الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستعمار وكتابة التاريخ الجزائري(2)

بدرالدين بلعيبود
أستاذ جامعي

(Belaiboud Badreddine)

2016 / 10 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يعتبر الجغرافي والمؤرخ "إيميل فيليكس غوتييه" (1864- 1940) من الشخصيات المؤسسة للمدرسة التاريخية الاستعمارية، ومن بين المؤلفات التي تطرق فيها لتاريخ المغرب كتاب بعنوان: "ماضي شمال إفريقيا"، هذا المغرب الذي تعرض حسبه "لتغيرات تاريخية جذرية بين قرطاجة البونية والتوسع الروماني، وبين إفريقيا الرومانية والمغرب المسلم، كذلك بينه وبين إفريقيا الفرنسية"، فهو يرى أن ما حصل في أوروبا هو تطور متكامل حسب خط متصل، أما بالنسبة لتاريخ المغرب فهو سلسلة من التغيرات المفاجئة في اللغة والدين وفي المفاهيم السياسية والاجتماعية .
ركز "غوتييه" على العامل الجغرافي للمغرب كعامل سلبي في إنشاء وحدة سياسية مستقرة، فمنطقة المغرب لا تملك نواة يلتف حولها الأقاليم والمقاطعات، كما هو الحال لحوض اللاتيوم بالنسبة للدولة الرومانية والحوض الباريسي بالنسبة لفرنسا، كما قسم المجتمع المغاربي اقتصاديا بحسب العوامل الجغرافية إلى فئتين متمايزتين: الأولى هي فئة المزارعين المستقرة التي تشغل الأراضي الصالحة للزراعة خاصة في الشريط الساحلي وبعض المناطق الداخلية، وفئة أخرى تتميز بالترحال وتعيش على الرعي وتنتشر في المناطق المناخية الجافة والشبه جافة أين يصعب ممارسة الزراعة والاستقرار، وهذا ما يخلق بحسبه اختلاف وتباين اجتماعي عميق يستحيل على إثره تشكيل كيان موحد أو بعث مشروع حضاري، أضف إلى ذلك العوامل المناخية غير الملائمة التي يتميز بها المغرب عموما، كل هذه الظروف وأخرى يستعرضها أنصار المدرسة الاستعمارية لتأكيد الحاجة وارتباط سكان المغرب بالغير، حيث يقول أحد المؤرخين الفرنسيين أن سكان شمال إفريقيا كانت أنظارهم دائما متجهة نحو البحر في انتظار من يحمل لهم الحضارة.
وعن انتشار الإسلام في ربوع بلاد المغرب حاول "غوتييه" إعطاء تفسير يمكن أن ندرجه في إطار اللاشعور الجمعي المنتقل عبر الأجيال، حيث حاول تفسير اعتناق سكان المغرب للإسلام بقوله :" يبدو لي أن المغرب قد احتفظ تحت الرماد بطابعه البوني، كما حمل التأثير القرطاجي طيلة عهد الإمبراطورية الرومانية وفي زمن الوندالي وفي ظل السيطرة البيزنطية، واعتنقت إفريقيا الإسلام بكل ما فيها من استعداد شرقي تبلور من جديد"، ومن خلال القراءة المتأنية والعميقة لكتابات مؤرخي المدرسة الكولونيالية نستشف الصراع القديم-الحديث بين الشرق والغرب أيهما يستأثر بالمغرب، الذي طالما كان ولا يزال حلبة صراع وتنافس.
إن من بين أهم الأهداف في دراسة الاستعمار الروماني لشمال إفريقيا هو محاولة إسقاطه على الاستعمار الفرنسي للجزائر، والاستفادة من نجاحاته وتلافي أخطائه، وبالفعل لقد طبق الفرنسيين العديد من الأنظمة والسياسات التي طبقها الرومان أثناء احتلالهم للمغرب خاصة فيما يتعلق بالجانب الزراعي والتنظيم الإداري، وحاول الفرنسيين جاهدين في النجاح أين تعثر الرومان حيث أن كل السياسات التي كانت تهدف لرومنة سكان المغرب باءت بالفشل بعد عدة قرون من الوجود، وبمجيء الإسلام أدار المغرب ظهره للغرب مباشرة وهذا ما حاول الباحثين من أمثال "غوتييه" دراسته بعمق من خلال دراسة المجتمع من جميع النواحي، لكن الفرنسيون أيضا فشلوا في اجتثاث هوية الجزائريين وإطفاء جذوة المقاومة للمستعمر....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل سقطت في فخ حماس..فكيف تترجم -الانتصار- على الأرض؟ |


.. تمرّد أم انقلاب؟ إسرائيل في صدمة!| #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد مسار عملية رمي جمرة العقبة في أول أيام عي


.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات الخلاف في إسرائيل بشأن -هدنة تكتيك




.. مظاهرات في ألمانيا والنرويج نصرة لغزة