الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يمنع احتفال المسلمين بميلاد المسيح

سعادة أبو عراق

2016 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في شهر محرم، يصوم كثير من المسلمين يومي تاسوعة وعاشورة ، أي التاسع والعاشر من محرم، وهذه السنة نبوية مؤكدة، وكما جاء عن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما وما ذكره البخاري ومسلم في صحيحيهما : (قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى اللَّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه)
إذن فصيام عاشوراء سنة نبوية اقتدى بها المسلمون منذ العهد النبوبة إلى اليوم، ذلك انه يدل على إيمان المسلمين بالأنبياء والرسل الأقدمين، والذين لهم فضل الهداية وإبلاغ رسالة الله، والإيمان بالرسل وتقديسهم هي أحدى أركان الإيمان، ( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله )، وفي حديث آخر (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) ولكن المحدث الأكبر كان وهب بن منبه.
إذن بما انه لا فرق بين أحد من رسله فإنه اعتمادا على القياس، فما الذي يمنع من أن نحتفل بميلاد المسيح؟ كما نحتفل بميلاد سيدنا محمد؟ ونحتفل بنجاة سيدنا موسى؟ انه تساؤل برسم المناقشة.
ومن وجهة نظري الشخصية أن هذا العمل سيحقق إذا تم تبنيه والعمل به ما يلي:
1- إن الاحتفال بمولد سيدنا المسيح عليه السلام ما هي إلا رسالة قوية إلى المسيحيين ، أقوى من كل الكلمات التي تقال بهذه المناسبة والتبريكات البروتوكولية التي تبث في الفضائيات والإذاعات والجرائد، ولطالما اجتمع علماء الدين المسلمين ورجال دين مسيحيين للبحث عن سبل التقارب بين الأديان ونزع فتيل التوترات والمنازعات التي نستنكرها على الدوام، ومن هنا واعتقد أن هذا الفعل سيكون لكمة قوية للجماعات المتطرفة من المتدينين المسلمين والمسيحيين وحشرهم في الزاوية وجعلهم في منطقة النبذ والازدراء.
2- لا استبعد أن يذهب المسيحيون بعدها إلى أن يحتفلوا بعيد المولد النبوي، من باب رد الجميل، وهذا يجعل التقارب أكثر قوة وحميمية، وأدعى إلى نبذ ما علق بالذهن وما فعل السفهاء منا ومنهم.
3- وكما اعتقد أن الاحتفال يعيد ميلاد المسيح بالصوم إلى الله مثلا، أو بقراءة ما ورد في القرآن عن سيدنا عيسى وأمه مريم، في جو احتفالي تعبدي، يقربنا إلى الله الذي سيثيبنا عليه أيضا، كما يثيبنا على صومنا في يوم عاشوراء بان يمحو ذنوبنا الصغيرة.
4- إن التقارب بين المسلمين واليهود والمسيحيين كان وما زال على مدى العصور، تقاربا ودودا ، فما هو معروف في ديننا بالإسرائيليات المبثوثة في الفقه والأحاديث والتفسير وقصص الأنبياء والترهيب والترغيب، ليست إلا واحدا من هذا التلاقح، إنه الواقع الذي لا نستطيع إنكاره بغض النظر عن رأينا به، أما المسيحية فقد أخذنا عنها تقديس الخبز فالمسيحيون يعتقدون أن دم المسيح تحول إلى خمر ولحمه إلى خبز، ومن هنا جاء تقديس الخبز من دون سائر الأطعمة، علما انه لم يرد ذلك التقديس للخبز في حديث شريف أو مذهب إسلامي أو رأي فقهي، إننا نتوارث تقديس الخبز فلا نرميه إنما نقسم عليه كأنه القرآن، ونقبله ونضعه على رؤوسنا، فكيف جعلنا هذا المفهوم المسيحي للخبز اسلاميا، أي مفهوم تقديس نعمة الله علينا، وكيف أخذنا الاحتفال بعيد الفصح إلى يوم الأموات أو خميس البيض كما هو في فلسطين، إذ كنا نوزع صدقة عن أرواح أمواتنا؛ بيضا ملونا بقشر البصل، وحلويات وفطائر وقطين وزبيب وراحة وملبس وغيرها، وتشميت العاطس، كما نسمي كومة القمح على البيدر (صليبة) جريا على تسمية المسيحيين، إذ يضعون الصليب على هذه الكومة تبريكا لها وتعظيما.
5- وهناك أمثلة كثيرة من هذا التلاقح، الذي حدث بسبب الفطرة السليمة السمحة، وإنه لم يحدث إلا على بساط من فهم التدين فهما صحيا، بأنه وسيلة تقارب وليس تمزيق المجتمع البشري.
ان الذين يعترضون على هذا الرأي المقترح، يشككون في صدقية مولد المسيح، ويدللون على الفرق بين التقويمين الشرقي والغربي، وإن كان هذا التساؤل وجيها، فنتساءل؛ هل يوم عاشوراء هو يوم إنقاذ اليهود من فرعون هو فعلا ذاك اليوم انقذهم منبطش فرعون؟ وهل ذهب احد الباحثيين في التاريخ اليهودي ليعلمنا اي فرعون كان من الفراعنة وأي يوم كان ذلك؟ وهل يوم الثاني عشر من ربيع الأول هو يوم مولد الرسول محمد (ص)، وهل كان من عادة العرب أن يسجلوا ميلاد أولادهم، وهل كان عند العرب تقويم؟ إن الاحتفال في هذه الحالة ليس مرتبطا بيوم محدد، انه يوم اصطلاحي، لتعظيم المحتفى بهم.
أما الذين يقولون إن الإسلام لم يفرض غير عيدين هما الفطر والأضحى، فدلوني على آية في القرآن الكريم تقول احتفلوا بعيد الفطر أو الأضحى، إن الاحتفال هو سنة، فما ذكره القرآن هو (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله...) ولم يقل اعملوه عيدا، والنحر لغير الحجاج سنة وليست عبادة، وصلاة العيد هي أيضا سنة: وكذلك عيد الفطر، فلماذا التضييق فيما أباحه الله، فلنا الحق أن نحتفل بأية مناسبة نريدها.
والذين يأتون بحديث رسول الله «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟ » ويرون في مقالي هذا مخالفة لقول رسول الله هذا، فهل حينما صام رسول الله يوم عاشوراء كان اتباعا لليهود، وصيام المسلمين يوم عاشوراء اتباعا لليهود، إن ما ارمي إليه هو تعظيم لسيدنا المسيح وليس اتباعا للديانة المسيحية
إذاً فلماذا لا نحتفل بميلاد المسيح بالطريقة التي تناسبنا؟ ويحتفل المسيحيون بالمولد النبوي بالأسلوب الذي يرونه أيضا؟ وننصهر في بعضنا كما انصهر أسلافنا من عصور مضت ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة


.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصم




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بقت واج