الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح معذبي الدكتاتورية في تونس

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 11 / 18
المجتمع المدني


لئن بدأ المشهد السياسي في تونس يميل في سطح الوعي العام إلى الحنين إلى الدكتاتورية باعتبارها الحل المنظم للفوضى السياسية و المافيوية في البلاد، حتى أننا أصبحنا نرى في الإعلام و في الإدارات و في المقاهي عودة التجمعيـين إلى التبجح و الكلام بنبرة عالية و ثـقة في النفس بكونهم أحسن ما أنتجت البلاد من عقول فذة و اجتهادات ميدانية في العمل الدءوب للصالح العام، فإن الاستماع إلى ضحايا الاستبداد من مختلف الشرائح و الفئات من الطبقات الشعبية التي أصابها الضيم و الظلم و الاهانة و التعذيب و الملاحقات التي كانت في دولة البوليس الاانسانية و المتوحشة و التي تعتبر الأرضية القاعدية لإنتاج الإرهاب بمختلف أشكاله و ألوانه.. هذا البوح للمعذبين بعد ست سنوات من الانفجار الكبير للثورة مثل صفعة مدوية لجميع اللذين لم يرتـقوا بعد حتى إلى درجة الخجل من أنفسهم..
إن بوح معذبي الاستبداد السياسي و الدكتاتورية أفصحوا، و خاصة هنا ذوي اللون الإسلامي، عن معطى سياسي هام و هو ذو تـأثير أكيد على الرأي العام. هذا المعطى هو الاعـتراف بالمساهمة الكبرى و المجانية للمحامين اليساريـين في التصدي للدكتاتورية و الدفاع عن الإسلاميـين دون مقابل. و مفاد هذا التأثير بخلاف التوجيه نحو اليسار هو تعرف الرأي العام على منحى لم يكن متوفـرا لهم إدراكه و هو وجود قضية الحرية و الكرامة البشرية و إنسانية الإنسان التي يتوجب الدفاع عنها لأجلها في ذاتها و ليس لأي منفعة سوى رضاء الذات عن نفـسها.
كما أن هذا البوح يفصح عن التـناقـض الحاصل في الاتجاه الإسلامي بين ما يعتبر قياداته أو نخبه التي اختبأت تحت درع السلحفاة و انسحبت، و حتى و إن كان للبعض القـليل ان يدافع عما يسمى الأخ في الإسلام فان الأمر كان بمقابل باهظ.
و إن بوح المعذبين جراء الاستبداد و الدكتاتورية بقـدر ما يعرف الناس عما كان يختبئ وراء دعايات "فرحة شباب تونس" و "دولة الأمن و الأمان" و "النمو الاقتصادي"، بقـدر ما يفصح بجلاء عن واقع مر عايشه آلاف من التونسيـين يوميا يتجرعون كأس الكآبة و الضيم و الظلم جراء الانجرار وراء متاهة قيادات متاجرة بالدماء و الآلام و الأحلام و المعاني الزائفة التي تمت صياغتها باسم الدفاع عن الهوية الإسلامية، بينما الحقيقة التي عاشوها فعليا بدمائهم و ملامسات أيديهم للعفن العام أن القضية هي قضية تحرر إنساني من سارقي الشعب في ماديته و روحانيته.
و لعل ابرز أبعاد بوح المعذبـين هو العودة مباشرة إلى المربع الأول للثورة. ثورة كرامة إنسانية و حرية..
ان هذا البوح في القناة الوطنية الاولى يرسخ قوة المجتمع المدني و يساهم بقوة في بناء قاعدة متينة للبناء الديمقراطي الذي تسير اليه جميع القوة الفاعلة سواء عن اضطرار او عن ارادة و تصور.. و الديمقراطية باعتبارها دولة القانون العادل و النمو الاقـتصادي و الارتـقاء الاجتماعي ثـقـافيا و فكريا نحو خلق ارمونية الانا و الآخر التي تعزفها الانوات الواعية بفرديتها في تـناغمها مع سمفونية الحرية و العـدالة الاجتماعية العامة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل: متظاهرون يطالبون الحكومة بالإسراع بعملية تبادل الأس


.. حملة اعتقالات داعمي فلسطين في ألمانيا متواصلة




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - المرصد الأورومتوسطي: الاحتلال يما


.. اعتقال نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي بتهمة ت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تجبر النازحين على الخروج من مرا