيعة الواحدة" المقصود بها ليس الطبيعة اللاهوتية وحدها، ولا الطبيعة البشرية وحدها، إنّما اتحاد هاتين الطبيعتين في طبيعة واحدة هي "طبيعة الكلمة المتجسد"(2).
ولكن يبقى السؤال المهم هنا وهو: ما هي طبيعة هذا الاتحاد بين اللاهوت والناسوت؟ وكيف يمكن أن تتحد الطبيعتان فتصبح واحدة مع مغايرة طبيعة اللاهوت لطبيعة الناسوت؟
ويجيب البابا شنودة عن ذلك بقوله:
____________
1- نفس "المقصود (من طبيعة الاتحاد) أنّ وحدة الطبيعة هي وحدة حقيقية، فهي ليست اختلاطاً مثل اختلاط القمح بالشعير، ولا امتزاجاً مثل مزج الخمر بالماء، كما لم يحدث تغيير (في الطبيعتين) مثل الذي يحدث في المركبات، فمثلا ثاني أوكسيد الكربون فيه كربون وأوكسجين، وقد تغير طبع كل منهما في هذا الاتحاد وفقد خاصيته التي كانت تميزه قبل الاتحاد، بينما لم يحدث تغيير في اللاهوت ولا في الناسوت باتحادهما، وكذلك تمت الوحدة بين الطبيعتين بغير استحالة، فما استحال اللاهوت إلى الناسوت، ولا استحال الناسوت إلى لاهوت"(1).
ويضرب بعض الأمثلة حول هذا النوع من الاتحاد فيقول: مثال اتحاد الحديد والنار، ففي حالة الحديد المحمى بالنار، لا نقول هناك طبيعتان: حديد ونار، إنّما نقول حديد محمى بالنار، فلا توجد هناك استحالة، فلا الحديد يستحيل إلى النار، ولا النار تستحيل إلى حديد، ولكنهما يتحدان معاً بغير اختلاط ولا امتزاج، كذلك نقول عن طبيعة السيد المسيح، إله متأنس، أو إله متجسد، ولا نقول إنه اثنان إله وإنسان، وهي طبيعة واحدة (طبيعة الكلمة المتجسدة) ولها كل خواص اللاهوت وخواص الناسوت.
وأيضاً هناك مثال اتحاد النفس والجسد فيقول: "في هذا المثال تتحد طبيعة النفس الروحانية، بطبيعة الجسد المادية الترابية، ويتكون من هذا الاتحاد طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية، وهذه الطبيعة ليست الجسد وحده، ولا النفس وحدها، وإنما هما الاثنان معاً متحدين بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا استحالة، فما استحالت النفس إلى جسد، ولا الجسد إلى نفس، ومع ذلك صار الاثنان واحداً في الجوهر وفي الطبيعة، فإن كنا نقبل مثال اتحاد النفس والجسد في طبيعة واحدة، فلماذا لا نقبل اتحاد اللاهوت والناسوت
وأما بخصوص مسألة المغايرة بين الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية والاتحاد بينهما فيقول: "إنّ طبيعة النفس هي كذلك مغايرة لطبيعة الجسد، وقد اتحدت معه في طبيعة واحدة هي الطبيعة الإنسانية، ومع أنّ الإنسان تكون من هاتين الطبيعتين، إلاّ أنّنا لا نقول عنه مطلقاً أنه اثنان، بل إنسان واحد، وكل أعماله ننسبها إلى هذه الطبيعة الواحدة، كذلك نقول عن الطبيعة اللاهوتية والناسوتية، وكل ما كان يفعله المسيح كان ينسب إليه كله، وليس إلى لاهوته وحده أو إلى ناسوته وحده"(2).

اذن الذي مات على الصليب طبقا للعقيده الارثوذكسيه هو طبيعة الله الابن المتجسد
____________
ثانياً: عقيدة الطبيعتين ( christologie dualiste)عقيدة الكاثوليك
قد تزعمت ـ كما ذكرنا ـ كنيسة أنطاكية هذا التعليم الكرستولوجي، وقد اتبع معلمو هذه المدرسة التيار العقائدي الذي يدعى (اللوغوس ـ انثروبوس، أي اللوغوس ـ إنسان) (logos - anthropos)، إذ أنّ المدرسة الأنطاكية ترى في شخص المسيح إنساناً كاملا، فهو جسد وروح بشريان ثم اللوغوس، وقد شدد آباء الكنيسة في أنطاكية على وجود طبيعتين للمسيح، الطبيعة البشرية (الناسوت) والطبيعة الإلهية (اللاهوت)، فالتجسد هو تجسد الله في إنسان كامل التكوين وهو المسيح،وهاتان الطبيعتان متميزتان الواحدة عن الأخرى، فالمسيح هو ابن الله وابن الإنسان، فالذي كان يعمل المعجزات والآيات هو الله، والذي كان يتألم ويجوع ويعطش ويموت هو الإنسان يسوع الناصري، و تختلف هذه العقيده عن كورنثوس الغنوصي في ان الاتحاد
ويعتبر البعض أنّ الذي دفع بالكنيسة الأنطاكية إلى اتخاذ هذا النوع من التعليم هو رغبتها في مقاومة تعاليم الاسكندرية القائلة بوجود طبيعة واحدة للمسيح،
وخشيت أن يؤدي هذا القول إلى إنكار الطبيعة الإنسانية البشرية في المسيح، ولا سيما تعاليم أبوليناريوس التي كانت تنادي بعدم وجود روح بشرية في المسيح، وقد كان لكل من التيارين أتباع وأنصار، فالتيار الأول كان أتباعه هم معلمو المدرسة الاسكندرية، والتيار الثاني أنصاره آباء مدرسة أنطاكية، ولكن الذي قاد الاتجاهين في بداية القرن الخامس هما: كيرلس الاسكندري، ونسطور القسطنطيني، وقد اشتد النزاع بينهما مما دفع الامبراطور ثيودوسيوس الثاني إلى طلب انعقاد مجمع تكون كل الكنائس والأقاليم ممثلة فيه، فكان مجمع أفسس سنة 431 ميلادي، وقبل الإشارة إلى هذا المجمع يجدر بنا أن نتحدّث باختصار عن بعض الآباء الذين وقفوا ضد تعاليم أبولوناريوس، ونخص بالذكر منهم ديودوريوس الطرسوسي وثيودورس المصِّيصي.
_____________
ثالثا النسطوريه
و هم يمثلوا اعداد قليله في المسيحيه اغلبهم الاشوريين بالعراق و نشأت نتجة مشكلة عقائدية جديدة ، وهي عقيدة "والدة الإله" أي أم الله وهو لقب للعذراء مريم، والمؤرخون المسيحيون يرون أنّ نسطوريوس عندما جاء إلى القسطنطينية أحضر معه شماساً يدعى "أناستاسيوس" وكلفه بمهمة الوعظ والتعليم، بل اعتبره المستشار الشخصي له في كثير من الأمور، وفي يوم من الأيام قام أناستاسيوس بإلقاء عظة عن
____________
أمومة العذراء مريم لله، وقال: "لا يجب أن ندعو مريم أماً له (ثيوتوكوس theotokos) لأنّها بشر، ومن المستحيل أن يولد الله من مخلوق بشري"
وقد أيّد نسطور هذه الفكرة بل ودافع عنها، وكان يعتقد أنّ هذا الاصطلاح "والدة الله" لم يرد في الأسفار المقدسة وأنّ الآباء لم يستعملوه في نيقية، وظهر هنا حزبان: حزب يرفض آراء أناستاسيوس وقد أصرّوا على اللقب "والدة الإله" للعذراء مريم، وآخر رفض هذا اللقب وقال بأنّها مجرد "والدة إنسان"، وعرضت المشكلة على نسطور، فرأى في الاصطلاح "والدة الإله" خلطاً بين اللاهوت والناسوت، فاقترح عبارة ولقب يرضي الطرفين، فقال بلقب "والدة المسيح"، معتقداً بأنّ هذا اللقب سوف يحل هذه المشكلة المعقدة، وقد ألقى الكثير من العظات شارحاً لهذه العقيدة المريمية، ففي إحدى خطبه قال: "إنّهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله، لكن هل لله أم إذاً؟ في هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التي تكلمت عن أمّهات للآلهة، لكن بولس لم يكن كاذباً حين قال عن لاهوت المسيح (عب 7 : 3) أنه بلا أب، بلا أم، بلا نسب.
لا يا أصدقائي، لم تحمل مريم الله... المخلوق لم يحمل الخالق، إنّما حملت الإنسان الذي هو أداة اللاهوت، لم يضع الروح القدس الكلمة، لكنه أمدَّه من العذراء المطوبة، بهيكل حتّى يمكنه سكناه... أنا أكرّم هذه الحلة التي استفاد منها، من أجل ذاك الذي احتجب في داخلها ولم ينفصل عنها... أنا أفرِّق الطبائع وأوحد التوقير.
تبصر في هذا الكلام، فإنّ ذاك الذي تشكل في رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله اتخذه...
ومنذ ظهور تعاليم نسطور بدأ الصراع بينه وبين كيرلس رئيس أساقفة الاسكندرية، وقد يبدو للوهلة الأولى أنّ الصراع العقائدي بين نسطور ومعارضيه

كان بسبب رفضه لقب "والدة الإله"، ولكن الحقيقة أنّ هذه المسألة لم تكن إلاّ واحدة من المشاكل العقائدية الكرستولوجية المعقدة، فقد ذهب نسطور إلى القول بوجود طبيعتين في شخص المسيح، وهما طبيعتان متميزتان الواحدة عن الأخرى، الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية، ويضيف بأنّ الكتاب عندما يتحدث عن الميلاد، أو الآلام والموت، أو العطش والجوع فهو يشير إلى ناسوت المسيح وطبيعته البشرية، وعندما يتحدث عن المعجزات والقيامة وغيرها فإنّه يشير إلى لاهوت المسيح وطبيعته الإلهية.
والظاهر أنّ نسطور يؤمن بالاتحاد بين اللاهوت والناسوت في شخص المسيح، ولكن هذا الاتحاد هو اتحاد خارجي فقط في الصورة، لا اتحاد حقيقي و ذلك كاتحاد زوجين (رجل و امرأه)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟