الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمييز الاجتماعى عبر التعليم فى مصر

ايمن عبد العزيز البيلى

2017 / 1 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


التعليم المصرى بلا شك اصبح تعليم طبقى وتمييزى واضح وبلا مواربة بالنظر الى خريطة التعليم المصرى نجده منقسما الى انواع متعددة الحكومى المجانى والحكومى بمصروفات (التجريبيات اللغات والرسمية العربية)والخاص والدولى بنوعيه(الناشيونال والانترناشيونال) وبالتاكيد فان ذلك هو نتاج سياسات تعليمية واقتصادية بدات منذ منتصف السبيعينات من القرن الماضى مع اتجاه الدولة لسياسة الانفتاح وبدات الدولة فى التخلى عن دورها فى تقديم الخدمات الاجتماعية ومنها الصحة والتعليم واتجهت الدولة الى ادخال القطاع الخاص فى مجال الاستثمار فى التعليم ومن ثم بدا التعليم الخاص بمصروفات وبدات خريطه التعليم تتحول الى فاعل اساسى فى احداث الطبقيه الاجتماعيه ثم بدات الدوله بعد ذلك فى التغول على حق التعليم المجانى للفقراء وهم الاغلبيه من خلال (المدارس التجريبيه لغات) وهى ادخال التعليم الخاص بشكل التفافى عبر تحويل بعض المدارس الحكوميه المجانيه الى مدارس بمصروفات ومن هنا يتاكد اننا امام تعليم تمييزى وامام اهدار لحق اصيل من حقوق الانسان الا وهو حق التعليم المجانى وايضا تاكيد على ان نصوص الدساتير المصريه من منتصف السبعينيات من القرن العشرين وحتى الان تبقى حبر على ورق فى النصوص الخاصه بالتعليم

ولاشك ان السياسات الاقتصاديه قد صنعت ثقافه استهلاكيه سائده غلب عليها المظهر والشكل دون الفكر والمضمون وانعكس ذلك على التعليم بعد ان هيات الدوله البيئه التعليميه المتعدده الانواع وفرضت على المجتمع تلك الانواع من التعليم المرهق ماليا والذى يستنفذ 48% من دخل الاسره المصريه اضافه الى سياسات افشال التعليم الحكومى المجانى عبر ادخاله فى منافسه غير متكافئه مع التعليم الخاص والدولى من حيث الخدمه التعليميه مما يدفع اولياء الامور الى الحاق ابنائهم مرغمين بالتعليم الخاص خوفا عليهم وحرصا على مستقبلهم ولنا ان نتاكد من ذلك انه فى عام 2015-2016 تم بناء 100مدرسه حكوميه مقابل التصريح ببناء 300مدرسه خاصه من قبل وزاره التربيه والتعليم وفى ذات الوقت نجد ان وزاره التعليم فى ظل الوزير الحالى الدكتور الهلالى الشربينى قد اتجهت بوضوح الى دعم التعليم الخاص من خلال مايسمى مشروع الاستثمار فى التعليم بمنح اراضى الدوله الى رجال الاعمال مجانا بحق الانتفاع من 30-40 عام لانشاء مدارس خاصه بمصروفات ضاربا بالدستور ونصوصه الخاصه بالتعليم عرض الحائط ومهدرا حق من حقوق المواطنه وهو حق التعليم المجانى للجميع

ان تلك السياسات التعليميه لها اثار تنعكس بالسلب على المجتمع المصرى فمن الناحيه النفسيه نجد طلاب المدارس الحكوميه المجانيه يشعرون انهم مواطنيين من الدرجه الثانيه وكذلك المعلمين فنقص الخدمه التعليميه داخل المدرسه بالمقارنه بالتجريبيات والمدارس الخاصه نجد فارق فى المستوى التعليمي وفى مستوى المعرفه والسلوك والعلاقات داخل المدرسه مما ينعكس بالسلب على التنشئه المفترض انها تربويه تعليميه تشرف عليها وزاره فى حكومه فى دوله مثل مصر واذا كانت المدرسه هى المؤسسه التربويه المسئوله عن تكوين سلوك الطلاب الذين يشكلون فى النهايه المجتمع فى المستقبل فان امن المجتمع يظل مهدد نتيجه لتهميش دور المدرسه عمدا من خلال ما يتلقى طلاب المدارس الحكوميه من تعليم وتربيه وما يتلقاه اقرانهم من تعليم وتربيه ولنا ان نتسال عن انتشار التطرف والجريمه والارهاب والامراض الاجتماعيه بكل انواعها فى الاطراف وفى المناطق الفقيره رغم وجود مدارس مجانيه حكوميه مجانيه فطلاب تلك المدارس فقدوا البوصله النفسيه وقارنوا بينهم وبين ابناء الاغنياء من خريجى المدارس الخاصه ففقدوا الامل فى الحصول على فرصه فى الحياه

ثقافيا نجد ان تعدد انواع التعليم بمستويات مختلفه خاصه المدارس الدوليه والسوبر خاصه خرجت عن اطار المجتمع وقيمه حيث يتم تدريس مناهج الدول الاجنبيه للطلاب المصريين وايضا تربيتهم على سلوكيات خاصه بمجتمعات تلك الدول مما يعنى وجود شرائح فى المجتمع لا تؤمن بفكره الانتماء وتنظر الى المجتمع بمنظور طبقى علوى بعد ان تم تغريبها عن الواقع فى ظل غياب رقابه من وزاره التعليم على تلك المدارس وهذا الغياب متعمد لانه يتسق وسياسات الدوله اتجاه التعليم

علينا ان نعرف ان هناك فى مصر مناطق محرومه تماما من اى شكل من اشكال التعليم(2377)منطقه فى (17)محافظه حتى العاصمه فكيف لابناء تلك المناطق ان يحصلوا على الحد الادنى من المعرفه اذا لم يحصلوا على حقهم فى معرفه القراءه والكتابه اى وباختصار فان هؤلاء المواطنين لا يسمعون عن التعليم الخاص او التجريبى او الدولى او حتى يستطيعون كتابه اسمائهم

ان المسئوليه تقع كامله على الدوله المصريه ممثله فى ادارتها السياسيه وفى مؤسستها التشريعيه وفى حكومتها ممثله فى وزاره التعليم التى تحولت الى اداه لصناعه الطبقيه فى المجتمع وترسيخ التمييز الاجتماعى بكل اشكاله عبر تعليم حكومى افشل عمدا وانحياز كامل لكل اشكال التعليم الموازى المتعدد والمنتج لشخصيه تعانى من ازدواجيه نفسيه وثقافه مغتربه وعدم انتماء وفقدان للهويه الوطنيه والذاكره المعلوماتيه وفى ظل استمرار تعدد انواع التعليم واستمرار سياسات وزاره التعليم بهذا النهج الفاقد الى الرؤيه وتحديد الاهداف العامه من التعليم لصالح المجتمع وليس لصالح الاغنياء وفى ظل غياب خطه استراتيجيه واضحه وسياسات محدده لتحقيق هذه الخطه ومعايير قياس اداء نقيم بها اداء التعليم المصرى ونتائج خطته فان التعليم المصرى سيبقى اداه للطبقيه والتمييز الاجتماعى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رقم قياسي جديد لعملة البيتكوين الرقمية | الأخبار


.. أطيب كيكة ليمون




.. انشغال نواب بتصفح هواتفهم خلال جلسة البرلمان يستفز الأردنيين


.. بارنييه يقدم استقالته للرئيس ماكرون ووزير الدفاع الأقرب لخلا




.. -علف الحيوانات والقمامة-.. للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة