الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المعجزة ضرورية للإيمان؟

سعادة أبو عراق

2016 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل المعجزة ضرورية للإيمان
توارثنا مقولة دعوية بأن الأنبياء كان لهم جميعا معجزات تثبت نبوتهم للأقوام المبعوثين إليهم، هؤلاء الأقوام كانوا عصاة إلى درجة عدم قدرتهم على تصور إله خَلَقَ هذا الكون ويقوم بإدارته، وان هذه المعجزات تتفق مع الزمن الذي بعث فيه النبي، كما تتفق مع المناخ الثقافي السائد بين الناس، اذ تعتبر حالة خارقة لما هو سائد ومعروف، بل هي فوق قدرة البشر وطاقتهم مما يعني أن هناك قدرة خارج مجال معرفتهم وهي القدرة الإلهية، انهم لا يقدرون على معرفة الله إنما يستدلون عليه بقدرته على إجراء المعجزات.
إذن فالمعجزة التي حدثت على أيدي الأنبياء بلا جهد منهم أو تدريب، ما هي إلا تعزيزا لكون هؤلاء الأشخاص هم أنبياء موصولون بالله الذي أرسلهم لهداية مجتمعهم، ولقد عبر عنها الله في القرآن الكريم بالآية أو البرهان ،بما يدل على انها ليس إلا وسيلة إقناع.
ولأن هذا البحث هو من البحوث الإسلامية التي نشأت من افرازات التفكر بالقرآن الكريم، بمعنى انها ليست قرآنا إنما هي فكر اجتهادي مستنبط من فهم خاص لمجمل ما ورد في القرآن من دلائل على نبوة الأنبياء.
لذلك يجوز لنا التساؤل حول هذه المعجزات بعدة تساؤلات هي:
(1 ) هل كانت هذه المعجزات ردا عل تساؤلات الناس المترددين في قبول الدعوة الإيمانية؟
(2) هل كانت هذه الدعوة فعالة في ترسيخ الإيمان عند هؤلاء العاصين؟
( 3 ) هل كانت هذه المعجزات توطيدا لعزم الأنبياء للمضي في دعوتهم والتأكيد لهم على أن الله يدعمهم بما هو فوق طاقتهم البشرية؟
(4 ) هل يمكن ان نعتبر أي عمل خارق عن العادة هو من دلائل النبوة عند الله وبالتالي علينا أن نعتبر هذا الشخص نبيا أو مرسلا؟
1- هل كانت المعجزة ردا على تحديات القوم
إن معركة الإيمان التي تشتد أوارها مع اللادينيين يكون لها مبرراتها التي يفرزها التصادم بين القديم والحديث، وينقسم المجتمع حيال أي دعوة دينية وغير دينية إلى ثلاثة فئات:
أ- الفئة التي لا يعنيها موضع الإيمان لا يتساءلون عن مبررات هذه الدعوة ومسوغاتها ومواطن الصدق والوجاهة، ذلك أنهم يرفضون كل جديد مستحدث، إما لعدم قدرتهم على تقبل التطور والتغيير، وإما لعدم قدرتهم على فهم واستيعاب ما يقال، وإما لديهم قناعات ثابتة لا محيص عنها، وهو موقف ثابت ليس له امتداد.
ب_ فئة لا تمانع في الاستماع ومناقشة ما يقال، أسواء في الأمور الدينية أو السياسية أو العقلية، فهم يثيرون كثيرا من التساؤلات بناء عل موروثهم العقائدي والمعرفي، أو ما اعتادوه من تصرف وسلوك، وتعتبر هذه الفئة هي المستهدفة لكل دعوة ، لأن تساؤلها يكون نابعا من محاولتها للفهم أو محاولتها للدفاع عما تحمله من أفكار.
ت_ الفئة الثالثة هي الفئة التي استجابت للدعوة بشكل طبيعي، ويكون ذلك إما عن تساؤلات مبهمة قائمة في نفوسهم فوجدت اجوبة شافية، فاستجابت لها، وإما أن تكون واقعة تحت نير من المفاهيم السائدة كالعنصرية أو الاستبداد أو الفقر أو غيرها من أسباب البؤس، لذلك ترى في المبادئ الجيدة إنقاذا لها من ورطتها الحضارية، أو من المكان الخطأ الذي وجدت نفسها فيه دون إرادة منها أو تخطيط.
1- بالنسبو للفئة الأولى العاصية فإن المعجزات ليست ذات فائدة ترجى لأنهم يرفضون الموضوع بجملته، وإن كانوا يؤمنون بالمعجزات يكونون قد آمنوا برسالة النبي، وبما أنهم ليسوا مؤمنون بوجود الله فإنهم لن يؤمنوا أن المعجزات من عند الله.
2 - بالنسبة للفئة الثانية وهي المؤلفة قلوبهم فإن المعجزات كانت تتوجه إليهم كفئة مرشحة للإيمان والتصديق، فإن كان إيمانها عقليا بحتا فإن المعجزات لن تكون دافعا لها نحو الإيمان، فحينما تؤمن بقدرة الله على ابطال القوانين، فإنك لن تتفاجأ بأي معجزة.
3- اما الفئة الثالثة فإن استجابتها للإيمان دون تمحيص من العقل او الجدل والمناقشة ، فقد اسلمت كما اسلم الناس، فإنها لم تسأل عن معجزات، وبالتالي لن تفيد في إيمانها شيئا.
2- هل كانت المعجزة ضرورية للدعوة : لو استعرضنا كل المعجزات التي جرت على ايدي الأنبياء ، نجد انها قد ادت إلى عكس ما هو مؤمل، فواقعة الإسراء المعجزة الوحيدة الموثقة بالقرآن الكريم، لم تخفف من وطأة المشركين على الرسول والتضييق عليه، فقد حدثت بعدها الهجرة الحبشة ، وذهب الرسول إلى الطائف كي يتابع دعوته من هناك، وعاد وقد ازدادت الدائرة احكاما عليه، وتآمروا لقتله لكنه غادر مكة إلى المدينة، إذن لم تكن معجزة الإسراء مفيدة في نشر الدعوة الإسلامية.
وكذلك سيدنا عيسى عليه السلام الذي قال (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 49]) فهل جعلتهم هذه المعجزات من بني إسرائيل مؤمنين، لقد تأمروا عليه وصلبوه وتشتت أنصاره وحواريوه في العالم.
وأما موسى فهو أيضا لم تكن معجزاته في اجتيازه البحر هو وجماعته وتكليم الله له عاصما لهم من أن يضلهم السامري، فيعودون لعبادة العجل ،ويقولون اذهب أنت وربك وقاتلا إننا هنا لقاعدون.
ولو تابعنا كل المعجزات كمعجزة سيدنا نوح وإبراهيم ولوط وأيوب التي ظهرت على أيدي هؤلاء الأنبياء فإنها لم تكن فعالة ولم تؤت اؤكلها، بل كانت عاملا سلبيا، ويمكن ان نفسر ذلك بأن المعجزة لا تكون معجزة إلا إذا سبقها اعتقاد بوجود الله، الذي هو قادر على تغيير سنن الطبيعة، إذن فالمعجزة لا تكون قبل الإيمان إنما بعده، كما انها لا تفيد المؤمن ،لأنها غدت سلما غير ذي فائدة.
3- هل كانت توطيدا لعزم الرسل؟
سمعنا هذا القول عند كثير من الأئمة، بأنها كانت رفعا لمعنويات الرسل دعما لهم وتأييدا، اعتقد أن ذلك مجاف للصواب، لأن الرسالات النبوية جمعاء لم تكن جهدا ذاتيا فرديا، يمكن لهممهم ان تخور، فالله الذي اختارهم لهذه المهمة عرف كيف يبني فكرهم وقواهم وقدراتهم الخاصة المناسبة للمهمة وللمرسلين لها، وان رسول الله محمد لم يذكر ان الإسراء مثلا هو دعم نفسي له ولا روحي ولا بدني، وكذلكك جميع الأنبياء لم يذكر ان المعجزة تخصه فقط.
4- هل كل عمل خارق دليل نبوة
هذا سؤالا جدلي ،اعتمادا على مقولة المعجزات التي ليست من طاقة البشر، هي خصيصة الأنبياء فقط، ومن هنا نقول لو ان انسانا جاء بمعجزة لم يستطيعها البشر، فهل يكون نبيا؟ او يمكنه ادعاء النبوة؟ بالطبع لا نريد ان نصل إلى هذه النتيجة لأن النبوة ليس من لوازمها المعجزة.
إذن على الدعاة ان يكفوا عن التكلم عن معجزات رسول الله ومعجزات الأنبياء السابقين، وعلينا أن نتكلم عن المعجزات التقنية والعلمية العصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية