الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على غير العادة.

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 10 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على غير العادة.
تصلني أسبوعياً عدة بطاقات دعوة للمشاركة في حفلات زفاف أو خطوبة ، مِمن تربطني بهم اواصر صداقة أو قرابة. لكن غالبية الدعوات التي تصلني كما تصل لغيري، هي من أشخاص لا تربطني بهم علاقة حميمية وإنما معرفة عابرة، كأن يكونوا من سكان القرية أو الحي، أو من جيراني القدماء في مسقط رأسي الذي أحنُّ اليه وأزوره بين الفينة والأخرى.
وعادة تكثر الأعراس في فصل الصيف الطويل في بلادنا، وهي تُشكل عبئاً على كاهل أغلبية الناس الذين يعتاشون من كدهم وعرق جبينهم.. فالمشاركة في العرس أو الخطوبة تعني تقديم نقوط مالي للعريس لا يقل عن مائتي شاقل (ما يزيد على الخمسين دولارا أمريكا) .لذا فأنا أشكر في سري من لا يدعوني وكذا يفعل غيري أيضا. ففي المتوسط ، هناك خمس دعوات اسبوعيا على حفلات من هذا النوع، مما يعني بأن نصف الدخل سيتبخر على شكل نقوط..!!
وكما حدثت تغيرات على كثير من العادات الاجتماعية، فقد تغير شكل بطاقة الدعوة وفحواها.. فبينما الى سنين خلت، كانت الدعوة تصدر بإسم والد العريس ووالدته، أصبحت الدعوة بإسم جد العريس وأعمامه بالإضافة الى والده.. لم يكتفِ البعض بإصدار الدعوات بإسم الجد وابناءه، بل عاد الى الوراء خطوة كبيرة وأصبحت بطاقة الدعوة تحمل اسم العائلة الممتدة، يعني العشيرة أو القبيلة التي ينتمي اليها العريس، فالدعوة أصبحت بإسم آل فلان وآل علان يدعونكم ..
في الحقيقة تأملتُ في هذا الرجوع القهقرى نحو العشيرة، وما هي دوافعه ؟ هل هو إعلان عن التباهي للإنتماء القبلي والعشائري؟ وهل عادت القبيلة والعشيرة هي التي توفر الدعم لأبنائها؟ وهل تقلص انتماؤنا الوطني الى هذه الدرجة ؟ وكلما آملنا أن يكون إنتماؤنا الانساني هو الأول والأخير، نُفاجأ بالعودة إلى عصور ما قبل التاريخ ..
لكنني تلقيتُ دعوة هذا الاسبوع، كانت بمثابة النقيض لهذا التقهقر .. الدعوة يوجهها العريس فلان والعروس فلانة واللذان يدعوان لحضور حفل زفافهما.. بتاريخ كذا وفي موقع كذا..
طبعاً، لم يكن هذا خيارهما ، ولكن رُب ضارة نافعة .. فقسم من أهل العريس غير راضين عن هذه الزيجة والتي تتم في اعقاب قصة حب بين شاب وفتاة، ليس لها عشيرة ولا قبيلة تقف وراءها. لكن الشاب يصمم ويخالف كل الأعراف والتقاليد، ويتقدم لخطبتها ومن ثم سيتزوجها رغما عن المعارضة .. ومع ذلك كان بإمكان الشاب وعروسه أن يتوجها لشخص آخر من العائلة ليتصدر اسمه بطاقات الدعوة، ربما كان سيوافق أو سيرفض. لكنهما قررا ان يكونا صاحبا الدعوة وهما فقط .. وهذا هو المنطقي .. فالحب والزواج هي علاقة تربط بين انسانين بالغين وهذا شأنهما فقط .. مع الأمنيات لهما بحياة سعيدة وحفل زفاف دون مُنغصات.. فمن المحتمل ألّا يسكت بعض أصحاب الرؤوس الحامية والخاوية عن هذا التحدي لسلطة العشيرة.
فهل سيسير على دربهما آخرون ..؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو