الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة التوجيه: بين الرغبة والإلزام.

محمد عزيز

2016 / 10 / 3
التربية والتعليم والبحث العلمي


تعتبر إعادة التوجيه من المحطات الأساسية والحاسمة في المسار الدراسي للمتعلم، عملية تتطلب عملا عميقا وجهدا لا يستهان به لما تستوجبه من إجراءات وتدابير تقي المتعلم مغبة اختيار غير موفق.
تتم عملية إعادة التوجيه في التعليم الثانوي التأهيلي كما هو معلوم على مرحلتين، وتروم تدارك بعض التلاميذ لخيارهم الأول واستبداله بآخر يناسب اهتماماتهم وقدراتهم وميولاتهم.
هي محطة تجعلنا نقف على مدى تملك التلاميذ لقيمة حسن الاختيار كقيمة أساسية ينبني عليها المنهاج المغربي، نربي من خلالها أبناءنا على تحمل المسؤولية والانتصار لثقافة تنوع الاختصاص ضدا في التقليد والنمطية المؤديان للتصنع والتكلف واهدار الجهد، وما يستتبعه من ضغوط وعقد نفسية وفشل دراسي. فغالبا ما يتأثر التلاميذ باختيارات أقرانهم و جيرانهم وأقربائهم وآبائهم في ضرب سافر لما ينصرف اليه عقلهم وقلبهم ويناسب طاقاتهم وقدراتهم وميولاتهم.
إننا كآباء ومربين واداريين ندعي في غالب الأحيان جعل رغبة المتعلم أولوية الأولويات في معالجة طلبات إعادة التوجيه، متناسين/غافلين أن العملية برمتها محفوفة بمجموعة من الشروط والفروض تضفي على العملية طابع الاكراه والإلزام والتي فرضتها الشروط الاجتماعية والثقافية بالإضافة الى مذكرات إعادة التوجيه.
اكراهات بالجملة، ثقافية، اجتماعية، نفسية، تقنية وتدبيرية... تفسد على البعض رغبته كبنية المؤسسة التي قد لا تسمح بقبول بعض الطلبات نظرا للاكتظاظ الذي تعرفه بعض الشعب أو غياب أخرى، مما قد يدفع المتعلم الى تهديد استقراره النفسي وترحاله الى مؤسسات قد تبعد عن محل سكناه بمسافات بعيدة.
ومن بين الآليات المعتمدة في انتقاء الراغبين في تصحيح توجيههم نجد النقط المحصل عليها في بعض المواد المؤهلة للشعب المطلوبة، والتي لا تعكس أبدا مستوى المتعلمين لما يعرفه نظام التقييم من اختلالات لا تسمح بتقديم رؤية واضحة للفصل بين المترشحين، لكنه يبقى من المعايير الأكثر اعتمادا عليها في لجان التوجيه.
إن اعتماد معيار التنقيط في بعض الشعب كالعلوم الرياضية مثلا، كميزان للمفاضلة بين طالبي تغيير الشعبة يبقى ضد قواعد المنطق السليم حيث تتم تلبية طلبات أصحاب المعدلات المرتفعة رغم تميزهم وقدرتهم على مسايرة مضامين الشعبة عكس ذوي النقط الأدنى. فالأولى الاستجابة لحالات التعثر ومنحهم الفرصة في شعبة أخرى لا العكس. قد يبدو بهذا الاجراء وكأننا نعاقب المتفوق بعدم تلبية رغبته على نبوغه وتميزه، الشيء الذي يضعنا في حيرة إزاء هذا الوضع المأزوم والملتبس ويدعونا للثورة على هذا النمط في الاختيار والتوزيع وهدم تلك الأحكام الثابتة التي ترى التفوق والتعثر صفتين دائمتين ولصيقتين بأصحابهما باعتبار الحياة المدرسية حياة متواصلة متغيرة وليست مطلقة ونهائية.
إننا مدعوون، بل ملزمون بتنظيم جميع عناصر العملية التوجيهية بغية تحقيق الأهداف المنشودة، لذلك علينا كفاعلين الآتي:
• اعتماد المشروع الشخصي للمتعلم.
• بلورة مشروع للتوجيه يرافق المتعلم منذ سنواته الأولى في الابتدائي يتضمن معلومات عن قدراته وميولاته وعلاقاته الاجتماعية وتاريخه الصحي والنفسي.
• تبني آلية المحفظة الشخصية «Porte-folio» لتعرف اهتمامات المتعلم، طموحه، تصوراته وأفكاره حول مستقبله...
• تقديم تكوينات مصغرة للتعرف على الشعبة، موادها، مضامينها ومدى ملاءمتها لإمكانات المتمدرس.
• توفير العدد الكافي من مستشاري التوجيه ومدهم بكل الوسائل والمستلزمات الكفيلة بتحقيق الغاية المطلوبة.
• تشخيص اتجاهات المتعلم وشخصيته عبر روائز بسيكو-تقنية.
• تفعيل المتابعة النفسية وخلايا الانصات والوساطة بالمؤسسات التعليمية.
• تنظيم أبواب مفتوحة على غرار ما تقدمه مؤسسات التعليم العالي الخاصة والعمومية للحاصلين على الباكالوريا.
• تعيين ملاحظين ومتخصصين تتوفر فيهم النزاهة والحياد ودقة الملاحظة لمساعدة المتعلمين على التوجيه.
• تقديم تقييمات جادة لمخرجات المؤسسة للتأكد من مدى تحقيقها للأهداف والكفايات المطلوبة في ملمح التخرج.
• توحيد الشعب بدل التشتت الذي نعرفه الآن وتقسيمها الى شعبتين: علمية وأدبية بالإضافة الى الشعب الخاصة.
• تكليف مجالس الأقسام -كما في عملية التوجيه التي تتم في آخر السنة- لتدارس الملفات عوض الاكتفاء بمنسقي المواد والأطر الإدارية ومستشار التوجيه.
إن تطوير البيئة التربوية بالمؤسسة التعليمية توجب أن نتقي قدر الإمكان افساد الأمور على المتعلم واحترام اختياراته التي تتماشى وميولاته واستعداداته من أجل تحقيق أداء فعال لقيادة التغيير بما يتفق والاتجاهات التربوية المعاصرة الداعية الى جعل المتعلم عنصرا فاعلا في بناء مستقبله والتخطيط له وتسليحه بالمهارات والمعارف والاتجاهات التي تجعل منه فردا فاعلا قادرا على التكيف مع متغيرات العالم المتسارعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب