الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محو التفكير في المدارس

ناجح شاهين

2017 / 1 / 4
التربية والتعليم والبحث العلمي


(ثم يسألونك من أين تأتي داعش!)
- ان من واجب الأب ان يربي ابنه على مبادئ الشيوعية الحقة.
- أو ان من واجب الاب أن يلقن ابنه مبادئ المسيحية الأرثوذكسية.
- أو إن من واجب الأم أن تزرع في ابنتها العقيدة الهندوسية الصحيحة.
ما هي ردة فعلنا تجاه هذه العبارات؟ نفرح بها إذا كنا شيوعيين أو ارثوذكس أو هندوس؟ نتهمها بقمع حرية الفكر والتعبير وإلغاء العقل إن كنا علمانيين أو مسلمين أو بوذيين؟
قرأت العبارة التالية في سياق سؤال أجب بنعم أو لا للصف السابع في إحدى المدارس:
"ان من حق الابن على أبيه ان يربيه على الايمان بالله ومبادئ الاسلام."
لاحظوا الصيغة، من حق الابن، ليس فقط من واجب الأب، وإنما من حق الآبن. من حق الابن أن يفكر أبوه نيابة عنه. محاولة لطيفة لتزيين التلقين بإعطائه صفة الحق.
بالطبع جواب العبارة هو نعم او صح كبيرة.
بمعنى ان الابن يجب ان يلقن الاشياء بدلا من التفكير فيها، وإذا كتب التلميذ اشارة خطأ بجوار العبارة فإنه يخسر العلامة.
عوضا عن منح التلميذ الفرصة للتفكير فيما حوله، فإن واجب الاب ان يفكر بالنيابة عنه ويلقنه قواعد الاشياء. وهذا يناقض بطبيعة الحال فكرة منح الطفل الثقة بعقله، وتشجيعه على أخذ القرارات بنفسه، وتنمية مهارات المحاكمة العقلية لدية بما في ذلك استخدام الاستدلال المنطقي الاستناجي او الادلة المختلفة من أجل تطوير وجهات نظرة في الحياة.
وبالطبع لا ينسجم هذا مع تنشئة التلميذ لكي يكون مواطناً متعقلا ايجابيا ومتسامحا يستخدم عقله الحر المستقل في مواجهة ما يطرأ من أمور ووقائع. ومن الواضح ان ما يحدث هنا هو الغاء لتفكير الصغار وتدمير لقدراتهم العقلية، وصولا الى تحولهم الى آلات عاجزة عن تأمل الوقائع والظواهر المختلفة. وهو بالطبع امر يتسع ليشمل مناحي حياة الطفل المختلفة الى حد عدم القدرة على اتخاذ القرارات المبنية على التفكير في حياته الشخصية او في مجال السياسة او الفن أو الدين أو أي شيء آخر. ولا يغفر لنا أبداً أننا نلقي الخطب طوال الوقت عن تنمية التفكير بأشكاله المختلفة. "خطب" نواصل الاستماع لها في رام الله وعواصم الاخوة العرب منذ عقود من الزمان، بينما تحافظ الممارسة على وفائها للتلقين وحظر التفكير بلا هوادة.
لا جرم أن التفكير السقراطي في القرن الخامس قبل الميلاد الذي يقوم على الحوار والمجادلة المستندة إلى الأدلة العقلية والتسلسل الاستنتاجي المنطقي الذي نستخلص منه عقلياً نتائج تلزم بالضرورة عن المقدمات، ما يزال بعيداً جداً عن ممارستنا التعليمية الوثوقية التي تطلب من التلميذ أن يسلم عقله وجسده وروحه تسليماً أعمى لإرادة الكبار الذين يفكرون له وعنه كيما يظل أعمى البصر والبصيرة طوال عمره.
ثم يسألونك من أين تأتي داعش وأخواتها وبنات عمومتها!
ثم يسألونك لماذا لا ننجح في الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج على الرغم من تضخم المساحة والسكان من منافسة "إسرائيل" أو إحدى جامعاتها في مجال البحث العلمي في أي فرع انساني أو طبيعي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة