الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل الى معرفة العلاقه بين الاسلام والديمقراطيه

امين كريم فرحان

2016 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل هناك مواصفات دينيه للديمقراطيه وكيف يمكن تطبيق الديمقراطيه في مجتمع تدين غالبيته بالاسلام .
ومن خلال اي منظور نتعامل مع هذا الطرح .
هل من خلال القراءه الملتزمه للنص الديني ، ام من خلال الاستدلال المنطقي بدءا من معتقد معين ، ام من خلال التاريخ الواقعي للاسلام ، ام من خلال منظور مستمد من ايديولوجيه معينه .
1- منظور النص الديني : يتميز النص الديني الاسلامي ( القران ) بخصائص لها تفردها وتميزها سواء من حيث الشكل ام من حيث المضمون .
حيث انه ورد متقطعا على مدى حوالي عشرين سنه ، وان ترتيب السور فيه تفتقد لوحدة الموضوع او حتى التتابع الزمني ، وايضا اسلوبه الذي يتسم بالمجاز في مواضيع كثيره ، من ناحيه وبالتعميم الشديد في المفردات والاحكام من ناحيه اخرى ، مما يجعل البحث فيه يتخذ مسار خاص وانه بهذا يقبل حالة التعدد في الفهم والتفسير .
ان للنص الديني في الاسلام مركزيه مطلقه وعليه نجد ان :
كل من يقوم بالبحث في قضية ما في الاسلام نراه يستند الى نص ما في القران مهما كانت درجة اجتزائه من سياقه او التعسف في تأويله .
ونعني هنا تحديدا على الباحث ان يستكشف كافة النصوص الوارده في القران المتعلقه بموضوع البحث ثم عليه ان يلتزم في فهمها ببنيتها اللغويه من ناحيه وبالسياق اللغوي العام وكذلك بسياق الوقائع المرتبطه بتلك النصوص من ناحيه ثانيه ، ليخرج في النهايه بتفسير موضوعي قدر الامكان لايتأثر كثيرا بموقفه الفكري المسبق .
هناك نصوص تستخدم كثيرا لتبرير العقول باحتواء الاسلام على المنظومه الديمقراطيه :
وهي نصوص تتعلق بمفهوم الشورى ومفهوم البيعه ومفهوم الاستخلاف وكذلك قيم الكرامه والعدل .
ان للشورى مواصفات خاصه ، واذا اردنا ان نكون موضوعيين ، ليس بمقدورنا ان نتجاهلها وهي :
1- انها عمل يصدر عن الحاكم او صانع القرار وانها اختياريه في اجرائها واستشاريه في نتيجتها ، (( وشاورهم في الامر فأذا عزمت فتوكل على الله )) .
2- انها مقصوره على اهل الحل والعقد اي على النخبه الاجتماعيه كواقع تاريخي .
3- انها منظومه قبليه سابقه على الاسلام ، تعبر عن متطلبات الحياة في جماعات صغيره .
4- ان هناك مفهوما ورد به نص ديني قد يجعل المسأله اكثر تعقيدا مما تبدو ، هو مفهوم طاعه أولي الامر ، (( ياأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم )) . (( النساء - 59 )) .
ومهما يكن من تفسير عبارة اولي الامر ، فهنا يكون مفهوم الطاعه في حد ذاته لايتوافق مع مبدأ المشاركه في صنع القرار السياسي ومساءلة السلطه ومراقبتها وسحب الثقه منها ، والذي هو جوهر العمليه الديمقراطيه .
اما مفهوم البيعه فهو اتفاق يجري بين طرفين ويلتزم كل منهما به تجاه الاخر ، وقد ورد في القران ذكر بيعة العقبه الاولى والثانيه ،،،،، (( لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجره )) ، الفتح 18- 19 ، (( ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله ، يد الله فوق ايديهم )) الفتح 11 ، .
وفي ( التوبه ، 111) ، (( ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنه ، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم )) ، ( مبايعه مع الله ) .
وهذه البيعات لم تكن من البيعات التي هي لرؤساء الدول ، اذ لم يكن من شأن النبي ان يصدر من القرارات الا ما أذن الله له من بيان وتوضيح للناس .
وعلى هذا يمكن القول :
ان الاسلام الدوله قد نشأ بعد ان انتهى امر النبوه والرساله .
وكذلك فأن بيعة اجتماع سقيفة بني ساعده لم تكن دينيه فقد وصل فيها الجدال حد أمتشاق السيوف ولقد حسم الامر عندما استجاب الانصار على لسان واحد منهم حين قال :
الا ان محمدا من قريش وقومه احق به واولى ،،،،،،، وما تلى ذلك من احداث ادت الى الضغط على علي بن ابي طالب لكي يبايع ابا بكر .
وان كل تلك الامور هي خارج النص الديني الاساسي اي القران .
والبيعه في مجتمع تقوم الشرعيه فيه على القوه القبائليه او العشائريه ، من الصعب ايجاد صله بينها وبين عملية الانتخاب العام من خلال الاقتراع السري المباشر.
وفيما يخص ( الاستخلاف ): ان الله استخلف الانسان ليكون خليفته في الارض لادارة شؤون الحياة على اساس من الحق والعدل ، ورعاية المصلحه العامه للناس وتستدل نظرية الاستخلاف على ذلك بالنصوص التاليه (( واذا قال ربك اني جاعل في الارض خليفة ))، (( البقره ، 30- 33 )) . (( ياداود ، انا جعلناك خليفه في الارض فأحكم بين الناس بالحق )) ،( ص 21 ) .
و(( وعد الله الذين امنوا وعملو الصالحات ليستخلفهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم )) ،(( النور، 55 )) .ان تحليل هذه النصوص يبين لنا ان المسأله ليست بالبساطه التي تبدو بها .
فخلافة ادم ، رغم انه خلق ليكون خليفه في الارض استقر اولا في الجنه وليس في الارض ثم حدثت واقعة الاغواء التي اعتبرت خطيئه عوقب عليها بالهبوط الى الارض هو الشيطان ، تنفيذا لرهان عقد بين الله وبين الشيطان .
وهكذا نرى ان هبوط ادم من الجنه الى الارض لم يكن لخلافة الله ، بل كان عقوبه على خطيئه .
واما خلافة داود فيمكن فهمها على انها الملك ، بينما خلافة المؤمنيين فهي تعني الفوز في نهاية الامر .
وفي كل الحالات مادام الهدف من خلق البشر جميعا هو عبادة الله وفقا للنص القراني الصريح فالخلافه هنا لاتعني السياده المطلقه بل هي نوع من التفويض المشروط بتنفيذ التعاليم الالاهيه .
1- قيم الكرامه والعدل :
هناك نصوصا عديده في القران تتحدث عن الامر بالعدل والاحسان ((النحل ، 90 )) وعن الحكم بين الناس بالعدل ، (( النساء ، 58 )) وعن الامر بالقسط بين الناس ، (( ال عمران ، 21)) وعن امر الرسول بأن يعدل بينهم ، (( الشورى ، 15 )) وعن القوامه بالقسط ولو على انفسكم ، ((النساء، 13 )) وكذلك عن الكرامه .
لذا نرى هنا كيف يمكننا الاستدلالال على الديمقراطيه من خلال قيم العدل والكرامه دون ان نتجاوز نطاق النصوص ومعانيها وسياقاتها حصرا .
2- منظور الاستدلال المنطقي :
وهو منظور تتوقف فيه النتائج على نوع المقدمات الاعتقاديه المختاره .
فأذا كانت المقدمه الاعتقاديه تقول ان الله هو الخالق العادل فسنجد ان الاستدلال يمكن ان يكون على النحو التالي :
الله خالق كل شيء ،،،،، الله عادل فيما خلق ،،، وهنا يقتضي عدل الله في خلقه من البشر ان يكون :
كل البشر متساوين في الحقوق والواجبات وكل البشر احرار في فكرهم وسلوكهم حتى يمكن محاسبتهم على افعالهم وهذا الطرح يقودنا الى اعتبار ان المجتمع يجب ان يتكون من افراد متساوين جميعا واحرارا ويملكون القدره على اختيار مايفعلون .
وهل حقيقة هذا هو الموجود ، طبعا لا ؟...
واذا كانت المقدمه الاعتقاديه هي علم الله بمصلحة البشر الذي يتمثل في الشريعه فيمكن ان يجري الاستدلال على النحو التالي :
الله عالم بما فيه مصلحة البشر .
الله وضع في الشريعه كل مايحتاجه البشر .
اذن على الانسان ان يطيع اوامر الله كما يحددها اهل العلم من المتخصصين في الدين .
وهنا حكم الشريعه يجب ان يسود ، وعلى الافراد الطاعه ( حكم منافي للديمقراطيه قطعا ) .
3- منظور التاريخ الاسلامي :
هناك فتره في التاريخ الاسلامي لاتزيد 25 سنه هي عمر الاسلام ، وهي تقدس بشكل متميز .
هناك الغالبيه من الكتاب ويستثنى منهم القله ، تميل الى استثناء الفتره المعاصره للنبوه والخليفتين ابو بكر وعمر من اية خصائص عامه تنطبق على التاريخ البشري عموما بما فيه مجتمعات الجزيره العربيه في القرن السابع الميلادي ( الرابع الهجري ) .
كما ان هناك فتره اخرى هي القرن العاشر الميلادي ، ايضا يجري تمجيدها باعتبار انها شهدت حركه فكريه وعلميه مزدهره وهي التي اثرت في اوربا واستمدت منها حضارتها الراهنه .
تعتبر هاتان الفترتان ممثلتان للاسلام بينما يعتبر باقي التاريخ انحرافا عن الاسلام الحقيقي .
وهذا الموقف ينطوي على حيز ايديولوجي واضح .
وقد تتناقض فرضياته في احيان كثيره مع الوقائع التراثيه التي وردت في كتابات القدماء حول تلك الفترات من التاريخ .
ان مايميز التاريخ الاسلامي هو اتخاذ الصراع الاجتماعي والسياسي طابع ديني .
وهناك تشابك مابين الديني والدينوي والى دمج السلطه الزمنيه والدينيه معا في السلطه السياسيه .
ان هناك عوامل عديده اسهمت في التاخر الملحوظ في المناطق الاسلاميه ومن بين تلك الاسباب هو كيفية تعامل المسلمين مع الدين وخاصة مع الموروث الثقافي الديني والذي مارس لظروف تاريخيه معينه هيمنه على كافة مجالات المعرفه .
4- المنظور الايديولوجي :
ان القراءه الايديولوجيه تعالج النص من خلال منظور غير ديني مستمد من تصورات ومفاهيم ورؤيه فرديه للعالم والحياة ، بحيث يرى في النص مايعتقده ، لامايقوله النص .
والقراءه الايديولوجيه تعفي نفسها من تلك الضوابط الذي يلتزم بها كل من التفسير والتأويل في مجال الضوابط اللغويه والمنهجيه المعينه .
انها قراءه تستنطق مفردات النص كرها او طوعا بمفرداتها هي ، حيث تبين منظومه معينه من التصورات والمعتقدات ، تنشأ عادة ، بعيدا عن التعامل مع النص الديني اي في سياق معرفي وثقافي واجتماعي ينتمي لعصر مغاير تماما لزمن ورود النص .
وهي توظف تلك المنظومه لبناء تصور معين للمسألة الدينيه ، ولما يجب ان يكون عليه النص الديني اي مايجب ان يحتويه من مباديء وحقائق ونظم في مختلف المجالات .
والقراءه هذه ايضا هي تسعى للبحث عما يؤيد تصورها فيما ورد من كلمات او عبارات او اشارات هنا او هناك وفصلها عن سياقها اللغوي والوقائعي وذلك في سبيل تحميلها بالمعنى المراد الوصول اليه .
وقد يكون ذلك المنظور ليبراليا او اشتراكيا او اصوليا يتبنى مبدأ الحاكميه لله ويستبعد البشر تماما من اي عمليه تشريعيه .
ويضع التشريع الالهي في مواجهة التشريع الوضعي .
وقد يكون منظورها علمانيا ، والذي يعتقد ان السبيل الى معرفة الله هو القلب لا الفهم .
وانه سبيل فردي لا جماعي ، وان العقل هو سبيل الفهم ، وهذا المنظور يرى ان معارفنا جميعا بما فيها المعرفه الدينيه ، نسبية الطابع وتتغير بتغير شروط الزمان والمكان ، وهو يرى (( ان تصورات الانسان عن الطبيعه وعن الدين قابله للتغير والتحول طالما انها شأن بشري ( لاطبيعي ) وفي جوهره (( لاديني )) .
المصدر الاسلام والديمقراطيه تعددية المنظور - الدكتور عاطف احمد .
مجلة الطريق اللبنانيه ،،، العدد الاول السنة 62 .

كتب الموضوع بتصرف من قبل الباحث .
نشر الموضوع من قبل صباح الكلمشي بتكليف من قبل الباحث وذلك للوضع الخاص لعيون الباحث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه ديموقراطيه الاسلام
emad.emad ( 2016 / 12 / 16 - 09:28 )

قال تعالى: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 67] وهذا الأسلوب (إن - إلا) من أقوى أدوات الحصر والقصر والإفراد والتوحيد، و(إن الحكم): (إن) هنا نافية بمعنى (ما) أي (ما الحكم) (إلا لله)، فاستخدم أسلوب القصر بأداة الاستثناء إلا - وهي أم الباب وأقوى أخواتها في الدلالة على الحصر والقصر - ففيها نفي الحكم عما سوى الله، وقصرت الحكم على الله وحده لا يشرك معه فيه أحد، وأوجبت إفراد الله وحده بالحكم وتوحيده به، كما في قوله تعالى: { وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا } [الكهف: 26] فهي في دلالتها على التوحيد والإفراد ككلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، وكقوله تعالى ﴿-;- {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] .

والحكم المطلق يشمل الحكم الكوني القدري، والحكم الشرعي الأمري، والحكم القضائي الجزائي الأخروي، إلا إن المراد هنا الحكم الشرعي الأمري أصالة والقدري والجزائي تبعا، لأنه رتب عليه قوله تعالى: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [يوسف: 40] .

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا