الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة المثقّف في روج آفا

صلاح الدين مسلم

2016 / 12 / 26
القضية الكردية


بينما كنت أقضمُ صباح الثقافة الكرديّة بوجع المتأمّل في وهَن المثقّف المترنِّح على جدار المسافة، بين دخان التطلّع إلى المستقبل والغبارِ المتصاعد من فوّهة تاريخ الإبادة، كنت أنتظر مواعيد مشاريع التثقيف لدى مثقّفي روج آفا على مضض المتأمّل لونَ المترقّب كتابة تاريخ الثقافة الكرديّة أبداً، المخفيّة في اتّحادٍ يجمع المثقّفين، أو اتّفاق لهم ضمن بوتقة أو سقف يحضّرهم لخوض معركة التنوير المترافقة مع ثورة روج آفا التنويريّة، وإذْ بعدّة مجمّعات لهم تشابه الأحزاب المترامية هنا وهناك، المتشظّية المنشطرة كالنواة، والتي تبحث عن الشهرة والإعلام والمجد أكثر من البحث عن أزمة المثقّف الكرديّ أو العربيّ أو السريانيّ... في روج آفا أو في سوريا أو في كردستان أو في الوطن العربيّ أو في الشرق الأوسط، وكأنّ هنالك هدفٌ الآن يكمن في جمع شتاتهم، كما هو أمل جمع شتات الآراء السياسيّة المتشظّيّة في كردستان...
كان المثقّف الكرديّ ولم يزل يقلّد مثقّفي السلطة، ففي روج آفا وباشور ظلّ المثقّف يرى بعين المندهش المطأطئ رأسه أمام المثقّف العربيّ، وكذلك المثقّف الكرديّ في باكور الذي لا يرى أحداً مثقّفاً سوى المثقّف التركيّ وكذلك في روجهلات... حتّى أنّ أولئك المثقّفين المتشظّين الروجآفايين على سبيل المثال كانوا يظنّون أنّ سليم بركات الذي يكتب باللغة العربيّة بلغة لا يفهمها العرب أنفسهم، ويظنّون أنّهم أقاموا ثورةً من خلاله، فكانوا يقرؤون كتبَه بشغفٍ دون أن يفهموا شيئاً ممّا يكتب، حتّى أنّ الكاتب نفسه لا يعرف ماذا يكتب؟ وكانوا منبهرين بجلال صادق العظم وبرهان غليون وعبد الرزاق عيد... حتّى انهالوا كلّهم على الكرد بعد الثورة السوريّة بالمسبّات والكلام البذيء، وخاصّةً بعد كلّ انتصارٍ عظيم مدوٍّ للكرد، وخاصّة بعد انتصار كوباني، الذي كشف كلّ مستور، إذْ لم يتسنَّ حينها للمطليّ بقار الغباء والتسلّط الثقافيّ أن يبحثَ عن كرسيّ السلطة، ويدخّن بشراهة المصانع سيجارةَ الجثث، لِتمضغ بقرفٍ خمسة آلاف عامٍ من ترقيعات الإبادة.
هكذا أضحت ثورة روج آفا ثورة تنويريّة ثقافيّة قبل أن تغدوَ ثورة الامتداد والتوسّع، لكن ما يحزّ في النفس هو هذا التشتّت الثقافي دون البحث عن مسؤولية الكلمة، ومسؤولية المثقّف، أكان الالتزام بقضايا الأمّة دنوّاً من الأخلاق أم كان أدباً ثوريّاً بعيداً عن الفنّ كما صوّره البرناسيّون الحالمون المتخلّفون عن ركب التاريخ؟
تداعيات هنا وهناك وأقوال هنا وهناك عن أنّ هناك فارقاً ما بين المثقّف والسياسيّ، ولا دور للمثقّف في روج آفا، وأنّ انشغال المثقّف بالمشاكل الحزبيّة يؤثّر على التثقيف برمّته، والثقافة ليست سياسة، ويجب أن يكون المثقّف حياديّاً إرضائيّاً لكلّ الأطياف... فبات عرض المشاكل دون البحث عن الأسباب والحلول همَّ المثقّف التنظيريّ، وباتت الإشكاليّة بين المتعلّم وبين المثقّف هو الاختلاط الذهنيّ ما بين دوّامة العصف والألم دون التفقّه في آليات الحلول، أمن حلولٍ للمثقّف؟ هذا ما سيبحثونه من الآن فصاعداً، وبات ما تحت الرماد يبحث عن ثورة المثقّف في روج آفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدابير جديدة من بايدن لتسهيل أوضاع آلاف المهاجرين


.. نشرة الخامسة | مباحثات لمنع حرب بين إسرائيل ولبنان.. وبايدن




.. تصاريح إقامة وعمل للمهاجرين المتزوجين.. تدابير جديدة من بايد


.. المتحدث باسم اليونيسف: أهل غزة صامدون وهناك روح لم أرها من ق




.. غرق عشرات المهاجرين بعد تحطم سفينتين قبالة إيطاليا