الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تديين العادات

سعادة أبو عراق

2016 / 12 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تديين العادات
تعريف المصطلح
لا أظن هذا المصطلح من الشيوع ما يغنينا عن توضيحه بما يجعل هدفنا واضحا ومقصدنا أوضح ، فتديين العادات هو أن تجعل للعرف الاجتماعي والعادات والتقاليد المألوفة والمتبعة في المجتمع أو المحببة للشخص، دعما عقائديا مستلا من النصوص الدينية والأوامر الإلهية، وهذه الحيلة هي تهدف لأمور التالية
1- الحض على فعل هذه العادة أو التأكيد على انه أمر إلهي واجب ، وأنه مأجور وتركه حرام، ويجب عدم تركه أو استبداله.
2- الإيهام بان المجتمع هو مجتمع إسلامي ديني يسير وفق ما انزله الله ، بما يوحي أن قوانين المجتمع ومعتقداته صحيحة مستمدة من دين صحيح
3- الإبقاء على ما توارثه الناس من أجيال سابقة، كنوع من الامتداد الحضاري والإرث المجتمعي فيما يسمى العرف العادات والتقاليد
4- امتداد السلطة المجتمعية لسدنة الدين، على الناس امتدادا لسلطتهم الدينية، فكل خروج عما تم ترسيخه بالدين فهو خروج على الدين ذاته اي الكفر، كاللباس الذي يجب ان يبقى كما هو والتعليم والأفكار والحياة الاجتماعية.
5- التميز بهذه التديين للعادات عن عادات وسلوك الآخرين ورفضهم أو عدم الانصهار معهم ، واتخاذ هوية اجتماعية مميزة، إعتقادا ان كل فكر او قانون او عادة هو نابع من دين آخر.
6-
ـ أسباب هذه الظاهرة
ما أسلفناه من توضيحات منتزعه من واقعنا الذاهب إلى تديين العادات والتقاليد والأفكار هو نابع من الأسباب التالية
1 – هذا الأيديولوجية لا بد لها من مجتمع منعزل ضيق بعيد عن المجتمعات الأخرى بحيث لا يرى بينه وبينها أية صلة اجتماعية أو إنسانية.
2 لا بد ان تكون هذه المجتمعات في حالة من السبات الحضاري وأن القرونالتي مرت على هذا المجتمع لم تحدث أي تغيير ، لذلك ادخل على خلدهم أن الحياة البشرية ثابتة إلى ابد الآبدين، ولا غرو أن تكون ثابتة ثبوت الدين ذاته.
3 – لا بد أن يكون المعتقد الديني متغلغل في النفوس، وانه معتقد جمعي بحيث بكون مصدرا للحكم على كل عمل أو تصرف أو أفكار.
4 – لا بد أيضا أن يكون الفكر الديني هو الفكر المسيطر، وان إعادة إنتاج هذا الفكر يستلزمه قضايا جديدة، يقوم بانتخالها وبحثها واحتضانها وإدراجها في موضوعات الفكر الديني.
ثالثا : تجليات هذه الظاهرة
ولكي لا نبقى نتكلم في قضايا نظرية نورد الأمثلة التالية التي كان بها تديين للعادات
1- ختان النساء : فهذه العادة هي عادة متبعة في وادي النيل منذ عهد الفراعنة، وحسب علمي أن العرب لم تكن عندهم مثل هذه العادة، وإن كانت ندرة من العرب قد مارست ذلك، إلا أنها لم تذكر في أي اثر جاهلي، وأن العرب الذين دخلوا مصر في جيش عمرو بم العاص قد تأثروا بهذه العادة وكطريقة لقتل شهوة المرأة، ما قيل عن اثر لرسول الله بانه لم ينكرها، وأصبحت هذه العادة الاجتماعية الفرعونية (ختان شرعي )
2- اللباس الإسلامي: وجاءت هذه العادة مع الدعاة والسلفين الذين خرجوا من الجزيرة العربية بلباسهم الطبيعي كما هو زي البادية الفقير، وكذلك اللباس الأفغاني الذي اصبح لباسا إسلاميا للجهاديين، من ناحبة تربية اللحية الشعثاء بلا تشذيب والتوب القصير. ولو قمنا بمناقشة موضوعية لوجدنا أن الثوب القصير كان ملائما للبيئة، إذ ارتداه الجاهليون حيث هو أولا اقتصاد في القماش غالي الثمن، وثانيا يمكن به تهوية الجسم وثلبثا يساعد على المشي والركض وركوب الإبل اكثر من الثوب الطويل، وإن كان قد علل به بعضهم بالمباهاة بالتراء، فهم يركبون اآن سيارات بعشرات الآلاف من الدولارات ويقصرون الثوب ببضع قروش . كما انهم يربون اللحى اقتداء برسول الله، وكأن اللحية هي صفة اساسية يتميز بها الرسول عن ابي لهب وأبي جهل
3- الغزو: هناك حديث شريف ما نصه ( من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية) وواضح أنه يحض على نشر الإسلام، ذلك أن أصل كلمة غزا بمعنى طلب أو قصد، ويصبح معنى الغزو في سياق الحديث النبوي ان من لم يكن له نشر الدعوة الإسلامية مطلبا ومقصدا مات ميتة جاهلية، لكن بقي الغزو إلى ما قبل قرن للسلب والنهب وقيمة اجتماعية معززة بالحديث الشريف
4- شئون المرأة: من خمار وحجاب وصوت وشعر وباقي العادات التي فرضنها البيئة البدوية والحياة الصحراوية ، جعل التستر على المرأة ضرورة وكذلك لبس الرأس لصيانة الشعر من الجفاف، وصوتها الذي كان نداء جنسيا لبدوي جائع لكل شيء ضرورة لاعتبار ضوتها عورة، إنها الوسائل لحماية الأسرة فرضتها غياب سلطة الدولة وإشاعة الأمن بين الناس
5- هناك بهلوانيات دعائية أصبحت من المضحك المبكي ، وكأن الإسلام أصبح علبة دهان يمكن به طلاء أي شيء ليصبح إسلاميا فغدا لدينا دولة إسلامية واقتصاد إسلامي وبنوك إسلامية وشركات تأمين ومدارس ومستشفيات حتى أن هناك قنبلة نوويبة إسلامية في باكستان.
انعكاسات هذه الظاهرة
لا بد لكل ظاهرة انعكاسات حميدة أو سيئة، وبما أنها ظاهرة غير حميدة فإن بعض انعكاساتها السلبية هي
1- وقف عمليات التأقام مع المتغيرات المستجدة مع تطور الحياة ،بما يجعل الشعوب العربية اكثر بطءاً وتلكؤً في الرقي والتقدم للوصول إلى مستوى الأمم المتقدمة.
2- عدم مطالبة الحكام العرب الوقت للانتقال السريع بالبلاد والشعوب العربية إلى المستوى الحضاري المطلوب ، وعدم مطالبتهم بعمل استثنائي في هذا العصر الاستثنائي، فعلى عبد الله صالح لم يتحرك باسم الدين طوال اربعين سنة خطوة واحدة,
3- اصبج مبدأ المحافظة على التراث والعادات والتقاليد، اداة لضرب التقدم والتعليم للمرأة ومشاركتها الحياة العامة حتى قيادة السيارة، وغدا ميراثنا إسلاميا مقدسا لا يجوز العبث فيه.
4- انتشار الحركات السلفية التي ترى في الحياة القديمة حياة مثلى والدعوة إلى الرجوع إلها والاقتداء بالسلف الصالح، وما هذا إلا العجز عن تصور حياة أفضل من حياة أولئك الأبرار
5- رسوخ مفهوم قيام الدولة الإسلامية التي سيعيش بها المسلمون برغدة وامن وهناء ،وتحويلها إلى مشروع ممكن في الأذهان، فإذا بهذه الدولة الإسلامية تنشق عن داعش والنصرة وبوكو حرام، ودويلات صومالية هدمت الدولة, وراحت تمارس الأتاوات واستنزاف المجتمع الصومالي، وإسلاماوية البشير الذي فقد نصف بلاده، وجرت لنا كل هذا الدمار والخراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة