الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع المال... دون جدال!

محمد مسافير

2016 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المال... شيء جوهري في الحياة، أو هو الركيزة الأساسية للحياة السعيدة، وما دون ذلك من كلمات، ليست إلا تفاهات تروج لها جهات معلومة، لتسكن جراح التعساء، وتنفرد وحدها بالسعادة... المال!
كل جهود بني البشر مصوبة نحو اكتساب مزيد من المال، كل مشاكلهم هي بسبب المال، ووفرته فقط، هي الكفيلة بفك عدد كبير من العقد الملازمة لحشود البشر...
فماذا يعني المال؟ ولماذا هو مهم إلى هذا الحد أو ذاك...
إن الإنسان الذي يقضي معظم وقته أو كله في العمل الروتيني من أجل تحصيل المال، كأن يشتغل أكثر من عشر ساعات، وبالتالي تلزمه عشر ساعات أخرى من النوم، لا يعيش في الحقيقة إلا أربع ساعات في اليوم، لأن الوقت الذي أنفقه في ساعات العمل، هو وقت إلزامي – جبري ليستطيع أن يستمر في خوض غمار الحياة، والحياة الحقيقية تبدأ عند الإنسان في الوقت الذي يعيش فيه حرا، في وقت الفراغ الذي يتيح له فعل الأشياء التي يحبها، كالتجوال أو سماع الموسيقى أو الرقص أو غير ذلك... أما وقت العمل، فلا يعني إلا التوتر والاستلاب الذي بهما يفقد الإنسان كيانه... لذلك... تتربع دولة الدانمرك على قمة الدول الأكثر سعادة، لأن عمالها يشتغلون أقل عدد من الساعات، وينفقون الساعات الطوال في الإبداع والاستجمام...
والمال الذي يجنيه الإنسان مقابل عمله، يتيح له شراء عمل الآخرين، فمثلا، حين يشتغل الإنسان عقودا من الزمن، وينفق ماله في بناء بيت يخلصه من كلفة الكراء الشهرية، فإنه يكون ملزما بتتبع أشغال البناء يوما عن يوما، وشراء مستلزمات البناء، والتنقل من مكان إلى مكان، وهذا يسبب له جهدا إضافيا واستنزافا كبيرا للطاقة، لكنه حين يملك المال اللازم لشراء بيت، يكون فعلا قد خلص نفسه من عناء التتبع والمراقبة، أي أنه وفر وقت مديدا يمكنه من فعل أشياء أخرى أهم بكثير...
جميع المنتجات والمعروضات التجارية يسري عليها نفس القانون، فنحن نشتري على الدوام وقت الفلاح والطباخ والحداد والإسكافي والجزار... ونكون بذلك قد ربحنا وقتا إضافيا... إذن فبالمال نشتري الوقت، وبالمال... نعيش مدة أطول...
المال يخلق السعادة، لأنه يتيح لنا وقتا لنعيشها...
حتى في علاقات الحب، فلن يجادلني أحد في أن منسوب السعادة لدى الأزواج الأغنياء أكبر بكثير من ذاك الذي يعرفه الفقراء... لأن الفقير لا يستطيع شراء الكثير من الوقت، فبالكاد ينفق حياته ليعيل أسرته، أي أن الوقت الذي يستطيع فيه أن يعيش السعادة، يتقلص كليا حتى يقترب من الصفر، إنه لا يستطيع الخروج عن روتين العمل – البيت، لن يستطيع الخروج وزوجته في نزهة أو سفر، لأنه لن يقوى على تكاليفهما، والسعادة التي تحصرها جدران البيت، ليست إلا مسخ سعادة... لكن كل هذا يهون على الميسور...
المال – الوقت يخلق الإبداع...
فذاك الذي يملك مالا أوفر، يملك وقتا أطول كي يسرح بخياله حيثما يشاء، ويبدع لوحة أو قصيدة أو أغنية، يملك حظا أوفر لصقل مواهبه، وكم من موهبة تضيع بسبب الإملاق والغوص في وحل إكراهات الحياة...
نحن خاضعون لا محالة لواقع قهر الذات...
فالبلدان المتخلفة عموما، حيث شح الموارد وضآلة الميزانية وتفشي قانون الغاب، تقوم بعصر جهود عمالها عصرا، واستنزاف طاقاتها إلى حد لا يطاق، وفرص العمل تكاد تنعدم، أي أن ما ذكر سلفا تصعب، ولا تستحيل، ممارسته في دولة تتقلص بها الاحتمالات والإمكانات، والذي يشترط ظروفا على هواه... يبقى بلا عمل... لذا فنحن مخيرون فقط بين التعاسة... والتعاسة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علامات استفهام وأسئلة -مشروعة- حول تحطم مروحية الرئيس الإيرا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن نبأ مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي




.. دعم وقلق.. ردود فعل على حادث طائرة الرئيس الإيراني


.. ردود فعل دولية وعربية بشأن وفاة الرئيس الإيرانى إثر حادث تحط




.. الشعب الإيراني مستاءٌ.. كيف تبدو الانطباعات الشعبية بعد موت