الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقعد مكانك يا حمار

ناجح شاهين

2016 / 10 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


اقعد محلك يا حمار:
ممارسة يومية في المدرسة الفلسطينية
ناجح شاهين
رفع الطفل أصبعه في حماسة ولهفة من أجل أن يكتب الكلمة بناء على طلب المعلمة. كتب الصغير على السبورة "ممرض" بشكل سليم، فصرخت المعلمة "اقعد محلك يا حمار، هذي مش ممرضة، هذي ممرض."
هناك احتمال أن المعلمة قد أخطأت فقالت ممرض وهي شاردة الذهن، وهناك احتمال أن الطفل قد أخطأ بسبب لهفته، ولم يستمع بدقة، وهناك احتمال ثالث أنه أخطأ فعلاً في كتابة كلمة "ممرضة". لكن هل يستدعي الخطأ صرخة "يا حمار"؟
هل يحق لأي كان في جهاز التربية أن يشتم الطلبة لأنهم غير قادرين على أداء مهمة ما من الهمات العبقرية التي يكلفون بها، خصوصاً النسخ والحفظ الصم؟ ألا تعد إنسانية الطفل وكرامته خطاً أحمر لا يجوز تخطيه بغض النظر عن قدراته الأكاديمية أو الدراسية أو "البصمية"؟
ما هي أهمية رقمنة التعليم والأجهزة التي يتم تسويقها في المدارس إن كانت الممارسة الشائعة على أوسع نطاق في مدارس السلطة التي يقودها وزير التعليم صبري صيدم هي اضطهاد الأطفال وانتهاك كرامتهم وإنسانيتهم وتدمير حبهم للحياة والمجتمع إذا "قلوا الأدب" أو كانوا "تيوساً" في الدراسة؟ أليست هذه هي المصطلحات التربوية المستخدمة في مدارسنا؟
ثم سؤال حزين حول المعلمة المسكينة: ألا تمارس هذه المعلمة الفقيرة التدريب ألواناً من التملق والتزلف والصبر عندما يتعلق الأمر بعبور حواجز الاحتلال؟ إنها على الأرجح توزع الابتسامات واللطف على جنود الاحتلال ومديرها في المدرسة ومسؤولي التربية والوزارة جميعاً. ولا بد أنها تردد مثل الآلة أقوالاً لسكنر وبافلوف وبياجيه حول الإثارة والدافعية والتعليم المفرد والإبداع ...الخ دون أن يعني لها شيئاً. من الواضح أنها لا تحب التعليم ولا تحب الأطفال ولا تحب بلادها. أستطيع أن أجزم أن دافعاً وحيداً "مفيش غيرو" يأتي بها إلى المدرسة هو الحصول على الراتب، ولتذهب الطفولة والبلد كلها إلى الجحيم.
لن تغير الأجهزة التي يريدون تسويقها في مدارس الضفة وغزة ولا الكتب المقررة الممولة الجديدة شيئاً في جوهر التعليم. هذه مجرد هوامش في سياق العملية التعليمية. جوهر العملية الحقيقي هو احترام كرامة الطفل، وإنسانيته، وذكائه، وجسده، وعقله، والسماح له بتطوير مشاعر الحب للحياة، وفلسطين، وأهلها، والقراءة، والتفكير، والمدرسة.
أما قهر الصغار وقتل إنسانيتهم ودافعيتهم وذكائهم فلا يعوضه أجهزة عرض ولا طول. ولذلك نستطيع أن نطمئن وزارة التعليم الفلسطينية أن شيئاً لن يتغير للأحسن. ربما تتجه الأمور نحو الأسوأ مع استبدال المعلم/العنصر البشري، بالماكينة التي ستكرس إحساس الأطفال بالملل وتقلل من إحساسهم بجدية الموقف. لا بد أن الوزارة ستحتاج إلى توظيف عدد كبير من الأشخاص ليقوموا بشتم الأطفال والصراخ عليهم لكي يلتزموا بتأمل جمال العروض التي ستقدمها لهم في غرفة الصف أجهزة الوزارة الإلكترونية سواء أحبوها أو أبغضوها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توسيع دائرة البحث
محمد البدري ( 2016 / 10 / 25 - 17:16 )
من الذي تلومه يا عزيزي الفاضل؟
الامر لسبع والضرب لعشر اعوام يجعل السب بلفظ حمار اهون.
طالما ان الطفل لا مكان له في ثقافة العروبة والاسلام

اخر الافلام

.. شاهد| اعتراض قذائف أطلقت من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمو


.. حصانة جزئية.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترمب؟




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض تتجاهل سؤال صحفية حول تلقي بايدن


.. اليابان تصدر أوراقا نقدية جديدة تحمل صورا ثلاثية الأبعاد




.. تزايد الطلب على الشوكولا في روسيا رغم ارتفاع سعرها لعدة أضعا