الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعمار وكتابة التاريخ الجزائري (1)

بدرالدين بلعيبود
أستاذ جامعي

(Belaiboud Badreddine)

2016 / 10 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ترتبط الهوية بالماضي بشكل وثيق ويعتبر التاريخ المشترك من أهم عوامل تشكيل الهوية، كما يعتبر التاريخ أيضا عاملا رئيسا في تقوية اللحمة الوطنية. تعتبر قضية كتابة التاريخ قضية مصيرية، فالذي يكتب التاريخ بلا شك سيتحكم في الحاضر وفي المستقبل، ومن النادر أن تكون هذه الكتابة خالية من الذاتية ومن الإيديولوجية ومن مصالح الدول، ولهذا الغرض سخّر الاستعمار الفرنسي لهذه العملية العديد من الأكاديميين من مؤرخين وعلماء اجتماع وأنثروبولوجيين الذين قاموا بدراسة دقيقة للمجتمع الجزائري في جميع جوانبه.
إن الدراسات التي قام بها أمثال "ستيفان غزال" و"وليام مارسي" و"ايميل غوتيه" لا ينكرها إلا جاحد، والدليل أن هذه الدراسات لا تزال مصدرا رئيسا في العديد من الأبحاث التاريخية والأثرية والأنثروبولوجية المعاصرة، إلا أن هؤلاء الباحثين قدموا عدة أطروحات كلها تصب في خدمة الاستعمار من خلال التكريس لفكرة أن شمال إفريقيا ومنذ أقدم العصور ارتبطت بالغرب (أوروبا) أكثر من ارتباطها بالمشرق، وأن إسلامية وعروبة المنطقة أمر طارئ وغير طبيعي، هذا ما يفسر كثرة الدراسات في أوجه الاختلاف بين مختلف المناطق خاصة بين الأمازيغ والعرب، محاولين بذلك خلق فجوة حقيقية من خلال الدراسات التي أجريت في هذا الإطار.
بالنسبة للباحثين الفرنسيين فإن انتشار الإسلام في شمال إفريقيا يعتبر خسارة مؤلمة حيث لطالما كان المغرب مرتبط بأوروبا منذ العصور القديمة، كما اعتبروا انتماء هذه المنطقة للأمة الإسلامية وتولي وجهها شطر المشرق ما هي إلا طفرة تاريخية وانتماء غير عضوي، وهذا ما عبر عنه "وليام مارسي" بكل صراحة، لذا فارتباط المغرب بفرنسا ما هو في الواقع إلا عودة طبيعية للحظيرة الأصلية، وأن فرنسا ما هي إلا سليلة الحضارة الرومانية والبيزنطية.
ركز الفرنسيون على الدراسات الاثنوغرافية حيث عملوا جاهدين عن تصوير المجتمع الجزائري على أنه مجموعات إثنية تختلف في الكثير من الخصائص والمميزات: الأصل، اللغة، العادات، طريقة العيش، مبرزة في أغلب هذه الدراسات الطابع البدائي والمتخلف للفرد والجماعات، وهذا لتبرير الوجود الفرنسي الذي بحسبهم لم يجئ إلا لنشر الحضارة والمدنية لهذه البلاد، كما فعل أسلافهم القدامى من رومان وبيزنطيين.
وحتى الدراسات التاريخية والأبحاث الأثرية ركزت على الفترة الرومانية، حيث حاول الباحثون الاستفادة من الاستعمار الروماني لشمال إفريقيا، فبالرغم من القرون الطويلة التي تفصل الاستعمارين إلا أن الفرنسيين طبقوا العديد من السياسات والممارسات التي طبقها الرومان، من اغتصاب الأراضي وتهجير والسكان وإنشاء المزارع الكبرى ومحاولة إدماج الأهالي القاطنين في المدن..(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع قيم
عمير ( 2016 / 10 / 3 - 20:12 )
موضوع قيم ويحتاج الى الكثير من الاضاءة والتركيز ما فعلته كل القوى الخارجية وفي أي بلد دخلته من اشياء غالبا ما تكون سلبية ولكن هنالك دائما جوانب ايجابية لا يجب اغفالها أيضا خلاصة القول ان كتابة التأريخ يجب أن تكون محايدة قدر المستطاع

اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج