الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبى الأكرم سيرته ... وحياته .... - المقدمة -

محمود جابر

2017 / 1 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقدمة الكتاب ...........




إن حياة النبى الخاتم "صلى الله عليه وآله" مثل الكتاب المفتوح، الذى يمكن للقارىء أو الباحث أو المعتقد أن يجد فيها كل التفاصيل التى تثير الإهتمام وتخلب اللب، كلما بحثت فى كل جزء فيها، وتعمقت فى تفاصيلها، حيث أنه لم يحدث أن تم تسجيل وقائع حياة أى نبى أو معلم أو مصلح آخر تسجيلا مفصلا – بغض النظر عن صحة الحوادث من عدمها- بمثل هذا التفصيل ومتاح للجميع الإطلاع عليها.

وكما أن كثرة المرويات كانت جيدة للباحثين والدارسين، فإنها فى الوقت ذاته أعطت النقاد الماكرين فرصة كبيرة للنيل من محمد "صلى الله عليه وآله" ومن الإسلام، ولكن فى الوقت نفسه فإن الرد على تلك الإفتراءات أمر ليس بالعسير.

إن الحياة الغامضة التى لا يعرف الناس شيئا عنها وعن تفاصيلها قد تسلم من النقد ولكنها لا تفلح فى بث الإقناع وزرع الثقة فى قلوب من يتبع أو يبحث، وفى المقابل فإن الحياة الغنية بالتفاصيل المدونة، مثل حياة محمد تثير فينا – نحن المسلمون- التأمل العميق ومن ثم التثبت والاقناع .

ومع هذا كله فإنه من الصعب تقديم سيرة حياة كحياة النبى "صلى الله عليه وآله" التى كانت واضحة كالكتاب المفتوح، وشديدة الثراء بما تحتويه من والقائع والمواقف والعبر والعظات والدروس .

فمن المعلوم ان الجاذبية التى تخلقها دراسة منهج إصلاحى أو ثورى أو إعتقادى تظل جاذبية محدودة، مالم تصحب هذه الدراسة معرفة واضحة وشاملة عن المعلم الأول والمؤسس الذى أسس هذه المدرسة أو قدم هذا الكتاب – القرآن – لنا، فهو المصدر الأصلى والمتفق على حفظه دون العبث .

ولهذا نجد النبى (صلى لله عليه وآله) قد إهتم بالكُتاب والحُفاظ وجعلهم ضمن الدوائر القريبة منه منذ البداية وحتى الكتاب المنُزل حرص النبى محمد على أن يتركه مجموعاً ومرتباً وفقا لما أنزل، فكانت السيرة الخاصة به والكتاب (المتنزل) من عند الله كلهما معا منذ اللحظة الأولى .

من هنا فنحن أمام تراث حفظ ووثق، وحتى الأمور التى زادت عليه – سيرته صلى الله عليه وآله - بحسن نية أو بسوء من السهل التصدى لها وتفنيدها بشكل كامل وفق المنهج العقلى ومنهج القرآن .

وما أكثر الكتب والمجلدات التى وضعت فى السيرة النبوية الشريفة، وعلى هامش السيرة، بالطرق المعهودة؛ طريقة السرد الروائى والتوثيق التاريخى من الرواة، ولكن هل كتب أحد يوما شيئا مما يمكن أن نسميه ( ما وراء السيرة)، بعيداً عن رتابة الكتابة السردية غير النقدية، أو تحزب الرواة والكتابة المذهبية والمللية، أو الغرضية، ومحاولة إثبات صحة مناهج البعض من خلال إختلاق الوقائع التأريخية المنسوبة إلى النبى ؟!!

والمنهج الصحيح – من وجهة نظرنا – الذى يجب أن ينطلق منه الكاتب أو المؤرخ حول تاريخ النبى؛ يجب أن يكون معطي كلياً، وليس هناك سوى القرآن الكريم معطى كلياً ومحدداً لمعالم سيرته – صلى الله عليه وآله – ومنهجا للكتابة .

إضافة للمنهج القرآنى يجب أن يصحب ذلك منهجاً تحليلياً لا أكثر، وإستنباطياً قائم على عقلانية تفاهمية، للأسف الشديد، لم نجدها عند الأقدمين من كُتاب السير والتأريخ حتى الآن – إلا القليل- وأكثر من ذلك، إن المستشرقين – على سعة إطلاعهم – لم يأتوا ببحث يذكر فى هذا الميدان . وتبقى دراساتهم هزيلة مقارنة بعظماء الفكر والتاريخ فى الغرب ممن قاموا بالكتابة عنهم وعن حياتهم. وقد اعتمدنا على منهجية هؤلاء فى مواضيع متعددة من الكتاب .

ولعل الذى يمكننا من دراسة السيرة النبوية هو الاعتماد المقتصر على القرآن كمصدر أساسى كما اعتمدنا على العلوم الإنسانية ومنهجيتها المنفتحة على الحضارة والإنسان، ولعل القرآن وحده جمع بين دقة التعبير والكلمة المثيرة والعمق الكونى والوضوح الكامل البيّن، بعيداً عن الأساليب الوهاجة والمشوبة دوما بالضبابية .

والحقيقة الدينية المحضة لا يمكن مقارنتها إلا ببحث رهيف وعقلانية تفهمية ومعرفة دقيقة، وهنا ما أريد الإلحاح عليه أن النبى لعب دوراً كاملا فى بلورة الإسلام بكل جوانبه الحياتية الإجتماعية والقيمة الأخلاقية والسياسية الحاكمة والإقتصادية التعاملية والتبادلية بحيث لم يترك للمعتقد أو للمتابع والقارىء أى مساحة رمادية أو مظللة، ولكن ترك الجميع على المحجة البيضاء .

وهذا الكتاب دراسة تحليلية فى " نص" سماحة السيد القائد على الخامنئى القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والنص فى أصله عبارة عن خطبتى جمعة يعرض فيهما السيد الخامنئى منهجاً فريداً فى قراءة السيرة النبوية ويترجمها إلى منهج حياة للمؤمنين المحتشدين والسامعين والمتلقين لهذه الخطبة أوالقارىء و الباحث الذى سوف تقع هذه الخطبة بين يديه بعد ذلك .

وهذا " النص" هو نموذجا للسرد التأريخى عن ميلاد النبى "صلى الله عليه وآله" وحياته ومنهج فى الدعوة والحكومة الإسلامية وتعامله مع الصديق والعدو ورغم قصر النص مقارنة بكل كتب السير إلا أن – الراوى – إستطاع أن يدخلنا إلى عالم النبى الأكرم بعبارات موجزة ودلالات بالغة الدقة، لم نلمح فيها أى بعد طائفى أو مذهبى ولكن كان النص فى أصله من أوله إلى نهايته منهج حياة لكل المؤمنين على إختلاف مشاربهم وانتمائهم المذهبى دون إضطراب أو إختلاف ....
النص يلخص الموقف الصحيح للسيرة النبوية العطرة .

فالسيرة النبوية ليست دروس تقرأ على مسامع الناس فى المناسبات، والجُمع، والمحافل، ولكنها طريقة حياة للمسلم ( الفرد) وللمجتمع( الجماعة/ الأمة)، وهى التى تحدد زاوية الرؤية والسلوك العملى وقبلها القيم المجتمعية، ومن خلالها تخلق مجتمعا متجانس متراحم متكامل مستقل ومقاوم للظلم والطغيان والأهواء النفسية، ومن خلالها يستطيع المجتمع أن يكون قوياً فى وجه المؤامرات والتحالفات الشيطانية؛ وإما مجتمع مفكك ومتنازع وتابع ومنقوص السيادة على أرضه لا يستطيع أن ينظر فى قضاياه الداخلية إلا بالقدر الذى يحدده من يستعمره أو يستحمره، مجتمع يسوده العنف والإرهاب وإختلال القيم.

كلا النموذجين السابقين يخضع لمفهوم الفرد والمجتمع لشكل معرفته بتراثه الدينى وحياة النبى "صلى الله عليه وآله".

أما عملنا فى هذه الدراسة فيتضمن ثلاثة فصول وخلاصة :

الفصل الأول : منهجية كتابة السيرة:

يحتوى على مقاربة منهجية جديدة، أو بديلة للمنهجيات السابقة فى معاينة السيرة النبوية وعرض لنماذج ثلاثة من كتاب السيرة، وهم إبن إسحاق، وإبن هشام، والواقدى.

ثم قدمنا منهجاً حول الخطأ والصواب فى السيرة النبوية مع محاولة الإستفادة من مناهج العلوم الإنسانية كعلم الإجتماع والإدارة .... الخ .

وكذا المنهج النقدى فى كتابة السيرة، والشروط الواجبة فى دراسة السيرة، ونقد منهج كتب السيرة، وأخيرا منهج تقويم السيرة، وأحد أهم النماذج فيه هو النص محل الدراسة .
الفصل الثانى: عبارة عن نص السيد الخامنئى " فى رحاب النبى الأكرم"، الخطبة الأولى والثانية،

الفصل الثالث : وهو تحليل للخطبتين السابق ذكرهما من خلال تطبيق الإجراءات المنهجية السابق ذكرها وتطبيق ذلك على النص الأصلى قيد الدراسة .

الكتاب، أو الدراسة شرحاً مفصلاً فى كيفية تناول السيرة النبوية لأكرم وأشرف وأطهر البشر سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وآله".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو