الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من افرازات ثقافة الديكتاتورية البغيضةجماهير متماهية ونزعات دكتاتورية اجتماعية متجددة

جاسم الصغير

2005 / 12 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعد الديكتاتورية الفاشستية والعسكرتارية من أسوأ أنواع الحكم القسري التي عرفتها البشرية في تاريخها البشري الطويل والتي جسدت الاستبداد والتسلط على الشعوب وحالات الاستلاب المادي والمعنوي التي تعرضت لها وعانت منها طويلا أن الديكتاتورية هذا الوباء السياسي في مسيرته الطويلة يترك ندوباً خطيرة جداً في جسد الأمة وأهم ما يخلفه هو حالة الجهل التي تنتاب الشعوب وعدم استطاعتها تحديد أو معرفة حقوقها أو واجباتها وبالتالي تبدو كحالة القطيع الذي أضاع مالكه أو سيده ، ومن هذه الصورة المظلمة نرى الشعوب والمجتمعات وهي في هذه الحال المزرية تحاول أن ترى في الديكتاتورية منقذاً لآلامها من جراحاتها مع أن السبب الرئيسي في هذه الآلام والاستلاب هو الديكتاتور ذاته . إن هذه الحالة المفارقة في تأييد الجماهير للديكتاتور او الايحاء بذلك هي حالة تناشزية ويطلق عليها في مفاهيم علم النفس مفهوم الاحتماء الدمجي والذي يشير إلى وضعية نكوصية أساساً يرجع فيها المرء والمجتمعات إلى حالة الطفل الصغير الذي يلوذ بوالديه وكأنه يذوب في جسدهما وكأنه يعود روزيا وهواميا إلى بطن الأم حيث كان ينعم بالسكينة والاطمئنان بعيداً عن كل مثيرات الآلم والقلق التي يصطدم بها في واقعه الاليم أن هذا الاحتماء هو عبارة عن علاقة تبعية وذوبان في شخص أو صورة يعتبر مصدر الحب والحماسة ويختزل فيها آلامه ويتمتع بقوة كبيرة تستطيع التصدي للأخطار التي يخشاها من يلجأ إلى تلك الوسيلة وكما يعتقدون ضحايا هذا الواقع الاليم وهذه الثقافة الافلة، ومن هنا نرى الثمن الباهض الذي تدفعه الشعوب وهي ترزح تحت نير الاستبداد وهو فقدان الاستقلالية والتخلي عن وضعية ان يتملك القدرة في ان يكون المرشد لذاته وتظهر هذه الحالة بكثرة في أوقات شيوع النظم الديكتاتورية الاستبدادية والكوارث أو الاخطار التي تثير الذعر الشديد مع إحساس بالعجز عن رد الخطر بالوسائل الذاتية أن الديكتاتورية والديكتاتوروالشخوص التي يحكمونها عادة ما ينتمون الى بنية المجتمعات متأخرة ذو ملامح ثقافة اجتماعية تقليدية تؤبن قيم التخلف والطاعة والولاء تلك المفاهيم المتخلفة التي تشد المجتمع الى الوراء ً يغدو المجتمع مغلق ولا حراك سياسي فيه ومنعدم كلياً بفعل هذا الانغلاق الذي بدوره يؤدي إلى ما يعرف بانعدام الكفاءة الاجتماعية للمجتمع وتنتابه مشاعر اليأس والإنسان المعزول الذي لم تتم له فرصة العيش في مجتمع مفتوح على باقي ثقافات العالم
إن تأثيرات الديكتاتور وثقافته الآفلة والتي أثرت بشكل كبير في ذات الأمة بشكل سلبي في أهم مفاصلها الا وهو إعاقة تكوّن الشروط التاريخية والنظرية في كمال وبناء الذات الاجتماعية وهو الشرط الضروري والبنيوي في هيكل أي أمة تبغي بناء تقاليد سياسية متماسكة ومن جهة أخرى نرى أن مخلفات ثقافة الديكتاتور في ذات المجتمع خلق نزوع ثقافي وسياسي منغلق على ذاته إشاعة لروحية خلق اتجاه في الجماهير نحو منح ولاءاتها وتأييدها إلى ديكتاتورية جديدة فيما بعد بعد تلاشي الديكتاتورية السابقة وإن كانت تختلف في العنوان مع الماضي إلا أن المحتوى واحد وممارسة فرض الوصاية على الجماهير وبدعاوى كثيرة وهذا من أخطر تأثيرات الديكتاتور وثقافته الاستبدادية التي فرضها . إن الفرضية الفكرية التي تقول أن الأفكار القديمة لا تموت بل تندثر مؤقتاً هي صحيحة ونرى من مؤثراتها الاتجاهات الجديدة في التطرف والاستبداد. لقد عملت الديكتاتورية والديكتاتور من من إفراغ تام لذهنية الجماهير من اي قيم معاصرة إنسانية لأنها قد امتلأت أصلاً بثقافة الديكتاتور المريضة من رفض الآخر بل ومحاربته وتهميشه واقصائه إنه منطق الإلغاء وما انتعاش ثقافة التكفير والوصاية الفكرية إلا أحد تجليات وإفرازات ثقافة الديكتاتورية في وقتنا الحاضر ، التي تنتعش أفكارها في المجتمعات التي تربت على إرث الديكتاتورية وتركتها الثقيلة وتحتاج إلى وقت طويل وإلى أجيال متلاحقة وإلى تثقيف متواصل ويترافق هذا الجهد التعبوي إلى بناء مادي مؤسساتي فعال متواصل وأن نحذو حذو الدول المتقدمة في ذلك ، التي نجحت في تصفية والتخلص من آثار الديكتاتورية في بلدانها وبناء شواخص مادية ومعنوية من دولة المؤسسات والاهم من ذلك هو تحرير الانسان من اثار ثقافات عفى عليها الزمن وهي ثقافة الاستبداد وجعله الركيزة المقدسة وهذا مافعلته اوروباحيث انها جعلت من الانسان قيمة مقدسة عليا تناظر قيم الاديان المقدسة التي يؤمن بها المجتمع وهو مركز ومعيار وهدف كل التغيرات الفكرية والسياسية والاجتماعية المنشودة في اي بناء ديمقراطي وبناء مخيال إنساني مليء بقيم الديمقراطية حيث يمكن أن تحل محل أساطير الخوف والاستبداد التي زرعتها طويلاً ثقافة الديكتاتور وآلته الإرهابية البغيضة التي تركت اثارا فضيعة في ذات الامة والمجتمع ولادواء شاف لها الا الديمقراطية ومفاهيمها لاعادة بناء ذات الفرد والمجتمع من جديد على اسس سليمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنباء متضاربة عن العثور على حطام مروحية الرئيس الايراني


.. العراق يعرض على إيران المساعدة في البحث عن طائرة رئيسي| #عاج




.. التلفزيون الإيراني: لا يمكن تأكيد إصابة أو مقتل ركاب مروحية


.. البيت الأبيض: تم إطلاع الرئيس بايدن على تقارير بشأن حادثة مر




.. نشرة إيجاز - حادث جوي لمروحية الرئيس الإيراني