الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفع الستار عن نصب شهداء الكرد الفيليين

محمد الكحط

2016 / 12 / 31
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


رفع الستار عن نصب شهداء الكرد الفيليين


محمد الكحط –بغداد-

وأخيرا وجدت هذه الأم لستة شهداء، شيئا يعوضها عن قبور أبنائها الشهداء، انها لا تعلم كيف انتهت حياتهم وأين دفنوا، وحتى قبل ان يتم رفع الستار عن هذا النصب، فهي تأتي كل يوم جمعة لتذرف الدموع وتوزع الحلوى، على المارة.
فعند تقاطع ساحة بيروت وسط شارع فلسطين في بغداد، أرتفع نصب شامخ يمجد شهداء أبناء شعبنا من الكرد الفيلية، الذين تمت تصفيتهم في أقبية سجون النظام الدكتاتوري الفاشي البائد، هؤلاء الشباب الذين أبوا أن يكونوا ضمن ماكنته الإجرامية وأجهزته القمعية، كانوا شبابا في عمر الزهور، اختطفهم من عوائلهم وأودعهم السجون وتعرضوا للتعذيب دون أي ذنب أو جريمة اقترفوها، بعدها تمت تصفيتهم بطرق إجرامية وقبورهم لازالت مجهولة، في أبشع جريمة في نهاية القرن العشرين، حيث صمتت أنظمة ودول العالم المدعي بالديمقراطية عنها في حينها، مما جعل المجرم صدام وأعوانه يتمادون في مماراساتهم الـلا إنسانية، فتم تهجير العوائل العراقية من أبناء شعبنا من الكرد الفيلية، بعد تجريدهم من كافة أملاكهم ووثائقهم، وإبعادهم قسرا لخارج الحدود في نية مبيتة للقضاء عليهم، لكن اليوم أنتهى الجلاد وزبانيته إلى مزبلة التاريخ، وها هم الشهداء في صفحات المجد ترتفع رايتهم وسط بغداد. سيغدو هذا النصب رمزا ودلالة تاريخية على بشاعة جريمة ووحشية النظام المقبور.

ووسط أجواء مشحونة بالعواطف الحزينة والذكرى المؤلمة وفرح قيام هذا الصرح الذي يمجد الذكرى العطرة للشهداء ويخلدهم، في حضور رسمي وشعبي كبير من مسؤولين وعوائل الشهداء والقوى الوطنية وممثلي منظمات المجتمع المدني ومن الشخصيات الوطنية، تمت إزاحة الستارعن هذا النصب، يوم الجمعة 30 ديسمبر/ كانون الأول 2016، مع معارض لصور الشهداء وللفن التشكيلي من نتاجات الأطفال، وبعد كلمة الترحيب عزف النشيد الوطني، ثم الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء وتلاوة آيات من القرآن، ألقى السيد فؤاد علي أكبر عضو مجلس محافظة بغداد كلمة مؤثرة شكر فيها الحضور وكل من ساهم في انجاز هذا النصب الذي يرتفع اليوم شامخا وسط بغداد، بعدها قرأت أناشيد وقصائد عن الشهداء، وأرتفعت قرب النصب شجرة الميلاد مزينة بشكل جذاب وكأنها تعلن ميلاد الشهداء من جديد، ثم توجه نعش رمزي ملفوف بالعلم العراقي من آخر الساحة ليوضع جنب النصب وكأن الشهداء يرقدون هنا، فالنظام الدكتاتوري لم يسمح حتى بمعرفة مكان دفن المفقودين، ليغطي على جرائمه الكثيرة.
وفي لقطة رمزية ومبهرة تم إطلاق حمامات السلام إلى السماء لتحلق في فضاء العراق الواسع الجميل، فها هي أرواح الشهداء ترفرف هنا، وذهب الطغاة إلى مزابل التاريخ.
كما قرأ العديد من القصائد وشارك أطفال بإشراف السيدة سميرة فيلي في تقديم الأناشيد، ووصل الحفل العديد من الرسائل وبرقيات التهنئة بقيام النصب، والتضامن مع شهداء الكرد الفيلية.
ان هذا اليوم يعيد للأذهان دور أبناء شعبنا الأصلاء من الكرد الفيلية في بناء الدولة العراقية فقد كان لهم شرف المساهمة في نضالات الشعب العراقي من أجل التحرر والخلاص من الطغيان وجور الأنظمة المتعاقبة التي حكمت العراق منذ النظام الملكي وآخرها النظام الدكتاتوري الفاشي، هذا النظام الذي أرتكب أبشع الجرائم الإنسانية بحقهم.
فكانت لهم مساهمات ثقافية نوعية ، ولازالت رموزهم الثقافية تشكل ركنا أساسيا من الثقافة العراقية، وكما هو معروف ان الثقافة الفيلية متنوعة غنية ، ثقافة متأصلة صمدت عبر التاريخ، رغم ما تعرضت له من تهميش، وهي ثقافة مسالمة كما هم مسالمون وغدت شخصيات مثل العلامة مصطفى جواد والفنان أحمد الخليل والفنان رضا علي والفنان جعفر حسن والفنان سلمان شكر والفنان صلاح عبد الغفور والفنان سليم البصري (حجي راضي)، والنحات إسماعيل مايخان، رموزا وطنية، وكذلك شعراء عراقيون مبدعون أمثال، جميل صدقي الزهاوي وجليل حيدر وبلند الحيدري وزاهد محمد وعبد الستار نور علي وغيرهم، أما في الرواية والأدب بشكل عام منهم غائب طعمة فرمان وعبد المجيد لطفي، وعشرات غيرهم، ومن الأبطال الرياضيين العراقيين المعروفين منهم الكابتن أنور مراد وجلال عبد الرحمن ومحمود أسد وصمد أسد والعداءة كوثر نعمة وجاسم غلام وسلام شاكر وعزيز عباس والملاكم إسماعيل خليل وعبد الحسين خليل وغيرهم ممن كانت لهم مساهمات بارزة في مجالات ثقافية واجتماعية مختلفة.

النصب من إبداع الفنان مقداد أحمد مهدي، ويحكي مأساة الكرد الفيلية بتفاصيلها، فالجذع المغروس في الأرض التي هجروا منها مرورا بالعذابات التي مروا بها لحين عودتهم من جديد، يتألف النصب من ثلاثة أجزاء متراكبة ومتداخلة، الأسفل عبارة جذوع الأشجار المغروسة بالأرض، والجزء الأوسط عبارة عن مجموعة من الأواني –طاسات-، رمزا لرش الماء خلف المسافر ليعود بسلام، وبجوار الأواني جدار من الطابوق يرمز إلى بغداد التي انطلقت منها عمليات التهجير، والى الحاجز الذي وضع بينهم وبين وطنهم العراق، كما توجد ثلاثة وجوه محاطة بالقضبان وهي تعبر عن الشباب المحتجزين ومن ثم تم تغييبهم، وفي جهة أخرى توجد أبواب وشناشيل ترمز إلى أزقة الكرد الفيلية وأبواب دورهم، في المناطق الشعبية، أما الجزء العلوي من النصب فنجد عائلة فيلية الأب والأم والأخت والزوجة، في زيهم التقليدي، ومن وسطهم ينبثق تجسيد الشاب المقيد والمعصوب العينين، أنه الشهيد.
لشهداء أبناء شعبنا من الكرد الفيلية ولكل شهداء شعبنا المجد والخلود وللطغاة الخزي والعار.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني