الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين المأساة والحقيقة أشواط حضارية كبيرة من التجسير العملي.

عماد صلاح الدين

2017 / 1 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو اننا حقا ندرك الحقيقة التي نحن عليها، والاسباب الحقيقية لشقائنا في هذا العالم العربي، او اننا ندرك الطريق الحقيقية نحو خلاصنا من مآسينا وأوجاعنا نحو طريق نهضتنا وحريتنا وكرامتنا، لو اننا ادركنا كل ذلك، لما كان ويكون هذا الوجع والمرض العربي المزمن الذي نعانيه، ليس من اليوم، وانما من وقت طويل طال عمره حتى هدّ كل اركاننا ومقومات عيشنا الكريم.
في الحقيقة نحن لا ندرك شيئا معتبرا من حقيقة الصورة الجامعة لهذا الوجع والاسى العربي من كل الجوانب جميعها تقريبا. ان ادراك الوجع او المرض او ادراك طريق الخلاص منه، يجعل الطريق للخروج قصيرا او ليس على كل هذا الطول والتطاول في الزمن الذي امتد علينا ردحا كبيرا من الزمن، وعشنا فيه ايضا ردحا طويلا من اجيالنا واعمارنا.
انا هنا كمفكر اخلاقي او اجتماعي لا استطيع ان اضع نظرية كاملة ومتكاملة للخروج من مأزق الحقيقة المرة الى رحابة الحقيقة المانحة لخيرنا وسلامنا، ومن الاساس لشفائنا من كل الامراض الاخلاقية والاجتماعية المعششة فينا منذ قرون عديدة. وانما صارت قناعتي ان الطريق التي كوّنت هذه المأساة العربية القرونية المتطاولة الوقت والاجيال، جاءت عبر تراكمات ممتدة ولا زالت مستمرة من قبول المرض الاخلاقي والاجتماعي، وبالتالي التحرك والعمل تحت وصايتهما وظلالهما؛ انها اجرائية يومية وشهرية وسنوية وحتى مئوية سنوية تصب في هذا التشكيل اللا اخلاقي واللاحضاري، حتى صرنا في حقيقة المرض والامراض والتشوهات والتراجعات التي نعيش دون ادراك حقيقي لها او قدرة على ابتكار العلاج الانساني والحضاري لها. ومن المؤلم جدا اننا كلنا ندعي ادراك الحقيقة وامتلاك الحلول والمعالجات، ولكن الحال كما هو دون تغيير او حتى تقدم منظور في الخروج من واقع التخلف والمرض والفقر والتراجع المستمر الذي نحياه لحظة بلحظة دون امل حقيقي او ثقة حقيقة بايقافه او توقفه يوما ما.
وبظني ان طريق التقدم نحو ادراك الحقيقة التي نعيش على ما عليها من سوء وتراجع لا يتوقف نحو ما هو أسوأ، يحتاج على الجهة المقابلة لما ذكرناه اعلاه، الى اجرائية مختلفة او تسير نحو عكس مراكمة الجهل واللاوعي والتخلف الانساني على اكثر من صعيد، وهذه الاجرائية المعاكسة عمادها هو المراكمة الايجابية الانسانية على شتى الصعد خصوصا ذات الاهمية الكبرى وذات الاولوية في الاجتماع الانساني سواء على صعيد بناء الانسان الصحي والاجتماعي او بناء ادراكه الاخلاقي والثقافي والمعرفي وتطوير قدراته التفاعلية الفاعلية ضمن دوائر عيشه وتواجده الانساني سواء في السياسة او الاقتصاد وعموم الاجتماع. انها اجرائية تراكمية وايجابية تدرّجية ولو اخذت مدى زمنيا وجيليا طويلا ليتشكل فيما بعد ذلك التطور الحاصل شيئا فشيئا على صعيد القدرة على ادراك حقيقة المأساة العربية الشاملة من المحيط الى الخليج، ومعرفة مكامن اسبابها الانسانية والحضارية، ليتمكن فيما بعد الفعل الانساني العربي والمتجه بشكل حضاري الى الامام من وضع تصوره ويده على تلك الحقيقة ومكامنها السببية، وبالتالي لتتشكل القدرة الحقيقية على تصور ومعرفة الطريق نحو الحضارة العربية والانسانية التي يتمتع في ظلالها الانسان العربي بحريته كإنسان وبقدرته على الانبثاق وصنع نفسه ومجتمعه على تنوعه بطريقة كريمة ومتفاعلة لا ظلم فيها ضمن المرجعيات الاخلاقية والانسانية الحاكمة والضابطة وضمن ادوات المراقبة والمتابعة العدلية في القانون والسياسة والاجتماع لتحقيق ذلك العدل النسبي الذي يرنو اليه العرب اجمعون في خلدهم وضمائرهم، ولكنهم عاجزن عن ترجمته واقعا معاشا بسبب عمق التشوهات الحاصلة في جوانب حياتهم المختلفة وفي انفسهم على وجه الحقيقة ليس من اليوم او من حقب زمنية او جيلية قريبة، وانما من حقب زمنية وجولات قرونية طال امد عمرها علينا في الادواء الانسانية المشتركة التي تتكرر حيثما وجد التخلف والتراجع وهي هنا المرض والفقر والجهل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا