الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتكن فلسفة القبل والبعد حاضرة أبداً في ذهنيتنا

صلاح الدين مسلم

2016 / 11 / 29
القضية الكردية


إنّها الدولة التركيّة الحديثة التي أتقنت فنّ الإبادة، فنّ الحداثة الرأسماليّة، الفنّ البعيد كلّ البعد عن الفنون، فنّ الدماء المهراقة على الأرض التي نشأ عليها أولئك الأصليون، ليأتي المزيّفون ويزيّفوا الحقائق ويطمسوها ويئدوها، ليتقنوا لغة التطهير العرقيّ؛ إذْ أنّها اللغة التي مارسها أجداد أردوغان، ورحل الكثير من السوداويين على مرّ العصور، لكنّ هذا العصر؛ عصرَ الدولة القوميّة التي هبّت رياحها الباردة من البلاد التي لم تغب عنها الشمس، والتي لا ترى الشمس في عاصمتها لندن، ليتقن لهجتها هذا التلميذ الذي فاق معلّميه ويدمجها بالدولة الدينيّة الإرهابيّة القمعيّة السوداويّة الإنكشاريّة الداعشيّة، ليغيّر التعابير قليلاً لكنّ بلغة اللون الواحد، ويغيّر الأسلوب لكن الغاية واحدة، فعندما يعلنون السلام فإنّهم يفكّرون بالصهر، وعندما ييأسون من السلام المزيّف يشنّون حربهم الشعواء على الكرد. فها هو أردوغان يريد أن يعلن نفسه رئيساً أبديّاً أزليّاً يرتبط اسمه بدولة الصهر والإبادة، ولكي يدخل تاريخ الدمويين نراه يمارس أبشع مظاهر الدكتاتوريّة على مرّ العصور.
فبعد ثمانية أشهر يعود الكرديّ الشرناخي إلى مدينته التي كانت تبلغ مساحة 7.296 كم2 وكان عدد سكانها 353.197 نسمة وكان يبلغ معدل الكثافة السكانية فيها 48/كم2 ليجدها مبادة مدمّرة عن بكرة أبيها، فهي المدينة التي تقع في قلب ميزوبوتاميا العليا، التي هرب منها أنكيدو إلى جلجامش وهرب إليها نوح من طوفان المدينة، وهرب الكرد إليها كلّما تصارعت الدول فيما بينها، حيث تتوسّط هكاري ووان وباتمان وماردين، وهي المحافظة التي تضمّ جزرة وسلوبي وتقول لدهوك وزاخو: "إنّه درس لكِ"، وكما نظرت إلى زاخو وهي تدمّر قبل ثلاثة عقود، ها هي زاخو الآن تنظر بألم إلى شرناخ وسلوبي وجزرة، وكما راقبت نصيبين قامشلو، باتت قامشلو ترى تاريخ الإبادة في نصيبين.
فبعد قرن من الزمان لم يتخلَّ المحتلّ التركيّ لأراضي كردستان عن فكرة الإبادة الجسديّة والتطهير العرقيّ للكرد، وكلّما وقعت أزمة في الحكومة التركيّة وجّهت مدافعها نحو الكرد، فخسرت أكثر فأكثر وأعلنت هزيمتها، ثمّ يأتي شخص آخر ليظهر بمظهر آخر ليعطّر نفسه ويطيّب لسانه ليعلن أنّه السلام الآني فترة من الزمن، وينسى بعض الكرد حينها تاريخ الإبادة، ليكشف هذا الجنديّ التركيّ قناعه الإباديّ.
قد لا تفيد لغة التنديد عبر الصمت العالميّ، وقد تحتار في هذه الدول التي تعلن مساعدتها لك في موقعة ما، وتصمت صمتاً غريباً عن الانتهاكات الأردوغانيّة، وقد تنتابك مشاعر اليأس في أنّك عدت إلى نقطة الصفر، وهذا ما تريدة الحداثة الرأسماليّة لتكون محتاجاً إليها ولتعلن دائماً أنّك لا تستطيع أن تتنفّس دون دولة المركز، أو مركز الدولة، لكن ما خطّ بيد الشعب دون مساعدة من الدولة المركز لن يتهدّم بيد الدولة، ولنقارن دائما قبل وبعد، ولتكن فلسفة القبل والبعد حاضرة أبداً، فها هو أردوغان لا يلقى تأييداً دوليّاً في مناطق الشهباء التي احتلّها، لتبدأ سلسلة الكرّ والفرّ، ليعيد حساباته في آمد وشرناخ وغيرها من المدن الكردستانيّة التي تحفر قبر فكرة الصهر والإبادة في الشرق الأوسط إلى أبد الآبدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و