الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو الحساء البائس الذي رفضه لينين؟

علي عامر

2016 / 10 / 14
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في عدة مواقع , أحدها كتابه (الماديّة والمذهب النقدي التجريبي) , استخدم لينين لفظ "الحساء الاختياري البائس" , فأين ولماذا استخدم هذا اللفظ؟

يقول لينين , في كتاب الماديّة والمذهب النقدي التجريبي , الفصل الثالث , الباب السادس "الحريّة و الضرورة":
"وهكذا دواليك وهلم جرّا , ودون الارتباك إطلاقاً من جرّاء هذا , يطرح الماخيّون الماديّة جانباً , ويكررون التفاهات البالية عن الديالكتيك , ويقبلون في الوقت نفسه , بحفاوة وترحاب , واحداً من مجالات تطبيق الماديّة الدياليكتيكية ! وقد استقوا فلسفتهم من {الحساء الاختياري البائس} , ولا يزالون يقدمون الحساء نفسه , يأخذون قطعة صغيرة من اللاعرفانيّة وقليلاً من المثاليّة من عند ماخ , ويجمعون كل هذا مع قطعة صغيرة من ماديّة ماركس الديالكتيكية , ويتمتمون أنّ هذا الخليط (الشوربة) هو تطوير الماركسية!!!"

ثم يقول : "يقول المتحذلق العالم : أنا حتمي في مكتبي فقط , أمّا أن يهتم الفيلسوف بعقيدة متكاملة , تشمل النظرية والتطبيق على السواء , وتقوم على الحتميّة , فلا مجال حتّى للكلام عن هذا ."

ملاحظات:

1- يقصد لينين بلفظ {الحساء الاختياري البائس} تلك التيّارات , التي لا تتوانى عن الأخذ من هنا وهناك , من هذه المدرسة الفلسفية , ومن تلك التي تعارضها.
2- يعتقد أصحاب ذاك النوع من الحساء الفلسفي البائس , أنّهم بقيامهم بهذه العمليّة إنّما يطوّرون المذاهب الفلسفية الأخرى , ويعتقدون أنّهم يضيفون شيئاً جديداً.
3- إنّ من أَسَّسَ منهجه على الاختيار والانتقاء من مدارس فلسفية مختلفة ومتعارضة , لا بدّ أنْ يخرج عنه مخرجات متعارضة وغير منسجمة , وبالتالي فإنّ هذا النوع من التفكير النظري الانتقائي سيكون عصيّاً على التطبيق العملي , بل سيكون من المستحيل انتقال هذا النوع من النظريات إلى عالم التطبيق , ومن هنا مثال ذاك المتحذلق الذي وصفه لينين , و الذي فصل بين أفكاره في مكتبه و أفكاره خارج مكتبه.
4- في حال انتقلت تلك النظريّة إلى التطبيق , لنْ تلبث إلّا وتنقسم على ذاتها إلى عدة تيّارات سياسية مختلفة ومتصارعة . وهذا ما حدث فعلاً مع الماخيين الذين انقسموا على أنفسهم إلى تيّارات سياسيّة مختلفة.
5- الفلسفة هي عقيدة متكاملة , تشمل النظريّة والتطبيق على السواء , وتقوم على الحتميّة , وصفة الشمول والحتميّة و الضرورة في الفلسفة ليست عيباً أبداً , مهما امتعض منها الليبراليون والحداثيون ومن بعدهم.

ما الذي يميّز الفلسفة المنسجمة عن الحساء الاختياري البائس؟
الإجابة هي بكل وضوح وبساطة وبكلمة واحدة : المنهج.

ومن أهم سمات المنهج الجوهرية , صفة الضرورة , فالمنهج مطلوب منه ليكون منهجاً علمياً , أنْ يقدم البرهان والإثبات ويبرز الضرورة في كل لحظة من لحظاته وكل خطوة من خطواته , وفي حال اضطّر أنْ يبدأ ببعض الافتراضات –وهذا وارد- لا يجوز أنْ ينتهي قبل أنْ يثبت تلك الافتراضات , على عكس مثلاً طريقة النَمْذَجَة أو المَوْدَلة (modeling) , وهي طريقة متبعة في المدارس الأكاديميّة الكلاسيكيّة و النيوكلاسيكيّة , حيث تقوم على مجموعة كبيرة من الافتراضات(assumptions) والاختيارات وتحكمها الانتقائيّة الخالصة , أكثر مما تحكمها الضرورة و الحتميّة والبرهان.

ملاحظة غير هامشية : ظاهرة {الحساء الاختياري البائس} منتشرة بكثرة عند من يدّعون الماركسيّة , حيث تعجّ نصوصهم بالاقتباسات من شتّى المدارس المختلفة , ويغيب عن نصوصهم الانسجام والاثبات والضرورة , وهم في محاولتهم الاستعراضية هذه إنّما يقتلون روح الماركسية نفسها.
فالاستشهاد والاقتباس يصح فقط في ما يخدم المنهج , أمّا تجميع الاقتباسات والإستشهادات –مهما عَظُمَت- لن تفضي إلى منهج في أي حال من الأحوال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي