الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقف سلسلة الانتقام في تونس

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 11 / 25
المجتمع المدني


" الاحتـقار و الكراهية المصحوبة غالبا بالغضب، تـتضافر لدفع الرعايا الحانـقين للتمرد ضد الطاغية". هكذا قال الفيلسوف اليوناني "أرسطو" منذ ما يزيد عن الألفي سنة، فهل تكون الثورة التونسية و العدالة الانـتـقالية تحقيقا واقعيا للحل السياسي لمسالة علاقة السلطة بالشعب؟
من طبيعة الانـقلابات السياسية أن تحول الضحية إلى جلاد في عملية انـتـقامية ربما تكون أكثر بشاعة، و هذا ما يخيف الأبواق الناعـقة لبعـض أزلام الدكتاتورية و هي تـدفع خوفها بكل السبل و الكلمات و الاستـفـزازات دون خجل. الانـتـقام و التـشفي لم يحدث في تونس إلى غاية اليوم منذ الانقلاب السياسي في 14 جانفي 2011.
و كان رئيس الجمهورية السيد "باجي قايد السبسي" قد قال أن "العدالة الانـتـقالية أكثر مكسب قامت به الترويكا" بواسطة المجلس التأسيسي آنذاك، بحيث أنها لم تـتجه إلى الانـتـقام بل إلى المأسسة الدستورية لهيئة تعنى بالعـدالة الانـتـقـالية و المعنونة بـ"هيئة الحقيقة و الكرامة".
فالتـفكير العقلاني المسئول يدرك بوضوح أن التعـذيب و الإرهاب الذي تمارسه سلطة الاستبداد له تاريخ طويل جدا يمتد حتى إلى قرطاج و روما و الدولة العربية الإسلامية، و لكن اقتطاع نسبة من الزمن القريب من شانه أن يوقـف سيلان الكراهية و الضغينة و الحقد الذي يشيعه الاستبداد في الشعب الذي قد يثور و ينـتـقم.. قطع سلسلة الانـتـقام في الحقيقة هي قطع لمفهوم قـديم للسلطة قائم على الإرهاب و إشاعة الخوف و على انتهاك إنسانية الإنسان. وقف هذه السلسلة هو دخول لعصر الإنسان..
القضية تـتجاوز أي صراع سياسي بأي شكل من الأشكال برغم تهافت البعض من هنا و هناك لجر مسألة بوح المعذبين على أيدي البوليس إلى تلك المربعات الضيقة التي من شانها حجب القضية المبدئية الأساسية. القضية قضية مستـقبل نريده لدولة عقلانية أخلاقية إنسانية.
الدولة مطالبة بترسيخ و تجـسيد القيم الإنسانية و محاسبة نفسها إن تجاوزت. و نحيي هنا السيد "صادق شعبان" وزير العدل السابق في النظام النوفمبري الذي قال انه تـفاجأ بما سمعه من ضحايا التعذيب و طلب الاعـتـذار باعتباره ليس مسئولا مباشرا عما حدث و إنما باعتباره جزءا من النظام.
مهما كانت الأسباب فان الدولة بأجهزتها لا يُقبل منها أن تـتصرف بوحشية مع المعتـقلين أو حتى مجرد انتهاك كرامتهم لفضيا فما بالك تعليقهم و حرق أجسادهم و خوزقـتهم و اخصائهم بعنف. هذه وحشية القرون الوسطى و تونس ترفض أن تكون في مصاف البربرية و التوحش و انتهاك إنسانية الإنسان.
إن قطع سلسلة الانـتـقام من شانها الانـتـقال بالبلد نهائيا من سيكولوجية الخوف و الإرهاب و الارتهاب إلى سيكولوجية الطمأنينة و الثـقة في الدولة و بالتالي حب الدولة و اندماج الشعب و السلطة في مسار الخير العام.
هذه الصورة المستـقبلية لتونس الجديدة التي تـتحقـق فيها وحدة وطنية حقيقية و ارتفاع السياسي إلى العقل و المصداقية و التعبير عن روح الشعب و انصهار الشعب بسلطته في معركة بناء الغد الأفضل للمجتمع السعيد، متعلقة أساسا إضافة إلى ما يتم و ما تم انجازه هو الكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية في تونس في عهد الترويكا.. لا يمكن أبدا تجاوز هذه المسالة إلا بكـشـفها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينتقد إحداث السلطا


.. منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن إسرائيل تستخدم ذخائر الفسفور




.. الأونروا تعلن توقف محطات تحليه المياه في غزة عن العمل.. وتؤك


.. منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن إسرائيل تستخدم ذخائر الفسفور




.. شبكات | مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون لمعاقبة المحكمة