الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معامل تفريخ وتجنيد الدواعش

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2016 / 12 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كعادة الحكومة المصرية في كل الأحداث التي تشغل الرأي العام، انطلقت التصريحات المتضاربة من المسؤولين حول جريمة تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، فمن سيدة تخفت في زي راهبة كانت تحمل 12 كيلو من مادة "تي. ان. تي." الشديدة الانفجار في ملابسها الداخلية، الى سيدة كانت تجر عربة اطفال بها المادة المتفجرة تركتها وانصرفت قبل لحظات من حدوث التفجير، لتقرير اولي صادر عن الطب الشرعي نشرته جريدة الأهرام يشير الى ان التفجير نتج عن عبوة ناسفة زرعت اسفل احد المقاعد، لتحليل للمادة الوراثية اجري لشخص مجهول وجدت اشلاءه في موقع الانفجار، ثم اخيرا الرواية التي كانت اكثر منطقية والتي عرضها المذيع التلفزيوني عمرو اديب في برنامجه حول اعادة ترميم وجه المفجر والذي تمت مقارنته مع الوجوه المسجلة في قاعدة البيانات لدى وزارة الداخلية والذي اوضح ان الانتحاري الذي نفذ التفجير، هو شاب حديث السن قبض عليه من قبل في مظاهرة وهو في سن السادسة عشرة من عمره مع احد اصدقاءه، ولو كانت هذه هي الرواية التي تم توجيهها للناس بحرفية منذ البداية لكان الأمر اكثر اقناعا ولم نكن نعيش حالة الهرج والتكذيب الضخمة التي استقبلت بها جميع الروايات السابقة والتي تخللها الرقع والثقوب.

واذا سلمنا بالرواية الأخيرة والتي تركز البرامج التلفزيونية والأذرع الاعلامية عليها بشكل كبير ومتكرر لاقرارها كحقيقة لا تقبل الجدال، فنحن امام معضلة حقيقية وكارثة تستدعي حلول عاجلة اذا اردنا ان نجنب هذه البلاد دمار كامل وشامل، فهذا الشاب دخل الى السجون المصرية وهو في سن المراهقة حيث كان يمكن تعديل سلوكه وتصحيح مفاهيمه - اذا وجدت لديه مفاهيم مغلوطة - بدلا من ظلمه واذلاله ووضعه مع عناصر تكفيرية تنتهج العنف، اوقن تماما ان الأجهزة الأمنية تعلم تمام العلم الى اي اتجاه ينتمي المعتقلين لديها ولا افهم لماذا يسمح لمراهقين بالتواجد في نفس العنابر مع عناصر ارهابية وتكفيرية ويسمح للعناصر الارهابية بممارسة نشاطها في تجنيد اتباع جدد لها في السجون وشحنهم ضد المجتمع وضد الدولة وضد المخالف لهم في الفكر والعقيدة، انتم تقومون بتصنيع قنابل موقوتة تنفجر يوميا فيكم اولا وفي المدنيين ثانيا ويتم تفريخ المزيد من هذه العناصر بصورة دورية حيث لا يعلم احد كم وصل عددهم في يومنا هذا.

ان ما يصنع الارهاب حقا هو شعور الانسان بغياب العدل والقهر والتسلط وايصال الانسان الى وضع لم يعد فيه يخشى من الخسارة ويتساوى لديه فيه الحياة والموت، بل ان الموت يصبح في ذلك الوقت المهرب الوحيد حين تؤمن ان ما تفعله هو تذكرتك لدخول الجنة ولرضا الله عنك، وكما ان هناك من يقتنع اننا اسرنا قائد الاسطول السادس الأمريكي واننا اخترعنا جهاز بمجرد ان يشير اليك سيعالجك من الايدز وفيروس سي والصدفية، فهناك من يصدق ايضا ان تفجير جسده وسط نساء واطفال هو عمل سيجلب له رضا الله.

ان ما يصنع الارهاب حقا هو التغييب والظلامية والعبث الذي نعيش فيه حيث يعد قول الحق جريمة يعاقب عليها القانون والتفكير والتحليل لعنة قد تنهي مستقبل مرتكبها، ان ما يصنع الارهاب حقا هو خنق اي مبادرة لتحسين حياة الناس، وجعلهم يحصلون على ابسط حقوقهم الانسانية بشق الأنفس، ان ما يصنع الارهاب حقا هو ضياع العدالة او تأخرها حيث لا يبقى لديك الا ان تنتزع حقك بيدك بالصورة التي تراها مناسبة.

اذا لم يجد الشباب الدعم والاحتضان في بلاده حيث يمكنه ان يحقق طموحاته ويسعى بموهبته وما لديه من مؤهلات للترقى وتحسين مستواه، فسيضطر الى السفر بصورة شرعية او غير شرعية، وان لم يستطع فسينتهج طريق الغش والسرقة والبلطجة، او سيجد من يجنده في مثل هذه العمليات التي تصيب المجتمع بشروخ قاسية ومدمرة.

ان بداية الارهاب جاءت من افغانستان حيث استغل الأمريكيون الفكر الأصولي لدى الشباب كوسيلة لصناعة سلاح مدمر ضد الاتحاد السوفيتي انتهى بتفككه وتحلله، وهم منذ ذلك الحين يمارسون نفس اللعبة في العديد من المواقع، وسجونهم في ابو غريب وجونتانامو كانت اهم مفرخة لهذه العناصر بعد ان افقدوهم ادميتهم واصابوهم بالامراض النفسية والعقلية بوسائل التعذيب والقهر، هؤلاء اشخاص اصبحوا ناقمين على الجميع، على من ظلموهم وعلى من قبلوا بظلمهم، يعاقبون الجميع ولا يهمهم مدى براءة هؤلاء الذين سيقومون بتفجيرهم، ولا يعنيهم اذا ما كانوا اطفالا او شيوخا فالجميع لديهم كافر لا يستحق الحياة.

لا تتركوا الشباب نهبا لهؤلاء ولا تغلقوا في وجوههم ابواب الحياة، لا تجعلوهم يفضلون الموت عن البقاء بينكم، فليس بتعديل الدستور وتشديد القوانين ستمنعون العمليات الارهابية، والقول بذلك نوع من الغباء المنقطع النظير، فكيف تخوف انسان لا يعنيه حياته ووجوده من الاصل بالقتل او السجن؟

افرجوا عن سجناء الرأي ولا تضيعوا سنوات شبابهم ولا تتركوهم نهبا لمثل هذا الفكر المتطرف وبدلا من السجون ابنوا لهم مراكز شباب تتسع لطاقتهم وتنمي مواهبهم، اجعلوهم يمارسون الرياضة او الانشطة الثقافية، نحن لسنا حيوانات ليكون الحل الوحيد لديكم في كافة المشاكل العصا الأمنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran