الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنيا : عروس المحروسة

مصطفى محمد مهران

2016 / 12 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كثيرون يكتبون عنها "عروس الصعيد" وربما "عروس المحروسة" هو الأقرب إلى الصواب، إذا سرت على الكورنيش كأنك بالإسكندرية، ولو تجولت فى أحياء "أرض سلطان" تشعر أنك فى قصر البارون ، وان سهرت فى فنادقها وكافيهاتها تعتقد انك فى مقاهي باريس ، وحينما تزور القرى والنجوع والعزب تشعر بكرم أهلها ودفء قلوبهم.
في عام 2007 وبعد ظهور تنسيق الثانوية العامة ، لم أكن أعلم أن الأقدار ستقذفني إلى ما كنت أخشاه ، حينها انضممت الى كلية السياحة والفنادق جامعة المنيا ، ولا أعلم يومها غير أنها مدينة زراعية ، وأهلها يلقبوننا أي "الأسايطة" ب"يهود مصر".
لكنني لم أكن أعي أن أنها ستكون مهبط قلبي ، ومنبع نجاحي ، ومنشأ أقرب المحبين ، وأصل كل ما حققته إلى الآن ، لم أكن أعلم انها ستكون من أقرب البلدان إلى قلبي ، فمنزلتها عندي كمنزلة مكة عند محمدنا(ص).
تعتبر المنيا متحفاً وسجلاً قديماً لكل العصور التي مرت على مصر ، وتذخر المنيا بالمزارات الفرعونية والرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية ، والتي نادراً ما تجدها سوى في متحف في المتاحف ، وهذا ما يجعلها من أكثر محافظات مصر ظلماً بما فيها من مقومات مهدرة ، لا يكون العائد منها سوى تطبيق عملي لمنظومة الارشاد السياحي بالمنيا ، فتعمل تلك المؤسسة التعليمية على زيارة طلابها سنوياً لمناطق الآثار الوفيرة بغرض التدريب العملي.
أما عن السياح فقليلاً ما تجد من يزورها منهم ، وربما يرجع ذلك إلى نقص الدعاية السياحية لها ، بالإضافة إلى حوادث التطرف والفتنة الطائفية التي تتكرر حوادثها سنوياً ، هذا كله مع تفضيل شركات السياحة للاقصر وأسوان في برامجها ، مما غض الطرف تماماً عنها ، لإبعادها عن مكانها الصحيح على الخريطة السياحية.
ولا نخشى أحداً حين نقول إن وجود المنيا في دولة عربية هي ظلم بيَّن لهذة المدينة الحضارية العريقة ، ولو كانت في اقليم آخر من بلدان الغرب لأصبحت من أشهر المدن التاريخية والسياحية .
أما عن شعبها ، فهم المنياوية ، أهل الطيبة والسماحة ، ولو كان للطيبة اسماً آخر لاشتق منهم ، وربما تلتمس هذة الطيبة من كلامهم المعتاد عن الدين والأخلاق والأمانة، تلك المفقودات التي تبخرت من مجتمعنا في أيامنا هذة ، بل تحسها من لهجتهم المميزة بمد الحرف قبل الأخير من آخر كلمة منطوقة ، لتضيف إلى كلامهم رونقاً مميزاً عن بقية لهجاتنا.
وربما كان لقاريء رأي آخر ، لكن هذا ما أشعر به تجاه هذة البقعة الخيرة من الأرض ، لما صادفته من نجاح وما قابلته من مشاعر طيبة من أهلها المخلصين ، ورغم هذا فأنا لا أنزهها عن النواقص أو أرفعها إلى مرتبة الكمال ، لكن من يريد أن يقترب من تقييمه فليقف فوق سنين حضارتها ، وحين يحدد عيباً فليحِله إلى حكامها.
أما القاعدة العامة في تقييم الشعوب لا تخرج عن أن التقييم خطأ ، فليس هناك شعب صالح كله ، وآخر طالح نقيضه ، وانما عجينة الشعوب تنبني على الاختلاف والتنوع ، فكل شعب بل كل جماعة فيها الخير والشر ، بل كل رحم واحدة تنجب الملاك والشيطان ، ولعل في أخوة يوسف دليلاً ، أما الانطباع العام فيختلف حسب ظروف وأحوال كل شخص.
وأخيراً ، فأدعو الله أن يحفظ المنيا من كل سوء ، وأن يرزق أهلها مزيداً من المحبين لأهلها العاشقين لترابها ، عسى الله أن يكتب لي زيارتها مرة أخرى.



.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث إسرائيلي عن استمرار علمية رفح لمدة شهرين.. ما دلالات هذ


.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا




.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة


.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة