الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سأهنىء حتى الملحدين بأعيادهم !

عبدالله محمود أبوالنجا

2016 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دعونا نتفق على أن روح الأديان السماوية وغير السماوية ؛ انما هى فى نشر المحبة والتعاون والسلام بين البشر جميعاً ، من أجل تحقيق حياة حرة كريمة لبنى البشر عموماً سواء أكانوا من أتباعها أو من غير اتباعها ، وهذا بالضبط ماتلمسته بكل صدق وبكل أمانة حتى فى فكر الملحدين الجادين الذين يرون أن الديانات السماوية وغير السماوية تحرض أتباعها على التماسك والتكاتف فى مواجهة أتباع الديانات الأخرى ، وأن تلك الديانات فقدت مصداقيتها عندما فقد أتباعها البوصلة ، واتجه أتباع كل دين الى استغلال دينهم وشرائعهم ونصوصهم المقدسة فى الاستعلاء على أتباع الديانات الأخرى والحشد ضدهم بزعم أنهم هم وحدهم على الحق المبين وفوق الصراط المستقيم ، وأن كل من هو على دين غير دينهم ، سيكون فى الآخرة من الخاسرين ! والحقيقة أن الملحدين على حق فيما يأخذونه على أتباع الديانات السماوية بصفة خاصة ، لأن كل طائفة من أتباع الديانات السماوية ، راحت توظف الدين توظيفاً سياسياً طبقاً لهذا التوصيف الذى يوصِّف به الملحدون أتباع الديانات السماوية ! بل حتى فى المذاهب المنبثقة عن الدين الواحد ، نرى قادة كل مذهب يحشدون أتباعهم فى مواجهة أتباع المذهب الآخر ! ودعونا نسأل : هل مايقوم به القادة الدينيون أو قادة المذاهب المنتمية لنفس الدين ، من تحريض لأتباعهم ضد أتباع الدين أو المذهب المخالف يتوافق مع جوهر الرسالات والأديان السماوية ، التى تدعو أتباعها الى نشر المحبة والتعاون والسلام بين البشر جميعاً ؟! أم أن ذلك التحريض والتحشيد فى مواجهة الآخر سيؤدى بالضرورة الى الصدام والتطاحن والاقتتال ومن ثم الدمار والخراب لكلا الطرفين المتقاتلين ؟! وهل يرضى الله الذى أرسل رسله لنشر المحبة والرحمة والتعاون والسلام بين البشر جميعاً ، عن نهج وسلوك من يحرضون ويحشدون بهدف نشر الفتن والبغضاء والاقتتال بين الناس ؟! لا أعتقد أن الله خلق البشر وأسكنهم فى الأرض لتدميرها وتدمير بعضهم البعض بالاقتتال والتناحر والتطاحن ، لأن ذلك لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون منهج الإله الخالق لكل البشر ! لا يمكن أن يكون الإله - حاشاه - عدوانياً وشريراً تجاه من صنعهم بيديه وأسكنهم الأرض لاعمارها ! انما هى أطماع البشر فى استعباد بعضهم البعض ، وسلب خيرات وثروات بعضهم البعض !
تلك الخواطر أثارها فى نفسى وفى عقلى أحد الشيوخ المنتمين للسلفية عندما كان فى احدى حلقات برنامج العاشرة مساء ، الذى يقدمه المذيع المصرى وائل الابراشى على قناة دريم الفضائية ، عندما أفتى ذلك الشيخ بعدم جواز تهنئة الأخوة المسيحيين بأعيادهم الدينية ، وعلل ذلك بقوله أن تهنئة الأخوة المسيحيين بعيد القيامة مثلاً ، هو اعتراف ضمنى بما يعتقده الأخوة المسيحيون بقيامة عيسى - عليه السلام – من قبره بعدما صلبه الرومان ! وأن ذلك يعتبر مخالفاً لماورد فى القرءآن بأنهم ماصلبوه وماقتلوه ولكن شُبه لهم ! وانا هنا أسال ذلك الشيخ ومن هم على شاكلته : هل تهنئة الأخوة المسيحيين لنا بأعيادنا تعنى أنهم تنازلوا عن معتقدهم المسيحى واعتنقوا الاسلام ؟! بالطبع هو يعلم علم اليقين ان تهنئتنا للأخوة المسيحيين بأعيادهم أو تهنئتهم لنا بأعيادنا لن تغير من معتقداتنا أو معتقداتهم الدينية شيئاً ، ولكنها الروح الطائفية فى الحشد والتحشيد وبث الفرقة والتناحر والتطاحن بين أبناء الوطن الواحد بهدف هدم الدولة المدنية التى يكرهها هو وأشباهه ، هى التى تجعله يصر على ترويج مثل تلك الفتاوى التى تدمر ولا تعمر ، والتبرير لها بتطويع نصوص القرءآن لما يخدم هدفه الخبيث وأهداف من هم على شاكلته ! ألا يعلم ذلك الشيخ بأن جوهر كل الرسالات السماوية هو نشر المحبة والتعاون والتراحم بين البشر كافة ، وليس بين أتباعها فقط ، من أجل اعمار الكون ؟ وأنا أذكر نفسى قبل أن أذكر ذلك الداعية السلفى وأمثاله بأن من سوف يحاسب البشر على معتقداتهم فى اليوم الآخر هو رب البشر وليس من حق البشر أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على بعضهم البعض فى مايؤمنون ومالا يؤمنون به ، بدلاً ممن خلقهم وأحياهم وأسكنهم فى الأرض ، كى يعمروها ، ولن يعمروها الا بالمحبة والتعاون والتراحم والتكافل ! وكفاكم جميعاً توظيفاً للمذاهب والأديان من أجل تحقيق أغراض سياسية طائفية تدمر ولا تعمر ! كفاكم نشراً للطائفية والعداوة والبغضاء بين البشر وبعضهم البعض ، وتذكروا أن مجرد تبسمك فى وجه أخيك فى الانسانية صدقة ، فمابالنا بتهنئة الناس بأعيادهم الدينية وغير الدينية ؟! أنا شخصياً ساهنىء حتى الملحدين بأعيادهم لو كانت لهم أعياد ، وبالطبع هؤلاء الناس ليس لهم أعياد دينية ، لكننى لن أتوانى عن تهنئتهم بأية أعياد يفرحون بها وتدخل على نفوسهم البهجة والسرور ، فهم اخوتنا فى الانسانية ، ولا اكراه فى الدين ، ومن يقل بالاكراه فى الدين فهو لن يعدو كونه طالب حكم أو سلطة ويجعل من الدين وسيلة رخيصة لتحقيق مآربه وطموحاته الدنيوية !!!
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج