الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن الانفصام

رشيد احلولي

2016 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحية لمن أنجبت بطلا من أجل الشقاء، متهجيا بأساليل النواح و الأنين، ِليضْرِب بالمقرعة البؤساء المهاوثين الذين يَعِدون و الحال أن الوعد ليس من اختصاصهم، يدّعون الصلاح و التقديس وما تقديس الفجور غير سلاحهم، يدهسون بأقدامهم العارية كل طباع التعقل، و يرشقون بأفواههم النثنة كل الثمرات الناضجة المتدلية من شجرة التنوير، يتلاعبون بهمسات باردة ببراءة الأبرياء و الحق أن ألاعيبهم مَسخ في جلالب ألبابهم ، أتظنون أنّكمُ اللحن و الوثر الذي سيناشد الحق ليقف في صفكم ، و الضوء الوهّاج المنشد لضلال العدالة!... طبعا لا، و ببساطة، لأن الأفكار المتأصلة في أذهانكم كمن يضع الأبصار في أعين عمياء، فما وهج النار الذي يناظر ضوء الشمس، وما رحلة العود و الصعود إلا فكرة تعِدُّونها حتى لا يصيبكم ما أصاب كل خادم ظمآن، فقصف الرعد و هزيم الرياح و أصوات المطر و المزامير و الطبول، بل حتى أصوات الحيوانات و هلهلات العفاريت قد ملت من خطابكم الثمل، فإن كنتم مرضى فمحاكاة دائكم هو شفائكم، فعودوا إلى ضمائركم عاشقين ، و ناشدوا طبائعكم لعلّها تجود عليكم بكرم العافية و الرقة و النزاهة...
بطل أنت من تنكّر بزي القضاة وفي فمه المضموم الشفتين لعاب مسموم ينطق مستاءً: شرف، شرف، شرف... ثائر محق أنت يا من أسميتهم السيدة الحصانة و العاهرة الحكيمة ذات الأنانية المرعبة و المكبوتة و المكضومة والسجينة وراء النبتة البشعة، فزمن الصدفة المطلقة و العبثية الإوالية قد ولّى هاربا وقد تملّكه الرعب من صرخة الانخطاف المشتعلة بالمجد، صرخة الخلاص المعدمة لجنون و غباوة وإثم عماة الأبصار و البصيرة.
شقي نافر من تقتيركم يسألكم يا من تسكنون قصورا أشبه بالأقبية و المخابئ الخفية، يا من تقدسون الكنوز أشد التقديس: أخير أم شر أن تسحروا الناس برؤى هوجاء مزعجة في أحلامهم؟ أتمجيد الذهب و الفضة أمجد من تمجيدنا؟ أديموقراطتكم الظامئة هي مآلنا؟ ألا تروون عطشنا هذا بكؤوس مترعة من خمر ما شئتم؟ ألا تهلِّلون تمجيدا لقبطانكم بترك مقاليد السفينة حتى تعِدُّون ملاّحا ماهرا و مرشدا بارعا؟ ألا تعتقدون أن أهل سفينتكم يحملق في السحّاب مكرها؟ متى ستتركون السماء المحتشدة بالنجوم جانبا، فوعدها و وعيدها قد تبرّأ منكم...؟
من اختار لنفسه جماعة الشيطان فأمير الظلام سيدفعه إلى اللعنة الأبدية، ومن كان همّه جمع الثروة المفرطة بأبهة متكبِّرة فقد زاغ الطريق، ومن ظن أن القلم و السيف توأمان فقد أبحر في غياهب التيه و الهمجية و انقاد لمبعث الظلم و الوهن، ومن تقمص ملعنة البشير و النكوص و تبكيت الضمير فقد تلبّد في خلوته يتصبّب عرقا وسط ضوضاء حذرة ، ومن يجني ثمار الضحك قبل أن تنضج كمن يسخر لمرأى نساء عاريات يتدرّبن على كمال أجسادهن...
إن أمر اليقين يستلزم طاقة تفيض من الأنغام الرقيقة الناعمة الباكية لترك ديانة الشفقة و لعب البُلداء، فيوم نثمل على أنغام الموسيقى فلن نقتصر على شرب الماء و التحديق في رداهات بنًّى مرتكسة، فقاموسنا جامع لكل الأضداد إلا أنتم، فلا تسأموا إن تجرّعتم من المصائر التعسة ما يروي عطشكم من بذور الشقاق...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها