الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الذين يستنكرون المولد النبوي

سعادة أبو عراق

2016 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ذكرى المولد النبوي
إلى الذين يحرمون هذه المناسبة
هذه الذكرى العطرة التي نتنسم مناسبتها بكثير من الروحانية الوضاءة، التي لا أدري متى كنا بدأناها، فهي كما يقول السلفيون والوهابيون وشيخهم العريفي، أن الرسول والصحابة لم يقر أحد منهم بهذه العادة، فليس في الإسلام سوى عيدين فقط هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وتبقى جميع الأعياد والمناسبات نوع من البدع الحرام التي يتوجب الابتعاد عنها. فقد ذكر لي الشيخ عبد الرؤوف العبوشي رحمه الله، حينما أقام مولدا للجالية الفلسطينية في السعودية استدعوه للتحقيق معه، ومنعوه من ذلك.
بالطبع لا يوجد عند السلفيين فكر منطقي يمكن لنا أن نناقشه، ذلك أن الفكر السلفي نابع من عدم القدرة على التكيف من المتغيرات، وهذا ليس مبدأ صوابا، ذلك أن الكون في تغير دائم مما يجعلنا أمام أمرين، إما أن نمنع التغيير أو نتعايش مع هذا التغيير، لكن الوهابيين الذين جاءوا من الصحراء إلى المدينة المنورة, قاموا بهدم قبور الصحابة وهموا بهدم قبر الرسول خوفا من أن يصبح القبر معبودا.
وهكذا أرادوا أن يُرجعوا الناس إلى المربع الأول وما زالوا يحاولون، فهذه كل المجتمعات الإسلامية، العربية منها وغير العربية تحتفل بهذه الذكرى, ما عدا المملكة العربية السعودية، ولعل بعض المتأثرين بتعليمات السلفيين يرون أي احتفال هو عيد، وأي عيد يعتبر تجاوزا على ما شرعه الله من أعياد.
لذلك دعونا نرتب أفكارنا للذين يؤيدون الأعياد والذين يحرمونها على النحو التالي
1- إن كلمة عيد مشتقة من الفعل عاد بمعنى رجع، أو عدَّ بمعنى حَسَبَ، أو من الفعل الخماسي (تعوًّد – عادة) بمعنى ما اعتاد عليه الشخص أو المجتمع، وأيضا عيادة المريض أي زيارته، ولو قلّبناه على جميع الصيغ المشتقة من الحروف الثلاثة(ع ا د) لا نجد أي معنى للعبادة، لذلك لا نجد أي ارتباط لغوي ما بين العيد والعبادة ، فالعيد ليس فيه عبادة متميزة غير صلاة العيد التي هي سنة وليست فرضا. لذلك ليست شعيرة إيمانية، لغير الحجيج.
2- العيد بمعناه الاصطلاحي يعني إعادة التذكر، إي الذكرى، فعيد الفطر هو العودة إلى الإفطار، وعيد الأضحى هو إعادة تذكر تضحية سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل.
3- وبناء على هذا التقعيد اللغوي فإن العيد ما هو إلا مناسبة يحسن استذكارها وعدم نسيانها، كيوم الميلاد أو يوم الزواج أو يوم النجاح أو وفاة عزيز، أما على المستوى الوطني كيوم الاستقلال أو يوم الانتصار أو يوم الهزيمة.
4- ولا أظن أننا في حضارتنا لم نكن نحتقل بالذكريات هذه، وخاصة المناسبات الدينية كراس السنة أو المولد النبوى أو الإسراء والمعراج، حيث كانت تقام مواسم في فلسطين كموسم النبي موسى والنبي روبين منذ عهد صلاح الدين، كما أن الموالد كانت تقام بشكل دوري وعلى نطاق ضيق حين تشييد البيت أو ختان الصبيان والمقصود تبريك المكان بالمدائح النبوية وخاصة قصيدة ( يا آمنة بشراك رب السما هناك ، بحملك محمد، سبحان من أعطاك) وكان يقود الاحتفال شيخ دين مع مرافقين، مع تقديم الأكل, ويغدو الشعير والماء الذي يضعونه للتبرك به، مبارك بذكر المديح النبوي.
5- هذا ما وعته الذاكرة وما سطره المؤرخون عن الاحتفالات التي كان يقوم بها المسلمون منذ عهد المماليك، وكانوا يوزعون الكعك كما نسميه الآن ويسميه الغرب كيك فهو اسم عربي، دليل على أصالة الاحتفالات الإسلامية.
6- بعد احتلال بريطانيا لمصر عام 1882 وسيطرتها عليها, راحت تؤسس لثقافتها في حياة الشعب المصري، حين جعلت يوم الأحد عطلة رسمية، وتحتفل برأس السنة الميلادية وميلاد المسيح وعيد القيامة ومولد ملك/ ملكة بريطانيا والعيد الوطني وغيرها من الأعياد البريطانية،
7- هذه الأعياد لم تكن لها أي وقع في وجدان المصريين، أي لا معنى لها إطلاقا، لذلك لم يتفاعل معها أحد، بل قاوموها، لكن بريطانيا التي كان من همها ترسيخ الثقافة الغربية، اقترحت أن يكون يوم الجمعة عطلة أسبوعية بدلا من الأحد، والاحتفال بأعياد لرأس السنة الهجرية ومولد الرسول والإسراء والمعراج ومولد الملك أو السلطان المصري وغيرها.
8- إذن من أين ولدت المشكلة؟ أعتقد أنها ناتجة من عدم تعريفنا لمصطلح الحلال والحرام، فحسب تعريف الفقهاء الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، ولكن الله لم يأت على كل شيء، لذلك علينا أن نعيد تعريف الحلال والحرام، بأنه كل فعل يؤدي إلى ضرر مؤكد، والحلال هو الذي لا يؤدي إلى أي ضرر مؤكد، وهنا نستطيع أن نتساءل هل العيد أي عيد يؤدي إلى ضرر مؤكد؟ فإذا لم يستطع أحد أن يذكر ضررا مؤكدا واحدا، فإن كل الأعياد التي نمارسها على المستوى الشخصي والأسري والوطني والديني هي حلال في حلال في حلال....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متى ولد
بولس اسحق ( 2016 / 12 / 12 - 20:47 )
المتعارف عليه يا سيدي ان العالم تقيم الذكرى السنوية لرحيل فلان الفلاني، واما ان تقيم الذكرى لمولد انسان مات فهذا لم يحدث عبر كل التاريخ البشري، وهناك نقطة مهمة يا سيدي هل هناك احد من المفسرين او الرواة ذكر بالتحديد يعني بالضبط متى ولد الرسول، فكل الاقوال متضاربة ولا اتفاق بينها عن اليوم وحتى السنة نفسها...وعلية فالذين لا يحتفلون بالمولد النبوي اكثر منطقية لانهم أصلا لا يعرفون متى ولد وانما قال فلان عن علان واستنكره البخاري وأجازه مسلم وعلى هذا المنوال أي غير معلوم يوم مولده حاله حال ليلة القدر والمفروض انها اعظم من المولد، ومحمد نفسة المعني بالقضية لم يعرفها مما يعني كذبها...وعندما يتفقون على يوم محدد تعال وقابلني!!! تعليقي ليس للانتقاص من المقالة وانما وجهة نظر...تحياتي واحترامي.


2 - عيد المولد النبوي
سعادوة أبو عراق ( 2017 / 1 / 9 - 20:11 )
اخي بولس، انا لست مناصرا لأعياد الميلاد ، انا ضد منظق المناكفة، وتبني افكار الوهابيون بدون وعي ، وانا معك أن أهل مكة ما كان يوثقون تاريخ الميلاد لأنه لم يكن لديهم تقويم، وهذه حجة الإسلامين حيث يشككون بمولد المسيح، والاحتفال بمولد الرسول ربما انشأته الفرق الصوفية، وكان للتبرك فقط وليس في وقت محدد، ولكن من المؤكد ان الإنكليز كانوا في مصر يحتفلون بعيد الميلاد وميلاد الملك وعيد القيامة، وغيرها من الأعياد المسيحية فراحوا يسترضونهم بعيد ميلاد الملك والمولد النبوي والإسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية، وهذه اشياء لا معنى لها، وأنا كتبت مقالا ستجده في قائمة مواضيعي عنوانه ما يمنع المسلمين الإحتفال بمولد المسيح، اليس عيسى هو نبيى كموسى ، فلماذا نصوم عاشوراء لأن الله انقذة من فرعون ولا نحتفل بمولد المسيح ، وكيف يصوم الرسول اقتداء باليهود في المدينة ، في وقت لم يفرض الصوم على المسلمين ، اذ فرضه في السنة الثانية للهجرة، ان تاريخنا الإسلامي مليء بالخرافات والخزعبلات والأكاذيب التي كان يفتريها المحدثون والإخباريون ، لذلك نحتاج إلى غربلة هذا التاريخ وأنا اعمل على ذلك ، وقد نشرت الكثير منها هنا

اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية