الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثغاء

عطا مناع

2016 / 11 / 24
المجتمع المدني


ثغاء

بقلم : عطا مناع

أينما نظر لا يسمع سوى الثغاء، كأن محيطه بات غنماً لا تتقن سوى صوت الثغاء ولا ولاده والتقسير أن التيس عاقر إلا أن لغة الثغاء تكبل المشهد وتسلب العقول.

يخاطب نفسه معاتباً، خانتك اللغه يا من اعتقدت انك تمتلك روحها لتنهشك أبجدياتها ليبتلعك شيطان الشعار الهش، ضاعت هويتك فما عاد للكلام معنى، لا الشام بقيت شام ولا اليمن سعيد.

أين المفر؟؟ وما السبيل لتحرير الروح من هواجسها؟؟؟ سبعون عاماً وأنت تجتر الكلمات وفلسطين ما عادت فلسطين، حتى لغة الجسد جافها الحنين وكأن الدماء فيك فقدت بوصلتها لوجهك الفاقد للحياة واللغه.

كنت تمعن نظرك في الوجوه فتنهال عليك الحكايات دون كلام، كان لكل وجه حكايته، إنها يا صاحبي لغة التجاعيد التي وجدت طريقاً سهله في وجوه أتعبها التيه، وجوه لا تقوى على النطق أو أنها ترفض لغتك البائسة الغارقة في الدجل حتى رقبتها، تلك هي لغة الصمت حاضنة الحقيقة من مهدها إلى لحدها.

غابت أو غيبت الوجوه المتجعدة وتشظت لغتك، فأنت لم تعد تفهم حتى نفسك فكيف لك أن تقرأ محيطك، تفتش في صباحاتك عن ما تبقى من وجوه بلا طائل، فالوجوه اتخذت شكل آخر، لا دماء، وكأنك تعيش لعنة الموت والصمت والثغاء الذي لن يأتيك بالولادة ألطبيعيه.

تقول العرب العاربة أن الغنم تمتلك نعمة الثغاء عند الولاده، كأنها بذلك تبشر أبناء جنسها بالميلاد الجديد وباستمرارية النوع، تتوق أنت الذي اندمجت في فكر وثقافة القطيع بكل تفاصيلها لإتقان لغة الثغاء متشبثاً بخيط رفيع يميز ثغاء ما قبل الولاده عن محاولة إتقان الصوت وتقمصه لإقناع نفسك بإمكانية تجددك.

لغة الثغاء ليست لك فاختر ما شئت من كلمات العويل، ثغاء ما قبل الولاده هناك في الشام التي احتضنتك فأشحت بوجهك عنها، في الشام يا سيدي قررت النساء التوقف عن "الثغاء" إلى أن تعود للوطن أبجديته ويتم استئصال الغرباء.

في الشام تتشكل مدرسة حديثه للغة لم تعرفها ولن تعرفها إلا إذا قررت إتقان فن قراءة الوجوه المتجعدة، وفي الشام كما العراق واليمن حيث الموت حياه والحياة في كنف الغرباء موت، حقيقة أدركتها النساء فلم نعد نسمع لغة" الثغاء" حتى يتم كنس الغرباء.

أنت من الشام على مرمى حجر، لكنك فاقد للذاكره، لا التاريخ يردعك ولا الجغرافيا تمدك بطوق النجاة، أنت يا من أتقنت لغة الانتظار والتكاثر بلا ثغاء، والتكاثر يا سيدي بلا ثغاء بمفهوم عصرنا عمليات قيصريه أو حمل كاذب، والحمل الكاذب ليس بالضرورة أن لا يفضي لولاده، يأتيك المولود مشوها وبلا جينات تستحضر حكايات الوجوه المتجعده.

تقول الاسطوره أن الموت للجسد، فالروح تعود في جسد آخر لتتجدد الحياة، والولادات الصعبة تبشرنا بعودة الأرواح العظيمة لتعيد للغة مكانتها، وبما أن الشعوب المسحوقة كشعبنا تعيش تيه اللغه فلم يعد له سوى الإيمان بالأسطورة التي تنادي بعودة الروح الحرة التي تتقن فن الثغاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟