الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئيون الجدد

مولاي عبد الحكيم الزاوي

2016 / 10 / 19
المجتمع المدني


البيئيون الجدد
ذ: مولاي عبد الحكيم الزاوي
أستاذ باحث/ مراكش/ المغرب
تجود علينا كل مناسبة بشرط، خبراء مندسون في تفاصيل الأشياء، يفقهون في السينما، كما تفقه العرّابات في ضروب الوهن، وتنقلب بهم المنازل بقدرة قادر نحو عالم السياسة والانتخابات، فيغيرون على هذا ويمدحون ذاك، نكاية في كل مواثيق الشرف والأخلاق، اليسار مثل اليمين وحتى الوسط، كلاهما لمن يجزل أكثر، تنقضي حمأة الاقتراع، فتنتقل بهم السبل صوب أفيون العصر الجديد، وتراهم يبيعون خبراتهم الايكولوجية وكفاءاتهم التنظيمية بالمزاد العلني لمن أراد أن يسترزق علما قبل أن ينضب معينه.
آفتنا أننا لا نحترم ذواتنا، تاريخنا، زماننا، ندعي الفهم ونتداعى بالجهل، متى كنا نفهم في البيئة والانحباس الحراري حتى صار ذكرهما لا يفارق منتدياتنا وصالوناتنا العاجية.
ما معنى بأن نكون بيئيين في واقع يدمن التدمير الممنهج، في عالم تنخره المصالح والأرباح، في مغرب يحضر نفسه للهاوية، عن سبق إصرار وترصد، لا قيمة للبيئة والإنسان فينا يجري وراء الفيلا الباذخة والكاطكاك النادرة والسفريات الهولويودية.
في العمق أيها السادة الكرام تترصدنا ثلاثة أخطار كبرى: خطر نووي يجثم على أرواحنا مخافة حرب ثالثة تبقي ولا تذر ، وخطر اقتصادي حولت العولمة الى أفيون جديد، وبينهما وخطر بيئي محدق ينذر بمأساة ترتقب.
مفكرون كبار مهووسون بالمأساة الإنسانية مثل نعوم تشومسكي يعتبرون كوننا لا زلنا على قيد الحياة مع كل الترسانة النووية الموجودة فوق سطح الأرض إذ ليعتبر أكبر معجزة كبرى تمنحنها لنا الطبيعة، فمن الممكن أن تتوقف الحياة فوق الأرض في أية لحظة بطيش عقل غير مرتقب. 300 قنبلة نووية قادرة على التكفل بالغرض، أمريكا دركية العالم وسادنته وحدها تتوفر على 75 ألف منها، تخيلوا معي لو جاد علينا الزمان بشخص في طيشان هتلر، ماذا سيحدث؟
مناضلون عظام من أمثال جان زيغلير وبيير رابحي وإدوارد غولدسميت وآخرين لا يتوقفون عن إطلاق صفارات الإنذار، وراء لهث بعض مرضى الرأسماليين وعرابي النقد الدولي الاستحواذ على موارد الكوكب، لا يفتأون يذكرون بمأساة الملايير من البشر.
عظماء من أمثال إدغار موران ويان أرتوس ونيكولا هيلو وستيفان هيسيل ينددون بكل أشكال التخريبات الفادحة التي تطال كوكب الارض، تحت شعارات واهية، بإسم الرفع من الإنتاجية وتحقيق الوفرة، ينبهون الإنسان العاقل إلى أن كوكبنا هو في حالة من الانهاك، لم يعد قادرا على التحمل، تحمل أنانيتنا التافهة، ونرجسيتنا المفرطة، ويسائلون ضمائرنا الحية عن قدرة ما إذا كان بإمكاننا أن ننقذ شيئا.
لننصت إلى أحد حكماء هذه الأرض في لحظة ارتجاج العقل البشري، الحل في نظر الثوري الجميل بيير رابحي لا يمكن أن يخرج عن إعادة النظر جذريا في مفهوم "التنمية" من أجل "اللانمو" الذي يعني التقييد الذاتي للحاجيات، وعودة الإنسان إلى محضنه الأصل، إلى البساطة والعفة والكفاف، إلى الأصل البيولوجي/ الأنتربولوجي الذي اندثر بفعل المدنية الزائفة.
البيئة تحتاج إلى بشرية تلد الانسانية، إلى ضمائر تنصت إلى تأوهاتها، إلى من يوقف نزيفها، وحركتها الآخذة سيرا نحو الارتطام بالحائط، نحو الهاوية بتعبير ادغار موران، إلى من يجعل من إنقاذ الأرض همه اليومي، ويوتوبيا حياته، إلى من يفكر في الآن والآتي، باختصار إلى من يفكر بمنطق مستديم.
لم نستكمل بعد نحن أشقياء هذا الوطن منظومة الترافع عن حقوقنا الأساسية، فانتقلنا بقدرة قادر نحو الترافع عن قضايا تهم عيشنا المشترك، عن حقنا في بيئة سليمة، وكأننا أوصياء قراراتنا السيادية.
سينتهي الكوب وينتهي معه الصخب، وتعود بنا مدارك الزمن نحو مدينة حمراء بلياليها، بيضاء بنهارها، بمدينة أثخنتها عملات الأجانب وأضنتها مواجع الفاقات والعاهات، تذكر بحادث عابر مر من هنا، خلده التاريخ من دون أثر، فطواه نسيان ذاكرة المغاربة المؤقتة، كما تطوى وقائع المهمشين في أقبية التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر


.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس




.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم