الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام جديد

جمانة زريق
كاتبة سورية

(Jumana Zuriek)

2016 / 12 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عام بعد عام تتوالى علينا الأيام وتهرب منا و نحن ننتظر معجزة تحدث في العام الجديد لتجعلنا سعداء و تأخذ عن ظهورنا كل أحمال حياتنا وكل ما يؤرق جفوننا. نركض لاهثين وراء العام الجديد فربما نجد كنز السعادة الذي نبحث عنه. نغلق عيوننا عن الحقيقة ونركض و نتسابق لنكون أول الفائزين بكنز السعادة المبتغاة. و تمر السنة ولانجد هذا الكنز الجميل فنضع آمالنا على السنة الجديدة. ونحن و في أثناء هذه الرحلة نغلق عيوننا تماماً عن بعض التفاصيل الصغيرة في حياتنا و التي غالباً ما تكون السعادة فيها دون أن نعي ذلك. ولكن ربما ما يجعلنا نتيه عنها هو أنها لا تأتي صافية كما نريدها و إنما تأتي مع شعور آخر وغالباً ما يكون نقيضها يلازمها أو يتأخر عنها قليلاً. ولعل الله جعل للشيء نقيضه لتكون الأشياء أوضح بالنسبة لنا نحن البشر، ولكن ومع ذلك ترانا نعمي عيوننا عنها، وكثيراً ما نسيء الظن بالله ولانفهم مغزى الأشياء إلا متأخرين, تماماً كما في قصة سيدنا موسى والعبد الصالح، فسيدنا موسى لم يستطع تحمل و تقبل مالم يحط به علماً، و نحن كذلك في كثير من الأحيان، نضيق ذرعاً بالأحداث من حولنا لأننا لا نستطيع أن نرى اللوحة كاملة، و نعجز عن فهم هذا التناقضات أو ما نعتبرها نحن تناقضات. فكنزالسعادة التي نبحث عنها و نتطلع إليها كل عام هي هذا الخليط الجميل من التعب والراحة، الحزن والفرح. فنحن لا يمكن لنا أن نعرف معنى الراحة دون أن نكون قد جربنا التعب ولا يمكن أن نعرف ماهو الفرح دون أن نشعر بالحزن. هذه التناقضات هي فقط ما يجعل الحياة جميلة و قابلة للاستمرار وإلا لأصبحت جحيماً لا يطاق. هذه التناقضات هي السر الإلهي الجميل في هذه الحياة ونحن نسعى بكل براءة أحياناً أن نتخلص منها و ذلك من خلال بحثنا عن السعادة المطلقة الدائمة التي لاتزول. فنحن وفي أثناء رحلة البحث عن السعادة المنشودة و السرمدية هذه نكون قد فقدنا السعادة المؤقتة الموجودة بين أيدينا دون أن نشعر بها، والحسرة دائما تكون عندما نكتشف متأخرين أننا فقدنا الاثنتين معاً طمعاً بما هو بمنظورنا الإنساني المنقوص أكمل و أجمل. ولعل السعيد في هذه الحياة هو فقط من أدرك حاضره و أسعد نفسه بما لديه مهما قل أو كثر، فالحاضر هو فقط ما نملكه ونستطيع أن نتحكم به فكفانا نبني أمالاً على الأعوام المقبلة و لنصنع سعادتنا من أيامنا هذه فكثيرة هي التفاصيل السعيدة المختبئة بزوايا حياتنا دون أن نراها أو نعي وجودها, ووعينا لوجودها سيمنحنا شعوراً بسعادة تجعلنا نتوقف عن التطلع للعام الجديد على أنه صندوق الأحلام، كما أنها تجعلنا نعي أن بعض الدقائق والساعات مع من نحبهم في نهاية هذا العام لربما تساوي سعادة العمر كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |