الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطتفات من ترجمة كتاب سان كلير تيسدال- المصادر الأصلية للقرآن-الفصل الأول.

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 12 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقتطفات من ترجمة كتاب سان كلير تيسدال - المصادر الأصلية للقرآن - الفصل الأول.
إنه من الصواب فى المقام الأول، ونحن بصدد مناقشة أصل الإسلام ، أن ندرس الآراء المعنية بالموضوع ، التى قال بها فقهاء الإسلام الأوائل ، وأن نرى إذا ماكانت هذه الآراء مؤيدة بتأكيدات من القرآن نفسه ، ثم نشرع فى الإستفسار عن السؤال ، فى إذا ماكان يمكن لنا أن نقبل هذه الآراء على أنها التفسير الصحيح للحقائق . إنه من المعروف جيداً أن علماء الإسلام قد أكدوا دائماً على أن القرآن هو كلمة الله نفسه، والتى أمر بنقشها على اللوح المحفوظ فى السماء، بزمن طويل ، قبل خلق العالم ، رغم أنه فى عهد الخليفة المأمون(198-218هـ813-833م) وبعده ، قد كان هناك جدل حاد بين هؤلاء الذين تمسكوا بفكرة خلود القرآن ، وهؤلاء الذين تمسكوا بفكرة خلقه، وهو جدل لسنا فى حاجة للخوض فيه ، فقد إتفق معظم المسلمين على أن الكتاب ليس من تصنيف محمد ،ولا من تصنيف أى كائن بشرى آخر، وأنه من عمل الله بالكامل ، وأن محمداً لم يكن سوى رسول فى ذلك ، إنحصر واجبه فى تلقى الكتاب المقدس ، وتوصيله للناس. ويخبرنا التاريخ أن الكتاب قد أًنزل فى ليلة محددة من السماء العليا إلى السماء السفلى بواسطة الملاك جبرائيل ، والذى أخذ بعد ذلك فى وضع الآيات والسور تدريجياً فى عقل ولسان محمد، وعلى هذا فليس هناك شئ إنسانى فى القرآن على الإطلاق ، إنه إلهياً بالكامل.
وكى يدرك قارئنا أن هذه هى الرؤية المحمدية الأرثوذكسية للموضوع ، فسوف نقتبس هنا فقرتين من الكاتب العربى الشهير إبن خلدون(وعلى هذا فلتعلموا ، أن القرآن قد أنزل بلسان عربى، فى توافق مع نمطهم البلاغى ، وأنهم جميعاً قد فهموه ، وفهموا معانيه المختلفة فى أجزائه المختلفة ، وفى علاقة هذه الأجزاء ببعضها البعض، وقد إستمر فى النزول ، جزء جزء ، وفى مجموعات من الآيات من أجل شرح عقيدة وحدانية الله والفروض الدينية ، كما تطلبتها الظروف. وبعض هذه النصوص تحتوى على مقالات عن الإيمان ، وبعضها على وصايا السلوك). وفى فقرة أخرى يقول نفس الكاتب (إن كل هذا هو دليل ، على أن القرآن فقط ، من بين الكتب المقدسة ، هو الموحى به إلى رسولنا ، عليه الصلاة والسلام ، كما هو ، بالشكل الذى تُُُلى به ، بكلماته وأجزائه ، وبعكس الإنجيل ، وباقى الكتب المقدسة ، فقد كُشفت للأنبياء فى شكل أفكار، عندما كانوا فى حالة من الإنجذاب ، وأنهم قد فسروا هذه الأفكار ، بعد عودتهم لحالة الإنسان العادية ، بلغتهم المعتادة ، ولذلك فلايوجد بها شئ معجز).
إن هذا يعنى ، أن علماء الإسلام ، بينما يعترفون بالأنبياء الذين أتوا قبل محمد حاملين رسالات من الله للإنسان ، فإنهم يصرون على أن وحى القرآن يختلف عن وحى كتبهم المقدسة ، الإنجيل والتوراة على سبيل المثال ، ليس فقط فى الدرجة ولكن فى النوع أيضاً ، فقد سمع محمد وحى القرآن يتلوه عليه جبريل من اللوح المحفوظ ، فردده خلفه كما هو ، لكن باقى الأنبياء قد إستقبلوا من الله أفكاراً ، بشكل أو بآخر ، ثم حولوها إلى كلمات بلغتهم الخاصة ، ومن ثم فلا يمكن إدعاء أنها من مصدر غير بشرى، وعلى ذلك فقد إعتبرت العربية لغة السماء والملائكة، وكلمة الله نفسه. وبذلك فإن كل الكلمات والمجازات والتأملات والروايات، ونموذج الكتابة ، كلها من أصل إلهى.
ولايوجد شك، فى أن هذه الرؤية ، تتطابق تماماً مع روايات القرآن نفسه. فمقولة الأصل الإلهى ، يعبر عنها بمقولة(أم الكتاب) فى الآية 39 من سورة الرعد رقم 13. ومرة أخرى وأخرى نجد مثل هذه التأكيدات فى القرآن (بل هو قرآن مجيد، فى لوح محفوظ ) ، كما هو مذكور فى الآيات رقم 21-22 من سورة البروج رقم 85. إن كلمة القرآن نفسها تشير إلى ذلك ، حيث تعنى(المتلو). وفى مكان آخر نقرأ أن الله ، العلى القدير، قد أمر محمد أن يقول( قل الله شهيد بينى وبينكم، وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به) كما هو مذكور فى الآية 19 من سورة الأنعام رقم 6) وكذلك فى الآية الأولى من سورة القدر رقم 97 حيث يمثل الله وهو يقول فى الإشارة إلى القرآن( إنا أنزلناه فى ليلة القدر). وهناك الكثير والكثير من مثل هذه الإستشهادات.
وعلى ذلك فإن تفسير المحمديين لأصل الإسلام ، والذى يرتكز على القرآن بشكل أساسى، هو أن الله نفسه هو المصدر الوحيد للإسلام ، وأنه ليس به أى مصدر بشرى، وأنه حتى ولا جزء منه قد إشتق، بشكل مباشرأو غير مباشر، من عقائد ورؤى سابقة عليه، وذلك رغم أنه قد جاء ليؤكد ماجاء فى التوراة والإنجيل ويدعى أنه يتفق مع تعاليمهم الأساسية الغير محرفة ، كما هو مذكور فى الآية 26 ومابعدها من سورة الحديد رقم 57).
إن القراء الأوربيين نادراً مايحتاجون إلى دليل على أن مثل هذا الرأى فى أصل الإسلام بشكل عام ، أو أصل القرآن بشكل خاص ، هو رأى ضعيف، فهؤلاء الذين لايستطيعون قراءة القرآن فى لغته العربية الأصلية ، يستطيعون دراسة تعاليمه من خلال الترجمات المتعددة المتاحة بلغات أوربية عديدة ، والتى يعتبرأشهرها تلك التى قام بها سيل ، ورودويل ، وبالمر. فبالنسبة لأى عقل واع ، فإن التأكيد الذى نستعرضه هنا يدحض نفسه ، فضلاً عن أن أخلاقيات القرآن ، ورؤيته للطبيعة الإلهية ، مفاراقاته التاريخية ، ونقاط ضعفه العديدة ، تجعل من المستحيل لنا أن نتصور ، أنه ليس من تصنيف محمد نفسه. فعندما نرتب السور بالشكل التاريخى لتصنيفها، ونقارنها بأحداث حياة محمد، نرى أن هناك كثير من الحقيقة فى رواية أن الفقرات لم يوحى بها ، كما يقول المسلمون ، ولكن صنفت بين الحين والآخر، وكما تطلبت الظروف ، لتصادق على كل إنطلاقة جديدة فى حياة محمد. إن القرآن فى الواقع هو مرآة صادقة لحياة وشخصية مؤلفه، إنه يتنفس رائحة الصحراء، إنه يمكننا من سماع صرخات أتباع النبى وهم يندفعون إلى المعركة، إنه يكشف عمل عقل محمد نفسه ، ويظهر الإنحطاط التدريجى لشخصيته ، وهو يمر من مرحلة المؤمن الرؤي المخلص ، إلى مرحلة الأفاق الواعى المنغمس فى الشهوات. كل هذا واضح لأى قارئ غير متحيز للقرآن.
وفى نفس الوقت، فإن إستفسارأ سوف يطرح نفسه، من أين إقتبس محمد الأفكار، والحكايات ، والتصورات ، التى دمجها فى العقيدة التى أسسها؟ أىمنها كان إختراعه الخاص ،وأى منها كان مشتقاً من نظم دينية أقدم؟ وإلى أى مدى إمتلك وسائل تعلم تعاليم الديانات الأخرى؟ فإذا ماكان إٌقتبس من نظم دينية أخرى ، فأى أجزاء معينة من القرآن ، وأى طقوس دينية ، أى تصورات وأى روايات ، أى أوامر دينية ، يمكن تتبع مصدرها؟ وكم منه يعود إلى شخصية محمد نفسه وظروف عصره؟ إن تلك التساؤلات هى بعض من المشاكل التى سنحاول علاجها فى هذا الكتاب ، بقدر مانستطيع من وضوح ودقة. ومن أى وجهة نظر قد نعالج ذلك الإستفسار ، فلابد أنه سيكون مثيراً ، ذلك أن مثل هذا البحث، وإذا ماتم بأمانة ، سوف يمكن أى مسلم من تقدير عقيدته الموروثة تقديراً صحيحاً. إن طالب علم مقارنة الأديان سوف يتعلم من مثل هذا التحليل ، كيف ظهر أحد الأديان العرقية فى العصور التاريخية الحديثة ، ومع ذلك ، وإذا ماكان حكيماً ، فلن يقاد لتكوين إستنتاجات من مثال واحد ، وكذلك فقد يجد المبشر المسيحى أنه من الضرورى متابعة تلك الدراسة ، كى يتعرف من خلالها على طريقة جديدة لجعل أصحاب الإستفسارات الإسلامية يدركون مدى ضعف موقفهم، ومع ذلك ، وبصرف النظر عن كل هذه الإعتبارات ، فسوف نبدأ فى الإستفسار عما كانت مصادر القرآن الأصلية فعلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah