الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علموا أولادكم الحياة

مى سعيد

2016 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أننا قد وقعنا فى الفخ الأخلاقى الذى نصبه لنا تراثنا و أبنائه من فقه و تفسير و روايات ، تلك المصيدة الإنسانية التى ينتج عنها أضاحى بشرية كل يوم و كل دقيقة ، فالجريمة ليست سكين و قاتل ، الجريمة نص يهب القاتل و سكينه صك الغفران و شرف الجهاد و وعد جنسى و متع لا تفنى مكافأة على القتل و إراقة الدماء ، فالنصوص التراثية و الواقع الفقهى يحشو عقول أولادنا بما تردده داعش و أخواتها فوق رؤوس أضاحيها البشرية ، لذا فعندما نسأل أنفسنا السؤال الأبدى : من المسؤل عن كل هذه الدماء ؟ لن يجيبنا على هذا السؤال سوى أرفف مكتبتنا العربية و ما تحمله من كتب تنأى بكل ما بداخلها من نصوص ، فهل يمكن للدين "الضمير الأنقى للبشرية " الذى يصوغ و يشكل العقل الجمعى أن يبارك قتلاً أو إغتصاباً أو سرقة ، بالطبع لا ، لكن ما علق بالدين عبر قرون قد جعله كذلك بكل تأكيد فصار القتل و الإغتصاب جهاد لنصرة الله ، و لعل هذه الأزمة غير مقتصرة على الدين الإسلامى رغم أن ما حدث للتراث الإسلامى يعد التشويه الأشرس على الإطلاق ، إلا أن التراث المسيحى به ما به أيضاً بالإضافة للتراث اليهودى أيضاً و هو الأقرب للتراث الإسلامى ، لكن ما لفت إنتباهى منذ عدة أيام هو خبر إلغاء تدريس "الدين" فى دولة (("لوكسنبرغ")) تلك الدولة المسيحية الكاثوليكية بأغلبية مطلقة والقريبة من (("الفاتيكان")) فى الموقع و القلب أيضاً حيث تؤثر الكنيسة بشكل كبير فيها على البرلمان و أغلبيته و لكن بأنامل ناعمة دون إعلان ذلك ، فإذا كان الحال السياسى هناك شديد التشابك و التعقيد إلى هذه الدرجة فكيف تسنى إلغاء تدريس الدين فى المدارس إذاً ، كان هذا أول سؤال يخطر ببالى عندما قرأت الخبر، لكن المدهش فى حقيقة الأمر هو كيف بدأ وزير التعليم خطة فصل الدين و تراثه عن التعليم منذ عام 2014 حيث خير الطلاب ما بين دراسته أو دراسة القيم كخطوة أولى للإصلاح مع تنامى بعض الأصوات المنادية بإلغاء دراسة الدين قسرياً لكن فى المقابل كان هناك أصوات أخرى تقول بأن فصل الدين قسرياً ضد حرية الفرد ، لكن مع تنامى موجات الإرهاب عالمياً و شرق أوسطياً متمثلة فى داعش و أخواتها تعالت أصوات المطالبين بإلغاء تدريس الدين المسيحى و الإسلامى على حد سواء و إستبداله بدراسة مادة تعبر عن الحياة و المجتمع و القيم الإنسانية و التى يفتقد إليها الدين بعد العبث التراثى الذى حل به ، الملفت للنظر هو الطريقة التى تم بها الأمر و التى بحسب مصدر الخبر غير قابلة للتراجع هذا لإن صاحب القرار لم يكن مستبداً مثل المستبدين الذين تضج بهم أروقة حكوماتنا و مناصبنا العربية ، لذا فلم يأتى هذا القرار بشكل تعسفى إنما تم عن طريق جمع توقيعات مؤيدة منذ العام 2014 ، فهل يمكننا أن نحلم على ضوء مثل هذا القرار بقرار شبيه تلغى على أثره مادة الدين من مناهج أطفالنا المساكين و التى تنتفخ بالنصوص التراثية و التفاسير المأدلجة و فقه السبى و القتل و بغض الآخر و ما يصدر لهم من قصص لبطولات زائفة لخلافات أكثر زيفاً إدعت كونها إسلامية ، هل نحلم بمادة للأخلاق و الجمال و القيم تمتلئ بالحياة بدلاً من الموت ... فعلى ما يبدو أننا فى حاجة لبضع مئات من السنين حتى نتمكن من إصلاح التراث و الفكر الدينى فهل نطلب الكثير لو حلمنا بحجبها و حجب كل ما بها من ويلات عن أطفالنا ريثما نتمكن من إصلاحها و الذى يواجه بدوره الكثير من الصعوبات كل يوم ... هل هذا كثير ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - زالت حيرتي
سلام صادق بلو ( 2016 / 10 / 10 - 02:04 )
تقولين يا سيدتي مي سعيد (فهل يمكن للدين -الضمير الأنقى للبشرية - الذى يصوغ و يشكل العقل الجمعى أن يبارك قتلاً أو إغتصاباً أو سرقة ، بالطبع لا ، لكن ما علق بالدين عبر قرون قد جعله كذلك بكل تأكيد فصار القتل و الإغتصاب جهاد لنصرة الله) انا أيضا هذا ما يحيرني ، ولكن لله الحمد فقد زالت حيرتي بعد ان قرات هذه النصوص المقدسة في القران...فعرفت ان داعش وامثاله إنما يتبع بإخلاص قول ربه -أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض- .. كما يطيع أمر ربه في آيته المحكمة غير المنسوخة -فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب- .. ويطيعه في قوله -فاضربوا فوق الأعناق- وقوله -قاتلوهم يعذبهم الله بأيدكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين- وهذه بعض من الايات البينات وليس جميعها وليست احاديث لنشكك بصحتها...اليس هذا ما تقرئيه ويقرأه داعش!! فهل أتى البغدادي بشيء من عنده عندما ذبح الناس واغتصب النساء والاوطان؟ هو على الأقل لم يفقأ أعينهم بمسامير من الحديد المحمي كما فعل قدوته فلا يزال أمامه مشوار طويل في الاقتداء يا سيدتي وتحياتي لك.

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran