الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة -المفهوم - على منصة الإعدام : إعلام شريك في الإغتصاب

محمد محسن عامر

2016 / 10 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في التاريخ الغابر للحضارة الرومانية رفعت أعمدة المسارح العملاقة من أجل إطفاء عطش "الغوغاء" بمشاهد السيوف التي تخترق الأجساد و أنياب الحيوانات المفرتسة و هي تنهش ضحايا الحلبات . إذ كان الحكام يعون جيدا أن إبقاء الناس في حالة إنتشاء أخرق كفيل بجعلهم ينسون بؤسهم و فقرهم و الأهم من كل ذلك عدم تحول أنظارهم نحو الحكام . إنها ألية إلهاء ديماغوجي تقليدي انتقلت عبر الأزمان بأشكال شتى و بأدوات إلهاء ديماغوجي تطورت و تنوعت من حلبات المجالدين وصولا إلى "بلاطوهات" النقاش السياسي و تلفيزون الواقع.
فتحت الثورة التونسية الباب لحرية الكلام بعد أكثر من نصف قرن من الإعلام الواحد و الخبر الواحد و منطق " و ما أريكم إلاّ ما أرى" السلطوية التي دأب عليها بن علي و الحبيب بورقيبة . تحول المشهد الإعلامي إلى حلبة صراع حقيقية من أجل كسب قبول المشاهدين و جني أكثر نسب المشاهدة في فضاء إعلامي بلا ظوابط و يفتقر إلى أليات حقيقية رقابية و حرة في آن. في عالم تتحرك فيه التلفزة خارج إطار الحدود و خارج سلطة الأنظمة انتهى فكرة الدولة القومية تلفزيا .
بعد حالة الإتخام بالسياسة لدى الجمهور أصبحت بلاطوهات "تلفزيون الواقع" محافل تشنيع عصابي و حبلا لنشر "مصائب الناس" على المباشر لا من أجل محاولة إيجاد أليات حلول و إنما من أجل تحويل ألم إنساني إلى طاولة نميمة عملاقة يشارك فيها مئات الألوف لمشاهدة ضحية يواجه ألامه داخل الحلبة وحيدا ..
في أخر حلقات برنامج "عندي ما نقلك " يتمّ استضافة فتاة ال18 عام التي تعرضت لعملية انتهاك جنسي متكرر من عدة أشخاص . هذا خبر عادي مؤسف يحدث كل يوم داخل مجتمع الفحل الأكبر و القضيب الأعلى . و لكن الشنيع أن يتحول الضحية إلى جلاد في نفس الوقت , قلت سابقا و دوما ان العنف الرمزي الذي تتعرض له النساء في مجتمعنا المتخلف قادر على تحويل فعل الإنتهاك فعلا يقوم به الضحية نفسه , أي عندما تقوم مثلا كما حدث مع ضحية عملية الإغتصاب أن تحول الإعتداء إلى جرم و تحاول طلب الصفح من الأب !!!! فتاة ال18 تعرضت إلى ثلاث أشكال انتهاك شنيع : الأول عبر حدث الإغتصاب و الثاني من قبل الإعلام و الثالث من قبل نفسها عبر تحويل نفسها بدون وعي إلى جلاد و طلب الصفح من أجل كونها اغتصبت ..
ما شاهدناه بألم هو محفل عقابي كما كان يحدث في تجمعات "القصاص" في التاريخ الغابر . و لكن الجلاد الأن هو المجتمع مجتمعا على طاولة "تلفزيون الواقع" و الجلاد بدل تغطية وجهه أصبح يرتدي ياقة بيضاء و بدل السيف أصبح الميكروفون أداة القتل . و هكذا توضع المرأة لا كجسد و إنما كمفهوم على منصة الإعدام و يحصل محفل طعن مجنون جماعي تستعمل فيه كل التعاليم الأخلاقية المتخلفة و قيم الشرف و العرف و الدين و قيم المجتمع الأبوي المتخلف .
فتاة ال18 التي تم اغتصابها تحولت بكل عنفوان شبابها المنتهك إلى محكمة أخلاقية لكل المجتمع , لقد عرّت تخلقنا و بؤسنا و افتقارنا للأدنى درجات الإتزان الأخلاقي و الإنساني . لقد أثار هذا المشهد حفلة قيئ اجتماعي لا مثيل لها أخرجت من جوف هذا المجتمع كل خوازيق الإنحطاط و السفالة و قبح الإعلام.. نحن أمة نبتعد على الحرية بمسافة إنسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاكل الأيكولوجية والحلول بوجهة نظر علم المرأة فيديو معدل


.. رئيسة الجمعية الدكتورة منجية اللبان




.. ملكة جمال القاهرة.. وسموها جوليت المسرح.. أسرار عن حياة -زين


.. ضبط عصابة الـ-تيك توك- في لبنان المتهمة باستدراج الأطفال واغ




.. لبنان مطالبات بإنصاف العمال ورفع الغبن عنهم في يومهم العا