الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو وقف المصريون مع الرومان ضد عمرو !

عبدالله محمود أبوالنجا

2016 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تذكر كتب التاريخ الذى يكتبه دائماً ، من تقف الى جوارهم الشعوب وتعلى كفتهم على كفة خصومهم أن عمرو بن العاص هو من حرر المصريين من الاحتلال الرومانى ، وهذا كلام يناقض العقل والمنطق ، ولا يقصد منه الا استلاب العقل المصرى واظهار عرب الجزيرة الذين ينتمى اليهم عمرو بن العاص بأنهم أصحاب فضل على المصريين ، لأنهم - أى عرب الجزيرة - كما يزعمون قاموا بهزيمة الحاميات الرومانية وطردوها من مصر ، وبذلك فهم من حرروا المصريين من الاحتلال الرومانى !
دعونا نستخدم العقل والمنطق ، ونحلل الأمر تحليلاً واقعياً ومنطقياً ، دونما انحياز أو تأثر بالعاطفة الدينية ! كان تعداد المصريين فى ذلك الزمان يربو على عشرة ملايين نسمة ، وكانت تعداد الحامية الرومانية فى أى موقع لا يزيد عن خمسين جندياً . أما جند عمروبن العاص فان تعدادهم كان يزيد على أربعة آلاف جندى ، وكان يأخذون كل حامية فى طريقهم بكل سهولة نظراً لفارق العدد ، وللآثار النفسية التى تركتها انتصارات العرب على الرومان فى بلاد الشام !
العامل الأهم فى المسألة هو أن النخب التى كانت تسيطر على المصريين فى ذلك الزمان ، كانت قد توافقت مع نفوذ الدولة الرومانية ، ولم يكونوا ينظرون الى قواتها الموجودة فى مصر على أنها قوات احتلال ، بل قوات حماية لهم من الهجمات التى كان يشنها البدو على القرى الواقعة فى وادى النيل سواء القادمة من ناحية الصحراء الشرقية عبر شبه جزيرة سيناء أو القادمة من ناحية الصحراء الغربية عبر مطروح والسلوم ! كما كان للانتصارات التى حققها العرب على الرومان فى الشام أثرها فى عدم نهوض المصريين لمساعدة الحاميات الرومانية القليلة العدد فى جندها ، والذين كانوا يسارعون بالفرار حتى من قبل وصول قوات عمرو الى أى موقع من مواقع تلك الحاميات على الحدود الشرقية لمصر ، وذلك بالطبع كان تحت تأثير وقع الهزائم التى حاقت بالروم فى بلاد الشام . وربما يتبادر سؤال : لماذا لم يهب عامة المصريين للدفاع عن أراضيهم بدلاً من الحاميات الرومانية المنهارة أمام زحف قوات ابن العاص من جهة الشرق ؟ الاجابة ببساطة هى أن الشعب المصرى كان أيامها مهلهلاً بفعل صراعات النخب الحاكمة فى كل بقعة على الأراضى المصرية ، والتى لم يكن لها هم سوى التناحر على تملك الاراضى بما عليها من فلاحين ، من أجل تكديس الثروات فى خزائنهم الخاصة ، على حساب حماية مجموع القطر المصرى من التهديدات الخارجية ، اعتماداً منهم على قوات الدولة الرومانية ، التى كانت النخب الحاكمة تتقاسم معها ثروات المصريين مقابل حمايتهم وحماية اقطاعياتهم من التهديدات الخارجية ! كما أن دهاء عمروبن العاص وحنكته السياسية ، مكنته من استمالة كبار تلك النخب الحاكمة على الأرض المصرية ، ووعدهم بعدم المساس بمصالحهم وامتيازاتهم فى مقابل عدم استثارة المصريين وتوحيدهم وتسليحهم لدعم الرومان ضده ! ولذلك استطاع بسهولة تامة دحر الحاميات الرومانية الفاقدة للدعم الشعبى المصرى بسهولة تامة . حتى عندما أفاقت الدولة الرومانية وحاولت ارسال دعم عسكرى لقواتها المهزومة فى مصر ، كان الأوان قد فات ، وكانت الأمور قد استتبت لعمروبن العاص بعد توافقه مع كبار النخب الحاكمة فى كل اقطاعية من الاقطاعيات المتناحرة المنتشرة بصفة خاصة فى شمال القطر المصرى وبالأخص فى مدينة الاسكندرية . ماذا يعنى ذلك ؟ ذلك يعنى أن عمروبن العاص لم يتمكن من مصر وعموم الشعب المصرى الا بموافقة النخب الحاكمة فى مختلف الاقطاعيات الزراعية على الاراضى المصرية ، والذين راحوا يستبدلون المصالح الذاتية مع الغازى الجديد بدلاً من الغازى القديم ! وماأشبه الليلة بالبارحة ! فكما كانت هناك نخب تعاونت مع عمروبن العاص بالأمس للسيطرة على مصائر المصريين ، لدينا فى هذا الزمان أيضاً نخب استطاعت فى غفلة من القيادة السياسية فى عهدى السادات ومبارك التأثير على الرأى العام المصرى ، وتهييجه وتأجيجه للثورة على القيادة المركزية ، حتى كانت كارثة 25 يناير 2011 ! وحاولت تلك النخب تسليم البلاد لقوى اقليمية عقب ماأطلقوا عليه ثورة 25 يناير ، مع فارق جوهرى وحاسم وهو أن الأمس لم يكن فيه لدى الشعب المصرى من يتصدى لنقل تبعية البلاد من الرومان الى القوى الاقليمية التى كان يمثلها عمروبن العاص فى ذلك الزمان ، أما فى عصرنا هذا فقد برز دور الجيش المصرى والشرطة المصرية فى مواجهة مؤامرات النخب التى أراد بعضها تسليم البلاد الى قوى اقليمية ، وأراد البعض الآخر تسليمها الى قوى دولية !
بالطبع سوف يعترض العروبيون والاسلاميون على اطلاق كلمة غزو على ماقام به عمروبن العاص بموافقة الخليفة عمربن الخطاب فى ذلك الزمان ، انطلاقاً من العاطفة الدينية عندهم ، والتى تجعلهم يطلقون مصطلح " فتح " وليس " غزو " على الحملات العسكرية التى انطلقت فى فترات متباعدة لاخضاع المصريين لسلطة دولة الخلافة بحجة نشرالاسلام ، لكن ذلك لن يغير من حقيقة ماحدث على أرض الواقع فى ذلك الزمان ولو قيد أنملة ! ذلك الغزو الناعم هذه المرة ، والذى تحاول تكراره بعض القوى الاقليمية التى تعتبر نفسها وريثة الخلافة الاسلامية ، وذلك باستلاب العقل الجمعى للرأى العام المصرى ، تارة بقال الله وقال الرسول ، وأخرى باسم العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ! ويقينى الذى يعضده المنطق ويستخلصه العقل الحر من تحليل الحوادث والأحداث ، هو أن ماحدث فى ذلك الزمان كان بالنسبة للغزاة فتحاً لكل خزائن مصر والمصريين ينهبون منها مايريدون تحت مسميات شتى مابين جزية أو خراج أو زكاة ، لكنه كان فى نظر أهل ذلك الزمان من المصريين الذين عاصروا تلك الوقائع ؛ كان فى حقيقته غزواً بواسطة قوى أجنبية تغلبت على قوى أجنبية أخرى على أرض مصر طمعاً فى ثروات مصر والمصريين ، وكان نشر الدين مجرد حجة يخدع الغزاة بها أنفسهم أولاً حتى يوهمون أنفسهم وغيرهم بأنهم انما يفعلون ذلك لاخراج المصريين من الظلمات الى النور ، والحديث كما فى ذلك يطول ، فإنه أيضا ذو شجون !
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا اسلام ولا مسلمون في القرن السابع الميلادي
ال طلال صمد ( 2016 / 12 / 22 - 09:14 )
الاخ الفاضل - تحيه طيبه
في العام 641 ميلادي وبعد ان تم قتل الامبراطوره مارتينا زوجه القيصر هيركولوس وهي التي امرت جيشها بالانسحاب من الاسكندريه - قتلها العسكر وقطع اوصالها
وعندما عاد جيش بيزنطه طردهم الاقباط - حماه مصر ابدا - بقياده الاب بينيامين
لم يتواجد اسلام ولا نبي عربي قريشي في صحاري الربع الخالي في وقتها
ان الاقباط لوحدهم من حرر وطنهم
هنالك برديه مصريه تترحم على - عمر - والصليب امامه
من هو عمر يتوجب على علماء الاثار المصريون البحث
اشكرك -اسلم لاخيك
صمد ال طلال


2 - شكرا لمرورك أخ ال طلال صمد
عبدالله محمود أبوالنجا ( 2016 / 12 / 22 - 17:10 )
القارىء الكريم / ال طلال صمد
شكرا لمرورك الكريم وأنا أوافقك أن الكثير من تراثنا وتاريخنا يحتاج الى اعادة تدقيق والى غربلة شاملة حتى بعرف كل شعب من شعب المنطقة ماله وماعليه .
تقبل اطيب تمنياتى

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في