الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تجسد الكلمة (2) : التجسد كحدث في التاريخ
ابراهيم القبطي
2005 / 12 / 29العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في المقال الأول كان التحليل المنطقي لفكرة التجسد موضحا ليس فقط لأهمية التجسد بل أيضا لحتميته ، و هو أنه لا خلاص و لا تواصل بين الانسان و الإله إلا بتجسد هذا الإله ، و استكمالا لهذا نذهب إلى الأعماق التاريخية باحثين عن حقيقة التجسد في التاريخ ، فلو خرج تجسد المسيح الكلمة خارج التاريخ ، و هو ما لا يستطيع اثباته البحث اللاهوتي ، أصبح مجرد أسطورة . و لهذا ينقسم هذا البحث إلى شقين متداخلين ، أن يسوع المسيح كان شخصا واقعيا في التاريخ ، و الثاني في أنه هو بالحقيقة الإله الظاهر في الجسد .
*****
يسوع المسيح : شخصية تاريخية .
لكي نؤكد على تاريخية شخصية ما هناك مصدران أساسيان ، الوثائق التاريخية ، و الآثار الحفرية ، وهما الدليل الأكيد على أن هذه الشخصية تتخطي الخيال الأسطوري إلى أرض الواقع التاريخي ، و هما بالتأكيد ما يفصل التجسد المسيحي عن أساطير الأولين من الأديان القديمة ، وعن تكفير اللاحقين من أعداء التجسد .
*****
أولا الوثائق التاريخية من المصادر المسيحية:
* من أوائل الوثائق التاريخية و التي يمكن التصديق على تاريخيتها هى أسفار العهد الجديد (الكتاب المقدس) ، بما فيها من بشائر أربعة لمتى و مرقس و لوقا و يوحنا ، فهذه الوثائق الأربعة ليست إلا تسجيل تاريخي لأحداث رأوها بأعينهم عن يسوع المسيح ، عن كلماته ، معجزاته ، عن صلبه ، وعن قيامته من الموت ، ثم بداية نشأة الكنيسة في سفر أعمال الرسل ، ثم رسائل لتلاميذه إلى الكنائس الوليدة يتكلمون فيها عن حقائق الإيمان الجديد ، و أخيرا السفر التنبؤي الوحيد في أسفار العهد الجديد و هو سفر الرؤيا ، و الذي يناقش الأمور المستقبلة للكنيسة . فالعهد الجديد في مجمله هو قصة التجسد كحدث في التاريخ .
* و الذي يحدد مدى صدق أحداثها من الناحية التاريخية هو قدم مخطوطاتها إلى زمن يعاصر الزمن المفترض لوجود المسيح ، و كذلك وفرة هذه المخطوطات مع توافق شبه كامل بينها في رواية الحدث ، مما ينفي شبهة تحول القصة التاريخية إلى اسطورة . فالاسطورة في علم التأريخ يلزمها الكثير من القرون لتتطور من الأحداث الطبيعية ، فأساطير اليونان عن حرب طروادة و أثينا مثلا احتاجت إلى ما يقرب من ثمانية قرون لإضافة الطابع الاسطوري عليها.
و لتأكيد تاريخية أسفار العهد الجديد نؤكد أنه بعد مرور أكثر من 2000 عام على ميلاد المسيح ، يوجد ما يقرب من 5,700 مخطوطة لأسفار العهد الجديد باللغة الأصلية و هي اليونانية ، هذا بخلاف من 8,000- 10,000 مخطوطة باللغة اللاتينية ، و حوالي 8,000 باللغات الأثيوبية و السلافية و الأرمينة ، هذا عدا ما يقرب من 1,000 مخطوطة بلغات عديدة أخرى ، بما يقترب من 24,000 مخطوطة في المجمل. و لعل الأهم أن كل هذه المخطوطات كتبت بين عامي 50-225 ميلادية ، مما يجعل وقت كتابة أقدمها لا يزيد عن 27 عام بعد صعود السيد المسيح عام 33 م تقريبا ( 1 ، 2 ) .
* و تتفق هذه المخطوطات فيما بينها أتفاقا يكاد يختفي من أي مخطوطة أخرى في التاريخ (توافق بنسبة 99.5 %) فيما بينها مع الوضع في الاعتبار أن ال 0.5 % الباقية من الاختلافات تقع في المخطوطات المترجمة ، نتيجة الاختلافات بين المترجمين في الاسلوب و اللغة (3 ).
* بالمقارنة فمخطوطات الإلياذة لهومر تصل إلى حوالي 643 و ترجع أقدمها إلى 400 عام بعد الحدث التاريخي ، ومثال آخر هو تاريخ هيرودوت و الذي لا نملك من مخطوطاته إلا ثمانية نسخ ، ويرجع أقدمها إلى 1350 عام بعد تاريخ كتابتها الفعلية ( 4) . مما أعطى مزيد من الوقت لتطور الفكر الاسطوري و عدم دقة الحدث .
* أما بالمقارنة مع القرآن ، فلا يوجد على حسب المعلومات المتاحة دراسة علمية عن عدد المخطوطات القرآنية ، و لكن موقع عالم القرآن الكريم (5 ) لا يشير إلا إلى ما يقرب من 18 مخطوطة يرجع أقدمها إلى 391 عاما بعد هجرة رسول الإسلام ، هذا بالطبع بالإضافة إلى مخطوطة سمرقند (6 ) و التي تعد من أقدم المخطوطات القرآنية ، وإن كانت تفتقد النقاط و التشكيل بالخط الكوفي ، و بها الكثير من الاختلافات اللفظية و الحرفية عن القرآن المعاصر تصل إلى 750 اختلاف ، على الرغم من أنها بالعربية ، حيث لم يترجم القرآن إلا في العصر الحديث ، مما يثير التساؤل و الشك !! و لعل المزيد من التفاصيل عن أختلافات القرآنات تكلم عنها كتاب المصاحف للسجستاني(7 ) ، الذي ذكر أن النسخ المتاحة في عصر عثمان كانت 21 نسخة قرآنية تختلف في الكثير من الآيات و الحروف و المعانى ، هذا بالطبع قبل حرق عثمان بن عفان للمصاحف .
* لعل من أهم التأكيدات على صدق الرواية التاريخية التي ترويها البشائر الأربعة عن حياة السيد المسيح و غيرها من أسفار الكتاب المقدس هو وفرة المعلومات الاثرية و الحفرية التي تؤكد على وجود المواقع و الأشخاص المتداخلة في نص البشائر . فعلى سبيل المثال أكدت الحفريات وجود المدن القديمة التالية و التي ذكرت في نصوص العهد الجديد( 8) :
بيت عنيا (متى 17 :21) ، بيت لحم (متى 2: 1) ، بيت فاجي ( مرقس 11 :1 )، بيت صيدا ( لوقا 9: 10)، قيصرية (أعمال الرسل 10 : 1) ، قانا الجليل (يوحنا 2: 1) ، كفر ناحوم (متى 4: 13) ، عمواس (لوقا 24 : 13) ، جينيسارت (متى 14 : 35) ، كورة الجدريين (لوقا 8: 26) ، كورة الجرجسيين (متى 8: 28) ، أريحا (مرقس 10: 46) ، مجدلا (محل ميلاد مريم المجدلية) ، نايين (لوقا 7: 11) ، الناصرة (مرقس 6: 5) ، صيدا (متى 15: 21) ، سوخار (يوحنا 4: 5) ، صور (متى 15: 21).
* بل و تعدت الكشوفات الأثرية لتستخرج لنا بيت بطرس تلميذ المسيح و كذلك المجمع المقدس الذي تكلم فيه المسيح أمام اليهود في مدينة كفرناحوم ، و أظهرت مزيد من الحفريات على وجود بيلاطس البنطي حاكم اليهودية الروماني الذي أصدر الأمر بصلب المسيح ، فوُجدت صخرة في مدينة قيصرية مكتوب عليها " إلى شعب مدينة قيصرية تحت حكم بيلاطس البنطي حاكم اليهودية" . كما كشفت الحفريات في نوفمبر 1990 عن صندوق يخص قيافا رئيس الكهنة في عهد المسيح ، و يرجع تاريخة إلى القرن الأول الميلادي ، ولعل من أجمل الحفريات ما أُكتشف عام 1945 في أورشليم لتوابيت تخص مسيحيين من القرن الأول بالتحديد في حوالى 50 م ، على أحدها نص:" يا يسوع أقمني من الموت" ، و لعل المزيد من المعلومات القيمة لا يتسع لها هذا المقال و لكنها تملأ الكثير من الكتب المتخصصة ( 9).
* و أخيرا و على الرغم من أن القرن ال19 قد أمتلأ بالعديد من الشاكين في صحة الكتاب المقدس التاريخية ، فقد أثبتت الاكتشافات الحديثة في القرن العشرين أن عدم أكتشاف الموقع أوالأثر لا ينفي صحة الكتاب ، و مع الوقت أُكتشفت الكثير من الحقائق التي تؤكد أحداث العهد الجديد (الكتاب المقدس) بلا أدنى شك و من الأمثلة (9):
- شك الكثيرون في صحة الاحصاء الروماني الذي أجراه قيصر فكان السبب الذي جعل العذراء مريم و خطيبها يوسف النجار يذهبون ليكتتبوا في بيت لحم (لوقا 2: 1) ، و مع الوقت أثبتت الاكتشافات صحة تاريخية هذا الاحصاء و أنه كان يُقرر كل 14 عام في الامبراطورية الرومانية . بل و شكك البعض أيضا في ضرورة العودة إلى محل الميلاد للاحصاء ، و لكن بردية مصرية قديمة من العصر الروماني أثبتت أن هذا كان هو الأجراء المتبع .
- شك آخرون في أن غاليون هو حاكم مدينة أخائية في أيام بولس الرسول (اعمال الرسل 18: 12) ، و مع ذلك وجدت مخطوطة ترجع للقرن الأول في مدينة ديلفي تقول " حيث أن يوليوس غاليون ، صديقي و حاكم أخائية".
* و أخيرا يكفي أن عالم الآثار د/ جون مكراي “John McRay” في كتابه الضخم (472 صفحة) "علم الآثار و أسفار العهد الجديد" ، يؤكد أنه حتى هذه اللحظة لم يظهر أثر واحد أو حفرية واحدة تناقض ما هو مكتوب في الكتاب المقدس ( 10) .
-------------------------------
ثانيا الوثائق التاريخية من المصادر الغير مسيحية:
لا يمكن من الناحية التاريخية الاعتماد فقط على الكتاب المقدس (على الرغم من صحته التاريخية) ، فلابد من التأكيد عن تاريخية شخص المسيح و تفرده المعجزي من المصادر الخارجية . ومن هذه المصادر الخارجية :
1) التلمود اليهودي (التلمود البابلي) “Babylonian Talmud” : يحتوي على 63 سفر من تعاليم قانونية و روحية و طقسية تخص العقيدة اليهودية ، و قد كتب على مدار القرون من تعاليم معلمي اليهود عبر العصور ، و في كتابات من الفترة 70-200 م ، و بالتحديد في 43a السنهدرين (11 ) مكتوب:
"في عشية عيد الفصح ، علقوا يسوع من الناصرة (على خشبة) .. لقد كان يمارس السحر الذي أضل الكثير من اليهود" .. وترجع قوة هذه الشهادة إلى أنها من كتابات اليهود المعادين للمسيح ، ومنها نستنتج أن المسيح كان موجودا ، و أنه صلب ، و قد أجرى الكثير من المعجزات فاعتبروها سحر ، و أن الكثير من اليهود اتبعوه تاركين الدين اليهودي .
2) المؤرخ اليهودي يوسفيوس (ولد في 37 م) “Josephus” : بدأ هذا المؤرخ يكتب عن تاريخ الحروب اليهودية في عام 70 م ، و نشر أشهر أعماله عن تاريخ اليهود بين 93-94م “Jewish Antiquities” ، كتب يقول فيها :
وكان وقت ظهر فيه يسوع ، رجل حكيم ، و كان من فاعلي الأعاجيب ، فتبعه الكثيرون من اليهود و أهل الأمم ، وقد صلبه بيلاطس البنطي باقتراح من قيادات اليهود منا ... و جماعة المسيحيين المسماة على اسمه لم تنقرض بعد حتى هذا اليوم"(12) “Antiquities 18: 63-64”
3) المؤرخ تاكتيوس “Cornelius Tacitus” : الذي ولد بعد صلب المسيح ب 22 عام ، و كان حاكما على آسيا الصغرى ، و قد ألف العديد من المؤلفات التاريخية منها “Histories” التواريخ ، و “Annuals” أو الحوليات و فيها كتب يؤكد أن نيرون الامبراطور ليغطي على حريق روما ، أتهم المسيحيين بحرقها ، و هم أتباع المسيح “Christus” الذي قُتل في عهد بيلاطس البنطي حاكم اليهودية في عهد تباريوس “Tiberius” ، و لكن الخرافة الخبيثة (يقصد القيامة من الأموات) على الرغم من اخمادها مؤقتا عادت و أنتشرت ، و لكن ليس في اليهودية فقط و لكنها وصلت إلى روما نفسها . و بالتالي بناءا على قرار نيرون تم القبض على المذنبين منهم ، ليس فقط بسبب حريق روما و لكن بسبب العداء للجنس البشري (!!!!) (13 ).
ومن الواضح أن يؤكد مرة أخرى على تاريخية المسيح ، و أنه يشير بطريقة خفية إلى نوع من الخرافة الخبيثة و التي أكسبت المسيحية الكثير من الاتباع ، و بالطبع هذا من أقوى الأدلة على نوع الايمان الذي كان يعيشه المسيحيون الأوائل ، و ايمانهم القوي بما كان يعتبر خرافة القيامة من الأموات .
4) المؤرخ بيليني الصغير “Pliny the Younger” ، و الذي ولد في القرن الأول حوالي 61 م ، و كتب مجموعة ضخمة من الكتابات و الرسائل و التي تحتوي الكثير من المعلومات التاريخية ، تولى حكم مقاطعة بيثنيا “Bithynia” في أسيا الصغرى ، و قد كتب في أحد رسائله إلى الامبراطور تراجان صديقه سائلا النصح فيما يخص بعض المسيحيين والذين قُبض عليهم لرفضهم السجود لتماثيل الأمبراطور ، ومرة أخرى يشير إلى الخرافة التي يتبعونها و التي تحرم عليهم السجود إلا للمسيح ، و أن هذه الخرافة (مرة أخرى اشارة إلى القيامة من الأموات) تنتشر كالوباء في ربوع الامبراطورية الرومانية حتى بين المواطنين الرومان أنفسهم ( 14) .
و مرة أخرى تشير المصادر التاريخية الغير مسيحية إلى أن المسيح كان له حضور قوي في قلوب الكثيرين من أتباعه ، الذين كانوا يعتقدون في خرافة ما عنه أدت إلى انتشار هذا الفكر كالوباء بين ربوع الامبراطورية .
بين كل هذه الآثار و الحفريات و الوثائق المسيحية و الغير مسيحية ، و التي يتركز أكثرها في القرن الأول الميلادي ، تظهر الحقيقة العلمية و التاريخية واضحة ، أن يسوع المسيح كان شخصية تاريخية ، و ليس هذا فقط ، بل أنها كانت تفعل المعجزات طبقا للمصادر المسيحية ، أو الأعاجيب و السحر طبقا للمصادر الأخرى ، و أنه قام من الموت (الخرافة الخبيثة) مما جعل أتباعه ينتشرون بسرعة بين جميع الأوساط الرومانية . ومن هنا ننطلق إلى إلوهيته ، فهل كان يحمل صفات الإله ؟
*****
يسوع المسيح كإله:
من مصادر التاريخ الغير مسيحية عرفنا أنه صانع الأعاجيب ، و هذا ما تؤكده المصادر المسيحية بمزيد من التفاصيل ، و بما أننا أثبتنا تاريخية الاسفار المقدسة ، ننتقل لنعرف من هو المسيح كما عرفه المسيحيون الأوائل .
----------------------------
أولا الكنيسة الأولى في القرن الأول الميلادي آمنت به كإله:
* كانت كنيسة القرن الأول الميلادي كنيسة مضطهدة ، ولم يكن من المميزات أن تكون مسيحيا ، و في الوقت نفسه لم يكن هناك مجالا زمنيا كافيا للاساطير أن تنتشر . و قد عرف المسيحيون الأوائل المسيح ربا و إلها و ابن الله .
* فالكثير من التلاميذ و الرسل للمسيح ، كانوا شهود عيان له ، و هم أنفسهم الذين ماتوا شهداء على اسمه متوقعين رجاء أفضل و قيامة من الأموت ، فلا يعقل أن يكذب أكثر من خمسمائة شخص عاينوا قيامة المسيح من الموت (كورنثوس الأولى 15:6) ، و أن يموتوا من أجل كذبة هم اخترعوها . من الممكن بالطبع أن يموت المؤمن شهيد إيمانه بناء على ايمان أجداده ، الذي لم يره أو يمتحنه ، و لكنه لم يسجل في التاريخ أن يموت شخص من أجل كذبة هو اخترعها ، وحياة المسيح تم تسجيلها على يد أربعة من التلاميذ ، لوقا و يوحنا و متى و مرقس ، كلهم استشهدوا على أسم المسيح ما عدا يوحنا ، هذا بخلاف بولس و بطرس و يعقوب و يهوذا أخو الرب ، و كلهم عاينوا حياة المسيح من الميلاد و حتى القيامة ، و ماتوا شهداء على اسمه ، و هنا يؤكد بولس الرسول:
" واعرّفكم ايها الاخوة بالانجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه
وبه ايضا تخلصون ان كنتم تذكرون اي كلام بشرتكم به الا اذا كنتم قد آمنتم عبثا.
فانني سلمت اليكم في الاول ما قبلته انا ايضا ان المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب.
وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب.
وانه ظهر لصفا ثم للاثني عشر.
وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لاكثر من خمس مئة اخ اكثرهم باق الى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا.
وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين.
وآخر الكل كانه للسقط ظهر لي انا.
لاني اصغر الرسل انا الذي لست اهلا لان أدعى رسولا لاني اضطهدت كنيسة الله" (كورنثوس الأولى 15: 1-9)
وقد كتبت رسالة كورنثوس الأولى ما بين 56-57 ميلادية ، أي بعد قيامة المسيح و صعوده بحوالي 23 عام.
------------------------
ثانيا المسيح كان يدعي الألوهة و أثبتها :
* المسيح أكد على أنه له سلطان على أن يغفر الخطايا (متى 9: 2-5) ولا يغفر الخطايا إلا الإله
* المسيح أكد أن له سلطان على الموت ، فأقام الموتى (لوقا 7: 11-17 ؛ متى 9 :18-26) ، لم يكن ذلك يكفي بل أكد أن له السلطان أن يقيم نفسه من الموت (يوحنا 10: 17-18) ، و هذا هو ما فعله كما تؤكد البشائر الأربعة ، و الموثقة تاريخيا ، وما يؤكده تلاميذه من الشهود العيان ، و كان هذا هو التفسير الوحيد لشجاعتهم و تبشيرهم به بعد موته على الصليب ، فالقيامة حولت الخوف إلى قوة ، وكما قلت كان إيمانهم من القوة إلى درجة الاستشهاد على رجاء القيامة ، بل أنهم تركوا دين أبائهم ليتبعوه دون أي تردد .
* المسيح أكد أنه ابن الله (متى 26: 63-65 ؛ متى 16: 16-18) ، و كان يخاطب اليهود بذلك ، فكانوا يعرفون بأنهم يعادل نفسه بالله و كان ذلك تجديفا .
* المسيح أكد أنه ابن الانسان (متى 13: 41-42) : و على الرغم من الكثير يعتقدون بأن هذا اللقب يشير إلى انسانيته وليس ألوهيته ، و لكن المفاجأة أن المسيح استعمل اللقب ليشير إلى نبؤة دانيال عنه في العهد القديم " كنت ارى في رؤى الليل واذا مع سحاب السماء مثل [ابن انسان] اتى وجاء الى القديم الايام فقربوه قدامه ، فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا [لتتعبّد له كل الشعوب والامم والألسنة] ، سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دانيال 7: 13-14) (15 ) وفيها أكد دانيال قبل مجئ المسيح ب 500 عام أن ابن الانسان سوف يأتي و تتعبد له الشعوب و الأمم ، و لا تعبد إلا لله .
* المسيح أكد أنه سيدين العالم في اليوم الأخير (متى 13: 41-42 ؛ متى 16: 27 ؛ متى 19: 28 ؛ مرقس 13: 26-27) ، و لا ديان غير الله .
* المسيح أكد على أنه حاضر في كل مكان و زمان (متى 28: 20 ؛ متى 18: 20) ، وهذا من صفات الألوهة.
* المسيح أكد أنه كائن قبل ابراهيم (يوحنا 8: 58) ، يتحدى الزمن .
* المسيح أكد أنه و الآب واحد (يوحنا 10: 30) ، معادلا نفسه بالله .
*المسيح خلق من الطين عينا لمولود أعمى (يوحنا 9: 1-7)
* و الحقيقة أنه لا تكفي المقالة للتأكيد على معجزاته و أقواله وتأكيداته التي تنفي كل الشك أنه الله الظاهر في الجسد .
--------------------------
ثالثا المسيح حقق كل النبؤات القديمة في أسفار العهد القديم (اليهودية) :
* كنت قد ذكرت في المقال الأول العديد من نبؤات انبياء اسرائيل عن المسيح المنتظر ، وللإسف عندما جاء لم يؤمنوا به : http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=53259
* نبؤات العهد القديم عنه كانت قبل مجيئه بمئات السنين ، و قد تعدت هذه النبوات 300 نبؤة مباشرة أو غير مباشرة ، صريحة أو رمزية ، ومن المثير أن أحتمالات تحقق 48 نبؤة فقط في شخص واحد تصل إلى 1/10 157 (احتمال واحد من 10 أمامها 157 صفرا) ، و بالتالي يصبح تحقق ما يزيد عن 300 نبؤة تأكيدا على أنه هناك واحد فقط في هذا الكون كله المرئي و الغير مرئي يخضع له كل سلطان كائن منذ الأزل و إلى الابد و ظهر مرة واحدة في التاريخ الكوني منذ الانفجار الاعظم (16) “the big bang” . ولمزيد من النبوات أسوق بعض الأمثلة :
1) المسيح سوف يولد في قرية بيت لحم (ميخا 5: 2) : و تحققت في (متى 2: 1-6)
2) المسيح سوف يولد من عذراء (أشعياء 7: 14) : و تحققت في (متى 1: 20-23)
3) المسيح سوف يُجرب من الشيطان (مزمور 91: 10-12) و تحققت في (متى 4: 5-7)
4) المسيح سوف يدخل أورشليم منتصرا (زكريا 9: 9) و تحققت في (متى 21: 8-11 ؛ لوقا 19: 35-37)
5) المسيح سوف يُرفض من اليهود (أشعياء 53: 1، 3) و تحققت في (يوحنا 1: 10-11 ؛ يوحنا 12: 37-38)
6) المسيح سوف يخونه واحد من اتباعه (مزمور 41 :9 ؛ مزمور 55: 12-13) و تحققت في (متى 26: 47-50 ؛ لوقا 22: 21-22)
7) المسيح سوف يُسلم بثلاثين من الفضة لأيدي صالبيه (زكريا 11: 12-13) و تحققت في (متى 26: 14-16)
8) المسيح سوف يحاكم ويصير مذنبا على الرغم من براءته (أشعياء 53: 8) و تحققت في (متى 27 : 1-2 ؛ لوقا 23 : 1، 23)
9) المسيح سوف يكون صامتا أمام جلاديه (أشعياء 53 :7 ؛ مزمور 35: 11) و تحققت في (مرقس 15: 3-5 ؛ متى 27: 12-14)
10) المسيح سوف يضرب و يبصق عليه (ميخا 5: 1 ؛ أشعياء 50: 6) و تحققت في (متى 26: 67-68 ؛ متى 27: 30 ؛ مرقس 14: 65 ؛ مرقس 15: 19؛ يوحنا 19: 1-3)
11) المسيح سوف يثقبون يديه و رجليه على الصليب (مزمور 22: 14-16) و تحققت في يوحنا 19: 15-16)
و غيرها الكثير من النبوآت أنه سوف يأتي من نسل المرأة فقط (تكوين 3: 15) ، أشارة إلى أنها لن تكون متزوجة ، و أنه سوف يصلب مع أثمة و لصوص (أشعياء 35: 12) ، و أن عظمة واحدة لن تكسر منه على الصليب أو بعد الصلب (عدد 9: 12) ، أنه سوف يموت عن خطايانا (أشعياء 53: 5-12) ، و أن ملكه إلى الأبد (دانيال 7: 13-14) ، وانهم سوف يقتسمون ثيابه و يقترعون على الرداء الخارجي (مزمور 22: 18) ، و أنه سوف يدفن في مقبرة رجل غني (أشعياء 53: 9)، و أنه سوف يقوم من الأموات في اليوم الثالث (مزمور 16: 10 ؛ مزمور 30: 3) ، و غيرها الكثير من الاشارات الكثيرة و الرموز و التي تؤكد أن الحدث كان أكبر من أن يتركه الوحي المقدس ، بل أن الوظيفة الاساسية للأنبياء كانت أن يتنبأوا عن مجيئه فهو إلههم ، و لذلك كان المسيح يؤكد لليهود " ابوكم ابراهيم تهلل بان يرى يومي فرأى وفرح" (يوحنا 8: 56) ، فابراهيم أبو الانبياء جميعا رأى بعين النبؤة المسيح ومات على رجاء مجيئه فرِحا.
نعم كان يسوع المسيح هو الإله الظاهر في الجسد ، و الذي ظهر في مجرى التاريخ من أجل أن يقترب من البشر ، وليس هذا فقط بل ليمنح ذاته للبشر ، التاريخ و الوثائق المسيحية و الغير مسيحية و الأدلة و الحفريات ، كلها تشير إلى هذه الحقيقة الناصعة .
******
بالتأكيد يظل المقال عاجزا عن تغطية كل دليل على الصدق التاريخي لظهور الإله في مسار الزمن ، و أن قصة المسيح تظل بلا مثيل في الروعة و الصدق و الدقة التاريخية ، و التي تجعلها ليست فقط حقيقة تاريخية ، بل أيضا حقيقة رائعة تميز بكل وضح أن مشتهى الانسان بأن يتجسد الإله و الذي عبر عنه في الأساطير و الأديان الأخرى قبل المسيح ، قد تحقق تاريخيا في شخص المسيح .
لم تستطع أشد الأديان عدوانية و انكارا للتجسد كالاسلام مثلا أن تفقد المسيح قدرته على الخلق أو اقامة الموتى (المائدة 110 ، آل عمران 49) ، أو أن تنكر أنه كلمة الله (آل عمران 45) ، و لكن محمد حاول بكل قوة أن يشوه هذه الحقائق ، لأنه لا يصح بعد الاعلان الكامل للكلمة المتجسد أن يأتي نبي ليعلن أنه الخاتم ، فكانت ألوهة المسيح تهديدا لإدعائ محمد الكاذب بالنبوة ، وبذلك يأتي النص القرآني بعد 600 عام من المسيح ، كاسرا لكل قواعد التاريخ و الآثار و العلم ، ليدعي و بمنتهى الغباء أن العالم مازال يحتاج إلى أنبياء ، ولأنه لم يفعل أي معجزة ، و لم يأتي بأي برهان سوى القرآن المفكك فكريا و الغير مرتب و الملئ بالأخطاء ، كان لابد من أن يفرض نبوءته بقوة السيف .
ومازال العالم حتى الآن يحيا على وهج الضوء الذي سطع منذ ما يقرب من ألفي عام في مزود صغير بميلاد مخلص العالم ، و أن السماء و الأرض قد تصالحتا ، ومازلنا نحيا على رجاء مجيئه الثاني ليدين الأموات و الأحياء ، مؤكدا أنه الديان رب الكون . و لكن رسالته لنا أكدت و مازالت تؤكد أنه:
" من سيفصلنا عن محبة المسيح.أشدّة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.
كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار.قد حسبنا مثل غنم للذبح.
ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " (رومية 8: 35-37)
----------------------
الهوامش و المراجع:
1) F.F. Bruce, The Books and Parchments (Old Tappan, N.J.: Revell, 1963), P 178
2) Frederic Kenyon, Handbook to Textual Criticism of the New Testament (New York: Macmillan, 1912), p 5
3) Norman L. Geisler and William E. Nix, A General Introduction to The Bible (Chicago: Moody Press, 1980) p 361
4) Lee Strobel, The Case For Christ (Michigan: Zondervan, 1998), pp 55- 72
5) http://www.hqw7.com/q4-p1.htm
6) http://www.aldalil-walborhan.com/aldalil/ta7rif/local_samarqand/samarqand.htm
7) نسخة من كتاب المصاحف : http://www.christpal.com/books/islam/almasa7ef
8) Jack Finegan, The Archeology of the New Testament (Princeton, NJ: Princeton University Press), 1992
9) Ralph O. Muncaster, Examine the Evidence (Oregon, Harvest House Publishers), 2004 pp 257-278
10) John McRay, Archeology and the New Testament (Princeton, NJ: Princeton University Press ; Revised edition) 1992
11) www.facingthechallenge.org/talmud.htm
12) www.uncc.edu/jdtabor/josephus-jesus.html
13) http://www.tektonics.org/jesusexist/tacitus.html
14) http://www.pbs.org/wgbh/pages/frontline/shows/religion/maps/primary/pliny.html
15) الأقواس [ ] مضافة لتوضيح النص
16) Josh McDwell , More Than A Carpenter (Illinois: Tyndale House Publishers), 9th ed 1977
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال