الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


27 أيلول 2016: نظرة اخرى

فؤاد محمد

2016 / 10 / 15
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


منذ أمد ليس بالقصير، تمر البرجوازية الكردية، بكل تلاوينها، بأزمة سياسية واجتماعية حادة، تعكس في احدى جوانبها الأزمة العالمية التي تعاني منها الرأسمالية على الصعيد العالمي ومنذ اكثر من عقدين. إن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجه الراسمال العالمي منذ اوائل 2008 وانعكاسها على صعيد المحلي والمنطقة، جعلت من الأزمة السياسية التي تعاني منه الأحزاب و التيارات القومية والدينية، الكردية، والعراقية وغيرها أكثر تفاقماً و تأزماً. هذا علاوة على أنّ البرجوازية الكردية تواجه، محليا، أزمة سياسية، واقتصادية عميقة بسبب الصراعات مع الحكومة المركزية في بغداد والحرب مع داعش و تاثيرات تدخل دول الجوار وغيرها.

الملاحظ و"الطريف" هو أنّ الأحزاب والقوى السياسية المعارضة الكردية و العراقية لم تنجو، هي الأخرى، من آثار هذه الأزمة فحسب، بل تعاني هي الأخرى من إنعدام الأفق و فقدان الأمل في النجاة فهي غارقة في وحل الأزمة، في وقت كان من المفترض ان هذه الأحزاب ستقدم البديل!.
إن الاوضاع الاقتصادية المزرية للغاية و المستمرة لأكثر من عاميين ونيف ألقت بظلالها الثقيلة على كاهل الطبقة العاملة وجموع الكادحين وذوي الدخل المحدود من الموظفين ومنتسبي مؤسسات الدولة، إذ يعاني أبناء هذه الطبقة و الجماهير الكادحة و موظفي القطاع العام من اوضاع اقتصادية سيئة للغاية جراء عدم دفع الأجور والرواتب لأكثر من أربعة اشهر او تقليصها إلى الربع، وفرض مختلف الضرائب والرسوم و الأتاوات تحت شتى الذرائع الواهية و الكاذبة.

لم تكن هذه الاوضاع هينة أبدا على الطبقة العاملة وأبنائها، بل تصدى العمال و موظفي الدولة وبشتى الاشكال النضالية الباسلة لهذه الاوضاع المزرية و التي لا تليق اطلاقا بحياة الإنسان، بدءا من مقاطعة مراكزالعمل، و الاحتجاج والتجمع في مواقع العمل والساحات العامة وأمام مؤسسات السلطة للتعبير عن سخطها واحتجاجها الشديد، رفضاً لهذا المناخ، والاجواء التي تدفع بالمزيد من ضحايا الأزمة إلى دون مستوى الفقر. وقد ازدادت حدة اثارهذه الضغوطات وهذه الهجمة الشرسة في الأشهر الأخيرة بشكل متفاقم ولم يعد بالإمكان التحمل والصبر، ما ادى لاندلاع موجة من الاحتجاجات الجماهيرية المشروعة ......

موجة من الاحتجاجات المتفرقة احياناً، والمتقطعة احيانا اخرى. ومع تقدم الاحتجاجات ونموها بدأت بوادر ظهور احتجاجات جماهيرية اكثر تحشيداً و إنتظاماً مما جعلت المجتمع الكردستاني على حافة انفجار و تغييرسياسي واجتماعي " غير مرتقب".
التحشيد الجماهيري في يوم27 من أيلول احدى بوادر هذا التغيير.

27 أيلول 2016 و أحلام اليسار

لقد وصف التجمع الجماهيري ليوم 27 أيلول بأنه احدى وسائل الأحزاب و التيارات البرجوارية المتصارعة لفرض شروطها على خصومها، في محاولة منها لاستغلال الحشد الجماهيري وموجة الاحتجاجات!!.

مما لا شك فيه ان الأحزاب و التكتلات البرجواية تسعى جاهدة لركوب موجة الاحتجاجات الجماهيرية في صراعها مع الاقطاب البرجوازية المناوئة لها من جهة، واجهاض الحركة الراديكالية للجماهير المحتجة من جهة أخرى، ودفع الحركة الرديكالية والعمالية الى الوراء، وهذه مسألة واضحة للعيان. وقد رأى البعض الاخر في تجمع 27 من ايلول بداية الثورة، بل الثورة بعينها وعندما اكتفت الجماهير المحتجة بالتحشد والتظاهر السلمين وفاجأة الحالمين بالثورة التي لم تحن ساعتها بعد، تصاعد احساس دعاة الثورة هؤلاء بان تظاهرة 27 أيلول أسوء وامرٌ تظاهرة عاصروها!!.

من الواضح، وهذا ليس خافيا على احد، بأن الطبقة العاملة، ونشطائها و الحركة الراديكالية في المجتمع الكردستاني لم تكن مستعدة بما فيه الكفاية لقيادة هذه الاحتجاجات ولا لضمان استقلاليتها من هيمنة ونفوذ الأحزاب و القوى السياسية، إلّا انه لا يمكن اطلاقا وعندما تخوض الحركة العمالية النضال وتحضرإلى الميدان بان نتكفي بترديد عبارة " كان يبغي ان لا نهاجم السماء"!.

إن حماية استقلالية الحركة الاحتجاجية وصيانتها لا يمكن ان ياتي من خلال الاجبار على الإكتفاء بالحضور الاحتجاجي وفرض حالة التبعثروالتشتت في وقت هي بأمس الحاجة الى الروح الجماعية و الوحدة وتلاحم الاحتجاجاتات المتفرقة. ان حماية استقلالية الحركة لا يمكن تأمينها بالعزلة، حيث عندها تكون اكثر عرضة للاحتواء. لايمكن ضمان استقلال الحركة من دون تامين الخط السياسي والعملي المستقل للطبقة العاملة عن كافة التيارات البرجوازية التي تعبر عن اماني العمال وجموع الكادحين في الخلاص النهائي وتحقيق المطالب الحية والواقعية للحركة و التي تضم كامل اهداف الحركة.

من دون تامين قيادة حية ثورية منبثقة من الجماهير المحتجة، تعرف كيف تقودها نحو تحقيق اهدافها. قيادة لا تعرف المساومة و لاتعرف الملل و القلق و التردد. من دون توجيه نقد لاذع لبرامج الاحزاب القومية والدينية وفضح سياساتهم، ومؤامراتهم، وتحالفاتهم، وكشف زيف ادعاءاتهم والمتاجرة بقوت العمال والفقراء ...بل ينبغي تحميل كافة اقطاب البرجوازية الحاكمة، والمعارضة الكاذبة كل اسباب الازمة الراهنة والبؤس و الفقر الذي آل اليه المجتمع الكردستاني وتحمليهم المسؤولية الكاملة عن معاناة الجماهير المحرومة. ينبغي توجه كل سهام النقد السياسي نحو الاحزاب البرجوازية وحكومتهم الأئتلافية الفاسدة. لا يمكن الحديث عن حماية استقلال الحركة العمالية من دون شن نضال سياسي و ايديولوجي ضد كامل النظام الرأسمالي و مؤسساته و فضح احزابه بكل ألوانها السياسية.

كيف نخطو الى الامام؟

لقد اشرنا انفا إلى ان تامين وحماية الصف المستقل للاحتجاجات العمالية والجماهير المحرومة ضرورة انية لا رجعة عنها من اجل السير الى الامام.

1- ان الاقراربعدالة واحقية مطاليب الجماهير في دفع الرواتب من دون تغيير، ودفع المستحقات المالية المتراكمة، وإلغاء كافة الرسوم و الضرائب، وإلغاء سياسية خصخصة المؤسسات الخدمية وغيرها، والدفاع المستميت عن عدالة مطالب الجماهير دون هوادة، هي مهمة ضرورية وعاجلة وستكون من اولويات النشطاء الشيوعيين و الراديكاليين الثوريين.

2- تجاوز كل مظاهر تقديس عفوية الجماهير، والتخلف عن قيادة الحركة. ففي الوقت الذي ينبغي الدفاع الكامل و دون قيد او شرط عن المطالب العادلة للجماهير يجب عدم تقديس عفوية الجماهير وضرورة الارتقاء بالمطالبات الجماهيرية واشكال النضال من اجل تحقيق تلك المطالب وعدم السماح بتعطيل تحقيق المطالب تحت اية ذريعة او مبرر كان.

3- ضرورة اختيار الاسلوب النضالي الأنسب الذي يتلائم مع وضع الطبقة العاملة والجماهير الثورية وضرورة رؤية تطور الحركة في مساره الاجتماعي والتاريخي من اجل اتخاذ التكتيك الثوري الملائم .

4- ان الارتقاء بالنضال الاقتصادي إلى نضال سياسي شامل، لا يؤمن تحقيق المطالب الاقتصادية فقط، بل يدفع الحركة إلى مرحلة نضالية أرقى لا يمكن الاستهانة بها. ان مايميز الاشتراكيين الثوريين عن سائر التيارات اليسارية هو رؤيتهم لمجمل مصالح الطبقة النهائية. ان ترديد الجماهير لعبارات " عدم ملائمة النظام " و "هذا النظام لم يعد يفيد " و"ضرورة رحيل هذا النظام"...الخ تضع الحركة امام طريق لا يمكن العودة فيه إلى الوراء ....الى ما قبل 27 أيلول، او الإكتفاء فقط بالمطالب الاقتصادية. ينبغي التمسك بأرقى الشعارات و المطالب و الدفع بها إلى الأمام تحت قيادة العمال الثوريين و القادة الراديكاليين من الحركات الاحتجاجية.

ان احدى اهم مقومات نجاح الحر كة الاحتجاجية الراهنة في كردستان هو السعي من اجل تجاوز حالة التشتت والتبعثر وعدم استمرارية الاحتجاج الجماهيري الحالي. ينبغي خلق ترابط عضوي فعال بين الفئات الاجتماعية المحتجة في شبكة نضالية كفوءة ومرنة من خلال ايجاد هيئات قيادة لمثلي التجمعات و المنتخبة من من قبل القسم او الفرع الخدمي او الصناعي في التجمع العام .

اذا كان الجميع متفقا على ان الوضع الراهن لايعد وضعا ثوريا، مع الأخذ بنظرالاعتبار سوء فهم البعض لما يعنيه الوضع الثوري، فان المسألة الاسياسية تكمن في كيفية تغيير الوضع اللاثوري إلى وضع ثوري او بمعنى ادق كيف يمكننا ان نؤسس ونبي مقومات الوضع الثوري و شروط التغيير الثوري.

الإضطهاد وحده، مهما كان فادحا، لايدفع دائما لنشوء وضع ثورى فى البلاد. لايكفى للثورة فى معظم الحالات أن لاترغب الطبقات الدنيا فى العيش بالطريقة القديمة. بل من الضرورى ألا يعد بمقدور الطبقات العليا أن تسيطر وتحكم بالطريقة القديمة . ان الطبقات المنكبوبة لايكفيها فقط رفض العيش بالطريقة القديمة، بل عليها ايجاد السبل النضالية الكفاحية التي تسهل لها الطريق إلى العيش بطريقة جديدة. العيش الجديد الذي يمهد السبيل إلى انهاء نظام العمل الماجور والملكية الخاصة، السبل النضالية التي تفجر طاقة الجماهير المحرومة بشكل لا تستطيع عندها الطبقات العليا من التحكم بالطرق القديمة، رفع الهيمنة الفكرية والسياسية للطبقات السائدة على الطبقة العاملة والمجتمع برمته، رص صفوف الطبقة بالاشكال التنظيمة والجماهيرية التي تناسب وتفتح كل الابواب امام التحرر واطلاق قدراتها النضالية....ان تسلط الطبقة ياتي اما من فرض اجواء القمع والخوف و الرعب او من خلال استغلال رتابة وعي الجماهير المحرومة.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة