الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم وضرورة اعداده لتربية الاجيال

حامد الحمداني

2016 / 11 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


المعلم وضرورة اعداده لتربية الاجيال
الحلقة الأولى

حامد الحمداني 7/11/2016

أن المهمة الملقاة على عاتق المعلم هي بكل تأكيد شاقة وجسيمة، فهي تهدف إلى إعداد الأجيال المتلاحقة جيلاً بعد جيل، اجتماعياً وأخلاقياً وعاطفياً، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل التي تمكنهم من تنمية أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم، وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع. إنها تهدف إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الجيل الصاعد وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ويتفاعلون معه من أجل تحقيق تلك الحاجات، وبالتالي تطوير المجتمع ورقيه وسعادته.

أن المعلم يستطيع بكل تأكيد أن يؤثر إلى حد بعيد بتلاميذه، وإن هذا التأثير ونوعيته ومدى فائدته وفاعليته يتوقف بالطبع على إعداد المعلم، وثقافته وقابليته وأخلاقه، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها، وإدراكه لعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فإن كل أعمال المعلم وسلوكه وأخلاقه وصفاته تنعكس تماماً على التلاميذ الذين يقوم بتربيتهم وتعليمهم، وعلى هذا الأساس فإن عملية النهوض بمدارسنا ومجتمعنا تتطلب منا أن نحدد الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم، والشروط الواجبة في اختياره، والتي يمكن تحديدها بالشروط التالية:

1- أن يكون العلم ذا مظهر مناسب، حيث أن المظهر، وشخصية المعلم وهندامه تؤثر جميعها تأثيراً فعالاً في نفسية التلاميذ، وتجعلهم يقتدون به، ويتخذونه مثلاً أعلى في مظهرهم وهندامهم وشخصيتهم .

2 ـ ضرورة ان يتصف المعلم بروح الفكاهة والمرح لكي يستطيع جذب انتباه التلاميذ نحوه وجعل الدرس محبوباً إليهم حيث يندفعون درسه بشوق وسرور، ذلك إن نفسيته، وروحه المرحة ذات تأثير بالغ على نفوس التلاميذ، وعلى مدى نجاحه في أداء مهمته في آن واحد، فلو أجرينا استفتاءاً لدى التلاميذ حول شعبية المعلمين، والدروس التي يحبونها أكثر من غيرها لتأكد لدينا بشكل قاطع أن المعلمين الذين يتمتعون بهذه الصفة هم على قدر كبير من الشعبية، وأن دروسهم هي على قدر كبير من الرغبة لدى التلاميذ .

3 ـ يتطلب من المعلم أن يكون حسن التصرف في تربية أبنائه التلاميذ، وحل مشاكلهم بروية وحكمة، فالمعلم يجابه خلال عمله كل يوم مشاكل لا حدّ لها أخلاقية وتربوية وتعليمية، وإن تذليل هذه المشاكل وحلها يتوقف على أسلوب المعلم وحكمته وحسن تصرفه.
ولابد أن أشير بهذا الخصوص إلى أن أساليب العنف ضد الأبناء التي تمارس من قبل الوالدين في البيت منذ الطفولة المبكرة نتيجة الجهل في أساليب التربية تسبب الضرر البليغ لشخصية الأطفال، وتخلق لديهم العديد من الصفات السيئة والخطيرة كالخوف،
والانكماش، والخنوع، وضعف الشخصية، والتمرد على المجتمع.

4ـ إن الوعي الاجتماعي لدى المعلم أمر مهم جداً، ولا يمكن الاستغناء عنه لأي معلم ناجح، ذلك أننا كما أسلفنا أن عملية التربية والتعليم هي عملية تفاعل اجتماعي تتطلب دراسة وفهم المجتمع دراسة وافية، والتعرف على ما يعانيه مجتمعنا من مشاكل وعيوب، وكيف
يمكن معالجتها وتذليلها. إن كل معلم يعزل نفسه عن المجتمع ولا يشارك في فعالياته ومنظماته الاجتماعية لا يمكن أن يكون معلماً ناجحاً.

5 ـ أن على المعلم أن يكون محباً لتلاميذه متفهماً لحاجاتهم وسلوكهم، والعوامل المحددة لهذا السلوك والتي تتحكم فيه، واعني بها الدوافع الإنسانية[الغرائز]، ذلك أن الغرائز تلعب دائماً دورا حاسماً في تحديد سلوك الفرد خيراً كان أم شراً، وهنا تبرز أهمية المعلم ودوره المؤثر في صقل تلك الغرائز وتوجيهها الوجهة الصائبة والخيرة، حيث أن الغرائز لا يمكن قهرها، بل صقلها والسمو بها إذا ما عرفنا كيف نتعامل مع أبنائنا التلاميذ، ولاشك أن المعلم هو خير من يستطيع التعامل مع هذه الغرائز إذا ما أدرك حقيقتها ومدى تأثيرها في سلوك أبنائنا التلاميذ، وعلى العكس من ذلك نجد هذه الغرائز إذا تركت وشأنها فكثيراً ما توجه صاحبها نحو الوجهة الضارة الشريرة.

إن غريزة التنازع على البقاء على سبيل المثال كانت تعني في المجتمعات المتخلفة البقاء للقوي والموت للضعيف، غير أنه بفضل التطور والتقدم الحاصل للمجتمعات البشرية على مدى العصور، وبفضل ما توصل إليه العلم والعقل الإنساني يمكن أن تكون صراعاً ليس بين إنسان قوي وآخر ضعيف، أو أمة قوية وأخرى ضعيفة، بل بين المجتمع الإنساني ككل وبين الطبيعة، وتسخير هذا الصراع لتهيئة الوسائل والسبل للسمو بمستوى حياة الإنسان المادية والمعنوية، فكل تطور في ميادين العلوم والصناعة والزراعة وكافة مجالات الحياة الأخرى يهيئ ويوفر كل حاجات الإنسان ومتطلباته.

6 ـ ضرورة أن يكون المعلم ميالاً للتجدد والتطور بشكل مستمر حيث أن الأساليب التربوية قد تطورت تطوراً كبيراً عما كانت عليه في الماضي، فلا يوجد شيء في الوجود بحالة ثابتة جامدة، بل إن كل شيء في حالة تغير وتطور مستمر، ولابد للمعلم لكي ينجح في عمله أن يطور نفسه، ويطور معلوماته، ويجددها باستمرار، عن طريق التتبع والمطالعة، والوقوف على أحدث النظريات التربوية، وتجارب الآخرين في مضمار العلم والثقافة، والوقوف على آخر التطورات الحاصلة في عالمنا في شتى شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.

إنه من المؤسف أن نجد الكثير من المعلمين ينتهي من الدراسة والتتبع حال استلامه شهادة التخرج، فكأنما قد بلغ درجة الكمال، وكأنما العلم والمعرفة قد انتهيا عند هذا الحد حيث ينتهي به هذا الاعتقاد إلى التخلف والجمود.
حدير بنا للوقوف على مستوى المعلمين في دارسنا أن نسأل:
كم كتاباً يقرأ كل معلم خلال السنة ؟
كم محاضرة تربوية ألقيت في كل مدرسة خلال السنة ؟
كم دورة تربوية وثقافية نظمها الجهاز التربوي للمعلمين ؟
أن هذه المتطلبات ضرورية جدا للمعلم لكي يكون متجدداً ومتطوراً ويواكب التطورات الحاصلة في المجالات التربوية والاجتماعية في شتى بقاع العالم كي ينهل منها، ويطور معارفه بما يخدم العملية التربوية لأجيالنا الصاعدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار