الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب وزير التعليم في السلطة الفلسطينية

ناجح شاهين

2016 / 11 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


خطاب وزير التعليم في السلطة الفلسطينية:
الخطابة بديل للوقائع والحقائق
ناجح شاهين
أحسست رعباً حقيقياً يتخلل عظامي. يبدو أن "الكل" الفلسطيني قد أدمن الخطابة عوضاً عن الفعل. وقد نجحنا في سياق النبرة العالية الهائجة والمهيجة في تحقيق أشياء كثيرة دون أن نحقق شيئاً: حققنا الدولة والاستقلال، والتنمية، والقوة، وبناء النهضة الاقتصادية والعلمية، وبنينا "الجيش" والأجهزة الأمنية...الخ لكن بالطبع يعرف الناس، يلمسون بحواسهم، وتقوم "إسرائيل" بتذكيرهم كلما لزم الأمر عن طريق اقتحام رام الله أو بيت لحم أو أي مكان تختاره قواتها ومن يوجه لها الأوامر والتعليمات، أن الواقع يختلف عن اللغة اختلافاً بيناً وواسعاً.
الوزير الفلسطيني في مقالة على الصفحة الأولى من جريدة القدس يوم 16 تشرين ثاني الجاري بعنوان "الأمل ما بعد طلائع الأمل"، يخبرنا أنه انطلاقاً من شعار "لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة" تم تحقيق العديد من المنجزات. ومن ذلك وصول معلمة فلسطينية إلى الفوز بلقب أفضل معلمة، وفوز مدرسة في نابلس...الخ وذلك بحسب الوزير على الرغم من "تواضع الإمكانات وقلة ذات اليد" ولسنا متأكدين أن اللغة العربية تسمح لنا بأن نقول "قلة ذت اليد" ونظن المقصود هنا هو "ضيق" ذات اليد.
بعد ذلك يفخر الوزير بتمكن "فلسطين" من ربح جوائز أخرى. ثم ينتقل للتأكيد على دور التعليم في "التنمية" مقترحاً محورين للنهوض بالتعليم أحدهما هو توجيه الطلبة نحو التخصصات التقنية، والثاني هو جعل التعليم الزامياً في مرحلة الروضة.
يؤسفنا القول إننا نختلف مع الوزير في ذلك كله: أولاً وثانياً وثالثاً، لا يوجد شيء اسمه تنمية تحت الاحتلال. إنما يوجد إدارة مؤقتة لشؤون الحياة بانتظار التحرير والتخلص من الاحتلال الجاثم على صدرونا والذي يستطيع أن ينقض أي شيء نفكر في بنائه أو "تنميته". وأما فيما يخص التخصصات التقنية فلا نعرف لماذا ستكون ترياقاً لفلسطين، هل نبعت من واقع المجتمع والجغرافيا الفلسطينية؟ وأخيراً التعليم الإلزامي لأطفال الروضة: لا بد أن منير فاشة يرتعش هلعاً، وأنا وكثيرون، مثله. إن الوزارة لا تكتفي بتدمير نفسيات الأطفال "العالقين" في المدراس وسط ممارسات الملل والكآبة والقمع والتنكيل والتسميع، إنما تطمح إلى مطاردة الأطفال في سنوات الطفولة الأولى قبل سن السادسة.
وربما تخوفاً من الوزير من رأي كرأينا هذا فإنه ينبه على تجنب "وضع العصي في دواليب" العمل الدؤوب للوزارة، وذلك عن طريق نقده أو الاعتراض عليه، ومن يفعل ذلك "يتساوق مع الاحتلال" بحسب ما يذهب إليه الوزير.
يختتم الوزير ببيت من الشعر يذكر تماماً بالطريقة التي دربونا عليها في صغرنا –وما زالت هي هي- لكتابة مواضيع الإنشاء، فيستشهد ببيت من الشعر يقول: أخاك أخاك ان من لا أخاً له كساعي الى الهيجا بدون سلاحي
بقي أن نؤكد للوزير ولكل أبناء شعبنا المبتلى بما يحدث في المدرسة أن "الجوائز" بغض النظر عن أسبابها وحيثياتها، مثلما الخطابة، لا تغير في واقع أن التعليم ما يزال يستند إلى التلقين في الممارسة اليومية، وما يزال يستند إلى التجريح والشتم بأسوأ أنواع الكلمات من قبل المعلمات والمعلمين في المدراس المختلفة خصوصاً التابعة للسلطة، وما يزال الضرب قاعدة شائعة في الممارسة المدرسية، وما يزال التسميع تحت ضغط المدرسة هو الدور الرئيس الذي يضطلع به الأهالي في العملية التعليمية. وأهم من ذلك ما يزال المعلم عموماً يحس بأنه مظلوم بالراتب القليل، وكبر عدد الطلبة في الصف، وامتلاء جدوله الأسبوعي بالحصص.
لسنا نريد وضع العصي في دواليب الوزارة ولا دواليب غيرها، ولكننا نريد أن نقول دون ملل من التكرار إن ثورة حقيقية في التعليم تتطلب تحويل المدرسة إلى مكان للفرح والتفكير والبهجة والحركة والإنجاز. بينما واقع الحال أنها ما تزال أماكن للاضطهاد والترويض، وقمع الطاقات، والعقوبات الجسدية والنفسية المختلفة. وليس بإمكان المدارس فيما نزعم أن تقوم بالمهمة الأكاديمية الأساس التي يفترض أن تنجز في سياق غرفة الصف ألا وهي إكساب الطلبة مهارات التفكير والتساؤل والبحث العلمي.
نزعم أن مهارات التفكير المختلفة عالم مغلق بالنسبة لوزارة التعليم، وإلقاء الخطب حول التفكير والإبداع لا يساوي المعرفة به أو بطرق تدريسه أو طرق قياسه. أما الإلحاح على تكرار استخدام مفردات التفكير والإبداع فإنما يشير بوضوح إلى غيابها ويؤكده، وحسن النوايا –إن توافر- لا يغير في واقع الحال شيئاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| اعتراض قذائف أطلقت من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمو


.. حصانة جزئية.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترمب؟




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض تتجاهل سؤال صحفية حول تلقي بايدن


.. اليابان تصدر أوراقا نقدية جديدة تحمل صورا ثلاثية الأبعاد




.. تزايد الطلب على الشوكولا في روسيا رغم ارتفاع سعرها لعدة أضعا