الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام و العداء الحتمي للحضارة الإنسانية 2/1.

صالح حمّاية

2016 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين كتب المفكر، و أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفورد " صامويل هانتغتون" كتابه " صدام الحضارات" وقوله فيه أن الإسلام و المسلمين هم العدو الأول للحضارة الغربية ، هاج المسلمين و ماجو عن هذا العنصري المزعوم، و الذي يريد اختراع صراع بينهم وبين الغرب ، و تم نعت الرجل في تلك الفترة بأقذع الأوصاف ، و قد حاول الكثير من المسلمين و بكل جهد نفي تلك التهمة عنه ، زاعمين أن الإسلام دين تسامح ، و أن المسلمين قوم صح و سلام ، فيما ذهب آخرون في المقابل لإستغلال كلام الرجل ، ساعين به تبرير نظريتهم على تآمر الغرب عليهم ، و عن هذا الغرب الشرير الفاجر الداعر و الإستعماري و الذي يريد تدمير حضارة الإسلام إلخ من ردود الفعل التي تمت ، ولكن ورغم كل هذا الذي قيل ، فما سنناقشه هنا في هذا المقال هو : وهل حقا هذا الكلامي من المسلمين عن الرجل حقيقي ، و أن ما قاله عاري عن الصحة ؟ ، أم أن الرجل لم يفعل سوى وصف الواقع الحقيقي ، و و أنه لم يقل سوى ما هو مكشوف للعيان ولكن يتم السكوت عنه ؟ .

عموما وجوابا على هذا السؤال ، و بالعودة لتاريخ المسلمين وواقعهم ، فيمكن القول أن هنتجتون لم يكن مطلقا متحاملان ، بل على العكس فهو كان أمينا جدا ، و حياديا في قوله ما قال ، فتاريخ المسلمين و أفكارهم ، وخياراتهم على مر التاريخ ، لا تؤكد سوى أنهم ضد الحضارة الغربية في معارضة مطلقة لا يوجد فيها أي نقاط إتصال ، و أن هذا الأمر جعلهم في عداء حتمي وجوهري للحضارة الغربية بشكل أساسي ، والحضارة الإنسانية بصورة عامة لكون النواة الصلبة للحضارة الإنسانية المعاصرة اليوم هو الحضارة الغربية ، فالمسلم الحقيقي هو الفرد المعادي للحضارة الإنسانية و الساعي لدمارها وخرابها ، والمسلم لا يكون مسلما إلا بنقض قيم الحضارة الإنسانية ، و سنعطي الأدلى على هذا تباعا :

1/في سؤال العقل .

إذا رجعنا لتاريخ المسلمين ومكان العقل لديهم ( والعقل اليوم و كما هو معلوم ، هو احد أعمدة الحضارة الإنسانية المركزية ) فنحن نجد أن المسلمين هم في الواقع أمة ضد العقل ، ، فالتاريخ الإسلامي هو تاريخ نبذ العقل ، فمثلا المسلمون وحين واجهوا سؤال هل العقل قبل النقل ، زمن المعتزل وما تلاه ( وهو سؤال جوهري يواجه كل حضارة على وشك النشوء ) ، فهم قرروا أنه لا دور للعقل في حياة المسلمين ، وبل إعتبروه عدو ، وعليه تم فقد تم التنكيل بالمعتزلة ( دعاة العقلانية ) أيما تنكيل ، وهذا لأسباب ترى انهم تهديد لكيان الدين الإسلامي و الدولة الإسلامية كذلك ، و عليه وفي ختام الصراع تم إصدار المرسوم القادري الذي ألغى الإجتهاد و فرض العقائد الشمولية الغيبة على المسلم كخيار ابدي ، وعلى طول تاريخ المسلمين فلم يكن واقعهم سوى هكذا ، من سعي للهجوم على العقل والتنكيل به ، حتى أنه أبدعوا أكثر العبارات دلالات على أن المسلمين أمة ضد العقل ، وهي "عبارة من تمنطق تزندق" ، وحتى مع محاولات إبن رشد للعودة لإحياء هذا الجدل على المسلمين يفيقون ، فقد أنتهى الحال به لأن تحرق كتبه ، ويعيش مشردا في مجتمعه ، في المقابل طبعا و لو ذهبنا للحضارة الغربية ، وهي النواة الصلبة للحضارة الإنسانية المعاصرة ، فنحن نجد أن العكس تماما هو الذين حصل ، فقد إنتصر هناك العقل هناك على النقل ، و قامت ثورة الأنوار تبشر بان على الإنسان العودة لاستخدام عقله بدل العبودية للنصوص ، وهو ما يجعل مسار الحضارتين إذا جاز التعبير ، في صدام تام ، فهذه أمة غيبية ، وتلك امة عقلانية تنويرية ، و عليه فلا يمكن الجمع بين النقيضين .

2/ في سؤال الحرية .

بلا شك لا يمكننا الحديث اليوم عن الحضارة الإنسانية و قيمها الخالدة لذا لم نتكلم عن الحرية كقيمة جوهرية فيها ، فالحضارة الإنسانية المعاصرة اليوم، هي حضارة الحريات ، و لا يعتبر الفرد اليوم فردا متحضرا إذا لم يكن فردا يؤمن بالحرية كقيمة جوهرة ، سواء حرية الفكر ، حرية الضمير ، حرية الإبداع ، حرية الجسد الخ ، وعلى هذا فلا مناص من أنه لا تسمية تصلح للحضارة الإنسانية المعاصرة سوى أنها حضارة الحريات ، ولكن هل هذا هو حال أمة الإسلام ؟ طبعا لا ، فتاريخ المسلمين هو واقعه تاريخ العداء للحريات ، فمن أول يوم وحين أنتصر المسلمين في غزوة مكة ، تم إبادة حرية العقيدة هناك ، حيث تم تحطيم الأصنام ، وتم طرد غير المسلمين من جزيرة العرب كلها ، أما باقي التاريخ فقد كان كله إرهاب و إجرام بحق المفكرين ، حيث شرعوا حد الردة لقمع التفكير و إرهاب أي صاحب رأي حر ، فقتلوا وذبحوا المئات من الناس كالجعد إبن درهم ، و الجهم إبن صفوان ، الحلاج ، إبن المقفع ، ولا يزال ذلك السلوك مستمرا إلى اليوم و ليس أخره ما نراه من محاكم التفتيش كسجنهم لإسلام بحيري ، رغم أنه أساسا لم يعارض الإسلام كليا بل فقط طرح وجهة نظر مختلفة ، وطبعا الجريمة بحق ناهض حتر ليست ببعيدة ، وعليه فأمة الإسلام وبلا تجني منا إذا قلناها هي في جوهرها هي على النقيض الكامل و المطلق ضد الحريات ، فهم أمة ترى أن الحرية هي العبودية لله ، أي هم يرون الحرية هي العبودية ، و ليس الحرية كما يجب أن يكون ، وهو للمفارق شعار الأخ الكبير في رواية جروج أرويل 1984 ( و سأفرد في المقال اللاحق مقالا مفصلا عن العلاقة بين الأخ كبير و الإسلام لأهمية الأمر ) ، في المقابل هناك الحضارة الإنسانية والتي تؤمن بالحرية كقدس الأقداس بالنسبة لها ، وكشيء لا يمكن المساس به ، وعليه فلا يمكن الجميع بين أمة الإسلام و الحضارة الإنسانية ، سوى في حالة صراع .

3/ في سؤال الله أم الإنسان .

كما هو الحال بالنسبة للحرية والعقل ، فكذلك بالحديث عن مركزية الإنسان أو مركزية الله في ضمير الحضارة الإنسانية ، فالحضارة الإنسانية معلوم للجميع أنها تنحاز إنحياز مطلق للإنسان ، فالإنسان هو المقدس و ليس الله الذي هو مجرد فكرة من أفكار كثيرة يجوز نقضها وتفنيدها ، وعلية فقد قامت الحضارة الإنسانية بسن الميثاق الأممي لحقوق الإنسان لتؤكد أن الإنسان هو ما يجيب حمايته أولا وأخيرا ، وليس أي أمر آخر ، في المقابل فماذا نجد لدى المسلمين حول هذا الأمر ؟ الجواب أنه الإستهانة الكاملة بالإنسانية ، فمن القلة القليلة الباقية الرافضة للميثاق الأممي ، هي البلاد الإسلامية ، وبحجة ماذا يعترضون ؟ بحجة أن لديهم خصوصية دينية و إجتماعية تمنعهم ، وهو ما لا يؤكد سوى ما نقول حول العداء الحتمي بين الحضارة الإنسانية و أمة الإسلام ودينها ، فهذه الأمة ترى أنه الإنسان ليس سوى عبدا للفكرة ( فقل إن صلاتي ونسكِ ومحيياي لله رب العالمين ) و عليه هم وحدهم اليوم من ينتحرون بوعي من أجل أفكارهم ، فالفكرة والدين في الإسلام أسمى من الفرد ، هذا عدى أنهم وحدهم اليوم من يقتلون المفكرين من أجل أمور مادية ، فشاتم الرسول لا يستتاب بل يقتل ، وهذا ما يواجهه الصحفي محمد ولد مخيطر في موريتانيا اليوم ، رغم أنك تجد الموريتانيين يقولون لك ان داعش لا ثمثل الإسلام ، و الذي طبعا حكم عليه بحكم الإعدام لأنه أتهم بإهانة النبي محمد ، وهو ما يحيلنا بلا شك إلى النتيجة نفسها التي وصلنا لها في السؤالين السابقين ، وهي أن الإسلام و أمته ، في صراع حتمي مع الحضارة الإنسانية لا محالة ، ومهما ما حاولنا أن نبحت عن نقاط مشتركة فلا يمكن إيجادها مطلقا ، فدائما هناك صدام بين الطرفين ، الحضارة الإنسانية إختارت الفردانية ، أمة الإسلام اختارت المجموع ، الحضارة الإنسانية إختارت الديمقراطية وحكم الإنسان لنفسه ، أمة الإسلام اختارت الاستبداد و حكم الله والدين للإنسان ، الحضارة الإنسانية إختارت رعاية الإبداع و دعم الفن ، أمة الإسلام إختارت قمع الفن ، الحضارة الإنسانية تعلي من قيمة الدنيا كحياة يجب أن تعاش ويجب الإهتمام بها ، ، أمة الإسلام أختارات أن لا تراها سوى كحياة فانية بلا قيمة ، و أن الحياة خير و أبقى ، الحضارة الإنسانية قدست المرأة ودعمت حقوقها ، في المقابل لا يزال الإسلام يعيش على قصص العورة و المرأة بنصف شهادة الرجل ، وللذكر مثل حظ الأنثيين الخ .

يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رد على الدكتور عابدين من الفيسبوك
شاكر شكور ( 2016 / 11 / 13 - 05:12 )
تقول في تعليقك على الفيسبوك ، الكاتب انهى مقالته بالقول :( لا يزال الإسلام يعيش على قصص العورة والمرأة بنصف شهادة الرجل ، وللذكر مثل حظ الأنثيين بدون إدراك لعظمة الاسلام فى هذا التمييز الايجابى) ، هلا تتفضلت علينا يا حضرة الدكتور وتشرح لنا ما هو الإيجابي في عبارة (وللذكر مثل حظ الأنثيين ؟) ، الآن تأكدتُ بأن الدواعش لن ينقرضوا ما دامت جامعة مثل جامعة سوهاج المصرية يتناغم اساتذتها مع التجهبل الذي تنشره مؤسسة الأزهر حول احتقار المرأة وأعتبارها اقل درجة من الرجل ، علما بأن رأيك هذا يا حضرة الدكتور اثبت صحة ما ذهب اليه السيد الكاتب حول موضوع العداء الحتمي للحضارة الإنسانية


2 - أمة بحالة شيزوفرينيا
سعد الركابي ( 2016 / 11 / 13 - 09:05 )
دعاة الاسلام يشتمون الغرب ويصفونه بالكافر من جهة ويذهبون للعلاج في مشافي الدول الغربيه ويرسلون ابناءهم للدراسه فيها ويستخدمون كل وسائل التقنيه والمنتجات الغربيه ...ويفتون لنا ان الغرب كافر وان الغربيين وغير المسلمين خالدين مخلدين في النار وفقط حضرة جنابهم يتنعمون بنعيم الجنه ... !! هؤلاء مصابون بانفصام الشخصيه يدعون الناس الى التخلف والظلام أنهم مخادعون أفاكون وسلوكهم الرقيع وتصرفهم الصفيق لم يعد ينطلي علينا بعد أن فعلنا عقولنا .... مقال في غاية الوضوح والمنطق... متى تستفيق الأمة وينتفض المتحررون من ربقة الأستعباد


3 - الحقيقه
على سالم ( 2016 / 11 / 13 - 17:19 )
من المؤكد ان الاسلام مرض وبائى قاتل ومعدى وسام جدا وفى سبيل انقاذ البشريه من هذه الكارثه توجب على العالم اجمع ان يتحد ويشن حرب شعواء شرسه على هذا الوباء البدوى الخبيث الاجرب من اجل استئصاله والقضاء عليه وعلى شروره نهائيا


4 - الإسلام
ناس حدهوم أحمد ( 2016 / 11 / 13 - 21:45 )
إن الأمة العربية الإسلامية لا زالت كما من قبل تعيش في الظلام والجهل
والأمية والعنف والإرهاب
هذا واضح جدا للعيان وللعقول السليمة
اليوم هذا العالم العربي الإسلامي يعيش أزمات عميقة نتجت عن الفكر الظلامي
الذي يسود أسس وبناء هذه المجتمعات البدوية الصحراوية
وتفرخت فيه حركات ظلامية لا تفكر بعقلها وإنما بمؤخرتها
والشعوب التي تعاني من هذه الأزمات ومن حكامها الفاسدين
يتشردون عند أبواب الدول المتقدمة ويخترقون جدرانها وحدودها
مستغلين ومنتهزين قوانين هذه المجتمعات الراقية والمتحضرة والكافرة
من أجل الظفر بحياة كريمة وآمنة بين ظهرانيها
في نفس الوقت ينعتون هذه البلدان القوية والمبدعة بالكفر
إذن ما عسانا نفهم من هذه المفارقة وهذا التناقض
أليست هذه الأمة العربية الإسلامية أمة متخلفة ومريضة ومنفصمة ؟
هذا لا يحتاج إلى جدال ولا إلى حوار
فقط يحتاج إلى إشفاق وإذا عرف السبب بطل العجب

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24