الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي- أحمد ردام محمد

قحطان محمد صالح الهيتي

2016 / 10 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


-
هو احمد ردام محمد عبد الغني المولى وكنيته (ابو غازي). أسمى إبنه غازي تيمنا باسم الملك غازي الذي كان يحبه ويقدره ويرى فيه قائدا حرا يكره الإنكليز، ويسعى الى الاستقلال عنهم. وبسبب حبه هذا فقد نظم بعد موت الملك قصيدة شعبية أعلن فيها أن البلاء الذي حل بالعراقيين هو بسببهم وأنهم وراء مقتل الملك الوطني. ومنها:
-
الإنكليز شيطلبونا
يطلبونا بمال أبوهم؟
ذوله همه الخلفونا
خلفونا عن ربعنا
ومن وعايدهم شبعنا
وتبع صرنا للتبعنا
-
ولد احمد الردام في هيت بمحافظة الانبار في عام 1914 لأب سليل عائلة كريمة طيبة صاحبة مال وجاه، وتعد عائلته واحدة من العوائل الهيتية المالكة للأراضي والبساتين فلهم أملاك في قريتي الحسنية والكمية.وكان لها في هيت بستان معروف ببستان بيت عبد الغني.
-
تربى أحمد الردام في بيت أبيه صاحب الديوان المشهور في هيت وفي نواحي العراق كافة باسم ديوان بيت ردام. كما كان دارهم واحدا من أكبر الدور الواقعة على الفرات في الباب الغربي.في ذلك البيت وفي ذلك الديوان، حَبَا أحمد ومشى وكَبُر محباً للخير طيبا عفيفا كريما. وفيهما ومنهما تعلم الوفاء والتضحية والإخلاص لأهله ومدينته. ومن طيبه وكرمه لهيت ولأهلها تبرع بأحد دوره ليكون مقرا لمدرسة هيت الإبتدائية للبنين لمدة ست سنوات (1943- 1949) وبدون بدل.
-
دخل مدرسة هيت الابتدائية ولم يكمل دراسته لرغبته في العمل بالزراعة والأعمال الحرة ولتحمله مسؤولية عائلته،ولكن هذا لم يمنعه من مواصلة التعلم والاطلاع على التطورات الحاصلة في كل الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية من خلال تواصله مع أصدقائه المعلمين والمثقفين الهيتيين وغير الهيتيين ممن كانوا موظفين فيها.
-
وبسبب علاقاته الوثيقة مع مثقفي هيت أنداك، وجلّهم من اليساريين والشيوعين وبسب كرهه للاستعمار البريطاني، وجد نفسه قريبا من فكر ومبادئ حزب الشعب الذي كان يرأسه السياسي المعروف عزيز شريف الذي أجيز للعمل بموجب كتاب وزارة الداخلية المرقم (4587) في 2 / نيسان/ 1946 حيث انتمى اليه وعمل في صفوفه لمدة سنتين ثم ترك العمل فيه وتفرغ للعمل في المجلس البلدي لناحية هيت واستمر فيه حتى عام 1965.
-
ترأس في خلال عمله في المجلس البلدي لجنة الخدمات، وتعد فترة عمله في المجلس من أطول فترات العضوية والعمل في المجالس البلدية دون أن يتقاضى راتبا أو مكافأة لقاء ذلك، فضلا عن أنه لم يستغل منصبه للحصول على منافع مادية. كما لم يحصل أبناؤه وذوه على أية امتيازات، بل سخر نفسه من أجل الحصول على حقوق وامتيازات مدينته وأهلها.
-
لقد عمل أحمد الردام متعاونا مع نخبة خيرة من أصدقائه الكثير لخدمة مدينة هيت ولا يمكن لمنصف أن ينسى تلك الخدمات ومنها:
-
كتب الى رئيس الوزراء نوري السعيد برقية هذا نصها: " السيد رئيس وزراء العراق المحترم، هل توجد دولة في العالم تبقي 20 ألف نسمة من دون طبيب؟ لا ولن تبقي عشرين حصان من دون بيطري). وعلى أثر هذه العريضة فُتحَ مستوصف وكان من أوائل الأطباء فيه هو الدكتور داود كبّاي (1915 –2003) " وهو من الطائفة اليهودية،عمل في هيت بعد تخرجه في عام 1936 ثم انتقل الى مدينة العمارة وعمل بها أكثر من عشرين عاما بعدها استقر به المطاف في بغداد البتاويين وكان من أشهر الأطباء في زمنه؛ كما كان زميلا للزعيم عبد الكريم قاسم في الإعدادية المركزية ببغداد، وقد مات هذا الطبيب الإنسان بعد معاناة ومطاردات واعتقالات بتهمة التجسس لأسرائيل، بعدها هرب الى لندن وفيها توفي عام 2003.
-
ومن منجزات أبو غازي المهمة مساهمته الفاعلة في فتح مدرسة متوسطة في هيت في عام 1950، حيث ذهب مع وفد من وجهاء المدينة ضمه مع الشيخين صبحي خليل الهيتي وعبد الغفور فواز الهيتي الى بغداد لمقابلة وزير المعارف بطريقة وأسلوب ينمّان عن ذكاء وقوة في الحجة؛ حيث -وكما روى القصة الشيخ صبحي الهيتي- اشترى أحمد الردام فانوسا نفطيا قبل ذهابه لمقابلة الوزير بعدها ذهب والوفد المرافق له الى الوزارة ، وعند وصولهم الى مكتب الوزير طلب سكرتير الوزير إبقاء الفانوس في مكتبه ودخول الوفد لمقابلة الوزير بدون فانوس فقال له - مشيرا الى الفانوس- :" لا وليدي هو هذا موضوعي ويه الوزير" بعدها سمح لهم بالدخول فاستقبلهم الوزير، ثم استفهم عن حمله الفانوس في النهار؛ فقال له:"جيت ادور على الحكومة لان تبين كاعده بالظلمه" ؛ فضحك الوزير وقال له: ما هو طلبك من الحكومة ،فقال له أبو غازي:" يصير يا سيادة الوزير ولدنا من تخلص الابتدائية متكدر تكمّل دراستها الا بالرمادي لو بعانة لان ماكو متوسطة بهيت والناس كلها حالتها المادية تعبانه ؟" وبناء على هذا الطلب وبهذا الأسلوب قرر الوزير فتح مدرسة متوسطة في هيت، وعين محمد أحمد الهيتي أول مدير لها.
-
ومن مواقفه: أنه أُخبرَ من قبل مجموعة من أبناء مدينة هيت بان حاكم هيت (القاضي)، وهو رأس السلطة القضائية في المدينة، كان يراقب نساء المدينة اللائي ينزلن الى النهر للسقاية ولغسل الملابس والصحون بالناظور. وبعد أن تأكد من الخبر قرر الذهاب الى بغداد حيث قابل وزير العدل وطلب منه نقل الحاكم، فقال الوزير: إنه من الموظفين الجيدين، فقال له أبو غازي ما نصه:" سيادة الوزير هو لأن جيدْ إحنا شبعنا منه فخلّي غيرنا هم يستفاد منه". عندها فهم الوزير الأمر؛ وبناء عليه تم نقل الحاكم من هيت الى مدينة أخرى.
-
ولا بد من الإشارة الى إن بيت الحاكم آنذاك كان في بيت حميد كطه الواقع بالقرب من النهر مجاور مشروع كهرباء هيت القديم، وكان يقع خلف بيت الحاج عاشور الذي كان يسكنه مدير الناحية،وهو اليوم كازينو بيت كيلاني بالقرب من الجسر.
-
كان أبو غازي على علاقة وطيدة مع بعض الوزراء والمتصرفين وجميع مدراء النواحي والقضاة والموظفين الذي عملوا في هيت ولواء الرمادي، وبالرغم من تلك العلاقات المتينة إلا أنه لم يستغلها لتحقيق منافع شخصية له أو لأحد أفراد عائلته بل كانت تصب في مصلحة مدينته هيت وأهلها.
-
ومن أشهر أصدقائه كان سعيد قزاز وزير داخلية العراق للفترة من (21 / 12 / 1952) الى (16 /11/ 1957). كما كان من بين أصدقائه الدكتور محمد مشحن الحردان الذي شغل منصب وزير الاقتصاد في حكومة عبد الوهاب مرجان التي باشرت عملها في /15 / 12 / 1957 حتى 3 / آذار/ 1958.
-
ومن أبرز شيوخ العشائر الذين ارتبط بهم في علاقة صداقة هو الشيخ نجرس الكعود شيخ عشيرة البو نمر وغالبا ما كانا يشتركان معا في متابعة شؤون المدينة والمطالبة بحقوق أبنائها. ومن مواقف ابي غازي مع الشيخ نجرس الكعود، أنه وبسبب الخلافات بين الشيخين علي السليمان ونجرس الكعود ومن أجل إغاضة الشيخ نجرس استغل الشيخ علي السليمان علاقته الجيدة بالمتصرف فأصدر(أمرا إداريا) باعتقال الشيخ عناد، ولما سمع أبو غازي بالخبر وكان على معرفة تامة بأن ليس من صلاحية المتصرف إصدار مثل هذا الأمر وانما يجب أن يصدر عن المحاكم وبناء على طلب الشيخ نجرس فقد اصطحب أبو غازي الشيخ عناد وذهبا الى ديوان المتصرفية وقابل المتصرف وافهمه بأن أمره باطل ويجب الغاؤه لأنه ليس من صلاحياته ، عندها اتصل المتصرف بالشيخ علي سليمان وأخبره بأن أحمد الردام موجود في مكتبه وأنه يطلب الغاء أمر القاء القبض لأنه غير أصولي او أنه سيرفع القضية الى البلاط فرد عليه علي السليمان بان يلغي امر القاء القبض لان احمد الردام يفعلها ويوصل الامر الى البلاط الملكي.
-
ومن أصدقائه الكثير من أبناء هيت والرمادي منهم: (أبو مخلد) احمد الحاج كريم، ويعقوب الحاج علي، وامين مصلح بندر، وملا عليوي الناصر، وقاسم الصعب، والشيخ صبحي الهيتي، وفتاح عريم الذي شغل منصب مدير بلدية الرمادي مدة طويلة. كما كان صديقا لجميع الموظفين الغرباء الذين عملوا في هيت وبقي على صلة بهم حتى بعد نقلهم.
-
تزوج أبو غازي ابنة أحد أقاربه محمد عبيد فندي المولى شقيقة القاضي عبد العزيز محمد عبيد وانجبت له بنتين واربعة أولاد هم: غازي وياسين وحمدي وتوفيق. ساروا على نهج والدهم ومنهجه محبين لهيت ولأهلها هم وأبناؤهم؛ فهم بحق خير خلف لخير سلف، وهم من يَحقُ لنا أن نفتخر بانتمائهم الى تلك الشجرة الطيبة والى ذلك الأصل الكريم.
-
مات ابو غازي في عام 1965 ولم تمت أعماله ومواقفه فما زالت حيّة في قلوب أهله ومعارفه وأصدقائه ومحبيه، فحقٌ علينا أن نفتخر به عَلمَا من أعلام مدينة هيت مدينة التاريخ والحضارة ، وأن نكتبَ عنه ونقول فيه كلمة الحق لتعرفه الأجيال القادمة ولكي لا ينسى. رحم الله أبا غازي واسكنه فسيح جناته.
-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية