الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطاقة الإيجابية والشيوخ والحلول الوهمية

ناجح شاهين

2016 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الطاقة الإيجابية و"الشيوخ" والحلول الوهمية
ناجح شاهين
تتحفنا محطة نساء اف ام –ليس وحدها بالطبع- في هذا الصباح الجميل بضيف خبير في الطاقة الإيجابية وتأثيرها في الحصول على الوظائف وإنجاز الأهداف بأنواعها. يلزم أحدنا أن يوجه طاقته الإيجابية باتجاه معين فتنقاد الأمور دون شك إلى تحقيق غاياته وأهدافه، وتمشي حياته على خير ما يرام.
هناك شيخ لبناني اسمه يوسف فتوني، إن لم أخطئ، يستطيع أن يحدد من مكانه أية "جارحة" في جسمك هي المختلة ويصلحها عبر مكالمة هاتفية. طبعاً يستطيع الرجل أن يعالج الأمراض، ويحقق معجزات اقتصادية وأكاديمية للمتصلات والمتصلين، ناهيك عن إحضار الحبيب في سبع دقائق، ورد المطلقة إلى زوجها في ساعتين، وعودة المسافر والغائب إلى أهله...الخ يتواقح الرجل –ومن يقف على إدارة التلفزيونات المصرية التجارية المختلفة بالسماح له- بأن يقارن ما يفعل بأفعال قامة مثل قامة ابن سينا، مدعياً أن طريقته هي طريقة ابن سينا الطبيب ذي النزعة التجريبية العملانية في الطب في مقابل العلاج السحري الموحد لصعوبات الحياة كلها عن طريق دواء واحد يفيض به على البشر جميعاً تلفزيون السيسي والشيخ يوسف وغيره من "العلماء المبروكين".
هنالك في لبنان أيضاً مسلمون شيعة يؤمنون بأن علي والحسن والحسين وقائمة طويلة من الإئمة والشهداء تقف معهم في كل شيء. بل إن المسلم الشيعي البسيط يؤمن بجدية تامة بأن الأئمة والشهداء يحاربون معهم ضد "إسرائيل" وغيرها من الأعداء. بالطبع سيكون هذا كارثياً لو تحول في التطبيق إلى التقاعس عن العمل الشجاع المبدع الذي تقوم به المقاومة. لكن المقاومة تستفيد من هذا الإيمان بذكاء لإبقاء التفاؤل والأمل والدافعية الجهادية، بينما هي تعمل بمنتهى الصرامة على بناء قوتها المادية الفعلية عبر التدريب الدقيق العالي المستوى، والتسليح بأفضل ما يمكن الحصول عليه من أسلحة من أجل مواجهة عدو خبير وذكي ومسلح حتى أسنانه اسمه "إسرائيل".
أنصار الطاقة وشيوخ قنوات مصر المختلفة يخدعون الناس ببيعهم الوهم الذي يصبرهم على "بلاويهم" عوضاً عن البحث عن حل لها في السياق الاجتماعي السياسي الاقتصادي المعاش. يتوهم أحدهم أن الطاقة أو الشيخ يمكن أن يقدم الحل لمشاكل الاقتصاد أو الصحة أو السياسة.
بالطبع التبسيط شيء مخل ولا يقارب الواقع جدياً. لكننا نلجأ إليه هنا بغرض التوضيح: إذا كان السوق الفلسطيني –مثلاً- يستوعب 20 في المائة فقط من القوة العاملة المؤهلة، وتمكن 100% من الفلسطينيين من ممارسة الطاقة الإيجابية أو اتصلوا بالشيخ اللبناني أو المغربي، فهل ستكون النتيجة أن وظائف ما ستهبط من السماء ليشتغل الناس جميعاً؟ واضح أن الجواب هو لا، لأن الاقتصاد أمر مادي واقعي ثقيل لا يمكن تغييره عن طريق الطاقة.
فهل يمكن للطاقة الإيجابية أو الشيوخ في قنوات مصر في عصر الرئيس السيسي أن تسهم، على سبيل المثال لا الحصر، في إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني أو أن تردع تركيا عن محاولة اقتطاع شمال سوريا والعراق؟ واضح أن الجواب هو لا.
لكنهم لا يتوانون عن بيع الناس أوهام الطاقة، وحلول الشيوخ السحرية محققين هدفين رائعين في آن: أولاً، منفعة مادية مباشرة تذهب إلى جيوب المدعين الأفاقين النصابين من بائعي الوهم؛ ثانياً، تخدير الناس بأفيون قديم متجدد يلهيهم عن مواجهة واقعهم بالسبل الثورية الواقعية المتصلة بشروط الحياة التاريخية الفعلية.
أوهام الطاقة وأوهام الشيوخ وأفيون أرب ايدول وحشيش كرة القدم كلها أدوات "سحرية" حقاً في سحب أنظار الناس بعيداً عن الأسباب الحقيقية لمعاناتهم والسبل العلمية العملية الكفيلة بمواجهتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة


.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم