الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنّورة قصيرة

شاكر الناصري

2016 / 11 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ما الذي يجعل " التنّورة القصيرة" التي ترتديها المرأة، الطالبة أو الموظفة، تثير الذّعر في العراق، حد تحوّلها إلى موضوع نقاش حامي الوطيس، يتداخل فيه الدينيّ بالسّياسيّ، والإجتماعيّ، بين فئات وشرائح إجتماعيّة، ساسة ورجال دين، طلاب وأساتذة جامعات...الخ؟؟
ما الذي تخفيه التنّورة القصيرة، أو ما الذي تفضحه إجتماعياً، ثقافياً، دينياً، حتّى يتم إتهامها بإثارة الفتنة؟!!

فما بين مؤيد للتنّورة أو رافض لشرورها، يجري الحديث عن الحريّات الشخصيّة أو التعدّي على تقاليد المجتمع العراقيّ، وشرقيّته، وقيمه، وتقاليده التي يمكن أن تنتهكها تنّورة قصيرة وتتسبب في هيجان الذكورة المكبوتة بتعبيرها الأبشع: التحرّش الجنسيّ!!
حديث التنّورة والملابس التي ترتديها النساء، وخصوصاً طالبات الجامعات، لم يتطرّق إلى هذه الكائنات المتّهمة دائماً، وإلى وجودهنّ، ورغباتهنّ، وحرياتهنّ، ..إلخ، بل تمّ مسخهنّ، في قطعة قماش، تطول أو تقصر، لكنّها باتت المعبّر عن مدى الإمتهان، والدّونيّة التي يتعامل بها المجتمع مع المرأة.

قبل كتابة هذه المادّة القصيرة، قرأت كتابات، وتعليقات متضادة وتحمل الكثير من السّخط المتبادل، والإتهامات بالخروج على الإرادة الإلهيّة، حول ملابس الطالبات الجامعيّات والتنّورة القصيرة، والتبرّج من الجاهليّة الأولى! وكذلك أطلعت على تصريحات لنائبتين في مجلس النّواب عن تعلميات أطلقتها وزارة التعليم العاليّ في العراق بخصوص الزيّ الموحد الذي يتواصل العمل بموجبه في الجامعات والمعاهد العراقيّة. الزيّ الموحد هو محاولة للتسترعلى عيوب المجتمع، وإخفاء الإنقسامات الطبقيّة، والإجتماعيّة، وتزييف وقائع الغنى والفقر، وتجميل الصّورة بالألوان المفروضة وفق تعليمات وزاريّة!!، وكلّ واحدة من النائبتين لها رأي يتناسب ومرجعيتها السّياسيّة، والفكريّة، وإهتماماتها، وموقفها من النّساء في العراق. فريزان شيخ دلير، النّائبة عن حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، تقول: إنّ تعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجديدة حول الزّي الموحّد غير مقبولة وخاصّة في ما يتعلق بتحديد ملابس الطالبات لأنّها تتنافى مع الحرّيات الشخصيّة التي كفلها الدّستور. فيما تقول زميلتها، بيروان خيلاني، عن الحزب الدّيمقراطي الكردستاني: "قرار وزير التعليم العراقي، عبد الرزّاق العيسى، بإرتداء زي موحّد، ومنع الطالبات من إرتداء التنورة القصيرة، قرار إيجابي وأنا أؤيده. وأضافت: إنّ المجتمع العراقي مجتمع شرقي ولن يقبل بإرتداء التنورة القصيرة في الكليّات والمعاهد، وربما تخلق الفتنة!!!. الطريف في الأمر أنّ الوزارة المعنيّة أنكرت أمر اصدارها لتعليمات الزيّ الموحّد وتركت أمرها للجامعات، كما ورد في تصريح للنّطاق بأسم الوزارة!!.

إنكار الوزارة لايلغي الجدل المتزايد حول ملابس النّساء، الطالبات تحديداً، خصوصاً وأنّها تركت أمر الملابس، الزيّ الموحد، وتحديد مواصفاته، وألوانه، وقياساته إلى الجامعات. ولتأكيد ما تعانيه الطالبات من مضايقات وتجاوزات، في الجامعات البعيدة عن العاصمة، قام بعض نشطاء شبكات التواصل الإجتماعيّ بنشر مجموعة صور لحشد من الطالبات على بوابة جامعة واسط، في تلك البوّابة يجري تفتيش ملابس الطالبات. فمن ترتدي التنّورة أو البنطلون، أو لاتضع الحجاب على رأسها تمنع من الدّخول، ومن تضع المكياج فإنّ عليها أن تزيله حتّى تتمكن من الدّخول إلى رحاب الجامعة!!

المجتمع الذي ترتعد فرائصه من تنّورة قصيرة، ولاينظر لجسد المرأة وما ترتديه من ملابس إلّا كعوامل لإثارة الفتنة وتتسبب في زعزعة القيم، وأخراج الرّجال من ورعهم، وتقواهم، وجرّهم إلى المعاصي، يكشف عن ذكوريّته، وإختلاله، وطغيان الكبت الجنسي، وتشكل العلاقات الطبيعيّة بين النّساء والرّجال مصدر قلق دائم، وخضوعه لحكم الأصوليّة الدينيّة، والعشائريّة التي تعتبر المرأة مصدر الشرور التي تهدد كيان المجتمع!!

حديث التنّورة القصيرة الذي سيدفعنا، بالضرورة، للحديث عن حريّة المرأة، التي تعني ممارسة المرأة حقها في الإختيار، والعمل، والدّراسة، والسّفر، والمشاركة في صنع القرار كمواطنة كاملة الحقوق والواجبات، وإنّها المقياس الحقيقيّ لمدى تقدّم، وتمدّن المجتمع وإنسانيّته، سيصل بنا إلى نقطة أبعد في مسار إختلاق مبرّرات القمع، والإكراه، والتشظي الإجتماعيّ، وطغيان السّواد برعاية حماة الدّين والشريعة. سنصل، جميعاً، إلى لحظة الكراهيّة والتوحّش!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعيدا عن الاديان
ايدن حسين ( 2016 / 11 / 7 - 07:35 )

هل لك ان توضح لي العلاقة بين طلب العلم و تقصير الملابس او التنورة
هل يمكن طلب العلم بالمايوه او البيكيني يا ترى

المشكلة هي ان القليل القليل منا .. رجالا و نساءا .. هم طلبة علم حقيقيين
ليس لدينا في الشرق فقط
بل حتى في الغرب
الطلاب و الطالبات اكثرهم .. غايتهم الحب و العشق .. او الزواج في احسن تقدير .. ان لم نقل ان غايتهم هو الفساد

متى سنفهم الواقع الذي نعيشه
و نفهم ما يحدث على ارض الواقع

احترامي
..


2 - اؤيد الزي الموحد
عبدالحكيم عثمان ( 2016 / 11 / 7 - 09:22 )
الفتاة تحب وترغب ان تلبس كل يوم زي يختلف عن الذي قبله وبالتالي تظهر بشكل جلي الفروق الطبقية ان لم يفرض الزي الموحد
والاساس هو طلب العلم والتفوق فيه
والتبرج يخل في هذا السعي التبرج خارج العمل او الدراسة مشروع
الزي القصير يقيد حركة الفتاة وخاصة في موقع الدراسة او العمل
اما الاثارة فاانثى الحمار هل تملك اثارة ومع ذالك هناك من تثيره وهؤلاء حيوانات على صورة بشر
من لايستطيع كيت غرائزه فهو ليس انسان ومن يتصف بهذه الصفات وتثيره التنورة القصيرة يجب عزله عن المجتمع
للكاتب التحية


3 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2016 / 11 / 8 - 16:56 )
أيدن حسين:: القضية لاتتعلق بالعلم ولا بالدراسة، ولا بما تحبه الطالبات. القضية تتعلق بحرية أرتداء الملابس وحق النساء بذلك..لا أدري كيف يمكنكم الحكم ان غاية الطالبات من الدراسة هو الفساد، الفساد الأخلاقي؟؟؟خالص المحبة


4 - رمن الكاتب
شاكر الناصري ( 2016 / 11 / 8 - 16:59 )
عبد الحكيم عثمان..شكرا لك ولاهتمامك.. الفروق الطبقية والاجتماعية حقيقة قائمة ولايمكن التستر عليها بفرض الزيّ الموحد. الطالب او الطالبة التي تجبر على ارتداء ملابس محددة وبألوان معينة تأتي الى الكلية بسيارة دفع رباعي بعشرات الآلاف من الدولارات.. خالص المحبة


5 - تخففها نوها ما
عبد الحكيم عثمان ( 2016 / 11 / 9 - 10:51 )
شاكر الناصري
لاشك ان الزي المدرسي لن يلغي الفروق الطبقية ولكن يخففها لاشك
صحيح ممكن الطالبة الثرية تلبس ماركة ولكن في النهاية لونها يشبه لون تنورة الطالبة الفقيرة
تحياتي

اخر الافلام

.. العربية ويكند | معايير السعادة لدى الشباب.. و تأثير وسائل ال


.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز




.. الصحفية غدير بدر


.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟




.. الصحفية غدير الشرعبي