الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عساها -ابختج- ياعديلة

محمد الرديني

2016 / 11 / 26
المجتمع المدني


زارني امس ابو الطيب بعد انقطاع دام اسبوعين ،فليس كعادته ان يغيب طويلا عني وكان يردد دائما ان لم ارك يوما احس اني اضعت شيئا ما.
جلس على الاريكة وهو يجر حسرة طويلة،مرت فترة صمت قصيرة كنت اشعر خلالها انه يريد ان يقول شيئا.
سالته عن سبب غيابه فجرّ حسرة اخرى وقال:
القلب الملعون يلعب معي لعبة "غميضة جيجو" فقبل يومين زادت دقاته حتى وصلت الى 160 ضربة بالدقيقة اي ضعف المعتاد،كنا آنذاك في طريقي لأطلب دوائي المعتاد من الطبيب، رحب بي كعادته وسألني لماذا وجهك ابيض بهذا الشكل على غير العادة. لم اكن اعرف ذلك وقال لي ضاحكا :دعني افحص قلبك ربما وقعت في الحب وحين وضع سماعته على صدري حتى رأيته يصفن طويلا ثم يعاود الفحص ورأيته بعد اقل من دقيقتين يركض نحو الهاتف ليطلب سيارة اسعاف ووجدتني في حيرة ماذا يريد مني هذا الطبيب، سمعته يقول:
ان ضربات قلبك تجاوزت الحد المسموح ووصلت الى 160 دقة في الدقيقة ويمكن ان يتوقف في اي وقت.
وحسبت انه يبالغ ولكن حين وصل رجال الاسعاف احسست ان الامر جديا.
في داخل سيارة الاسعاف سألت المسعف:لماذا لم تشغّل الونان فقال ان حالتك لاتستدعي ذلك.
وسرعان ما وجدت نفسي ممددا على سرير ابيض وقد احاط بي طبيبان وثلاث ممرضات ،احسست بدوار واغمضت عينيي وتركت جسدي لهم.
لا ادري كم من الوقت مضى ولكن حين استيقظت وجدت امامي ممرضة شقراء طويلة بل فارعة في الطول حتى ظننت انها عانس فمن يستطيع ان يتحمل كل هذا الطول وسمعت صوتها الذي كان يشبه صوت حفيف الاشجار في فصل الربيع.
قالت:
سلامتك لقد ارجعنا نبضك الى وضعه الطبيعيه ولكن الغريب انك تشعر بالام بسب هذه الزيادة.
كنت اريد ان اقول لو عشت في العراق لعرفت السبب ولكني سكّت على مضض.
حسبت اني في فندق فاخر حين نقلوني الى غرفة بيضاء وستائرها بنية مطرزة باشجار قصيرة تبدو وكأنها مثمرة بحبوب خضراء تشبه الى حد كبير حبات الفاصوليا الخضراء.
تركتني وحيدا لا اعرف ماذا افعل ،كان الوقت يقترب من منتصف النهار حين استأذنت احداهن في الدخول لتقدم لي قائمة بالطعام الغداء الذي اريده وبعد ان اخترت السمك مع الرز الذي احبه كثيراوانا غير مصدق ،عضضت على شفتي العليا لأحس باني لست في حلم وجاءت نفس المرأة لتأخذ القائمة ثم ناولتني قائمة اخرى وكانت لوجبة العشاء.
هل يريد هؤلاء ان يصيبوني بالجنون ،وهل انا في مستشفى ام في فندق سياحي.
تذكرت بوابة مدينة الطب في اول ايامها وكيف تربعت عجائزنا امامها ليبعن "الشيش" من مختلف الاحجام ويعرضنها للمريض الذي يحتاج الى دواء سائل فصيدلية مدينة الطب لايهمها الامر.
وجاءني طبيب عرفت منه انه اخصائي بالقلب واخبرني بان احدى الممرضات ستأتي لرؤيتي ومعها جهاز تخطيط القلب. غادر هو وجاءت ممرضة ولكنها لاتحمل معها جهاز التخطيط وغطت على فضولي حين قالت بانها مناوبة هذه الليلة وستقوم على رعايتي حتى الصباح.
وسالت نفسي بحنق : الا يوجد مريض غيري في هذه المستشفى وكم عدد الاطباء الذين يعملون هنا ويزورون المرضى كل ساعة او ساعتين.
من المضحك اني اخبرت صديقة لي بذلك فردت نحن في بغداد نتوسل بالطبيب ليأتي لفحص المريض ويقبل يعد ان نضع في جيبه "المقسوم"
جاءت ممرضة اخرى لتفحص الضغط ودقات هذا القلب الملعون.
وبعدها جاءت الممرضة المختصة بتخطيط القلب.
ولم يمض وقت طويل حتى جاء طبيب آخر ليقول ان وضعك الصحي قد تحسن كثيرا ولكنك ستبقى معنا ليلة اخرى زيادة في الاطمئنان،هززت رأسي فقط ويبدو ان الحزن بان على وجهي حين تذكرت الحمار وهو يتجول في احدى ردهات مستشفى حكومي في بغداد وقطة تنتظر عند باب احدى الغرف علها تد شيئا تأكله وسائق دراجة نارية يقود دراجته في ممرات المستشفى بحثا عن مريض يريد زيارته.
وياليتني اكتفيت بذلك بل اطل علي وجه عديلة بنت حمود بوجهها "المفلطح" وهي تعود الى كرسي الوزارة بامر قضائي.
سيدخل جميع مرضى عديلة الجنة بدون سؤال وهناك سيجدون من يزورهم من الاطباء كل ساعة او ساعتين.
عساها "ابختج " ياعديلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة